يوم السبت الموافق الرابع والعشرين من أكتوبر تعرضت المكسيك الي إعصار تم تصنيفه علي أنه إعصار من الدرجة الخامسة من حيث القوة, وهو ما يعني أن سرعة الرياح المصاحبة له تزيد علي155 ميل في الساعة..كانت سرعة الرياح لهذا الإعصار الذي إطلق عليه إعصار باتريشيا في حدود200 ميلا في الساعة..أي300 كيلومتر. عندما هبط علي المكسيك قلع الأشجار ونزع أرفف المنازل وكأنه ريح عاد وثمود. المفاجأة الكبري أنه لم يمت مواطن مكسيكي واحد جراء هذا الإعصار. بالمقارنة تعرضت مدينة الإسكندرية بعدها بيوم لأمطار غزيرة لا تقارن بتاتا بأمطار إعصار باتريشيا المكسيكي ولا برياحه وعنفه..ونتج عن ذلك مقتل تسعة مصريين وحصان وغرق للبيوت والمصالح والشوارع, حتي قاعات مكتبة الإسكندرية تسربت إليها المياه الغزيرة وربما تكون الكتب تلفت جراء ذلك. نحن في حاجة الي تفسير نتائج الحالتين..وما حدث في كليهما. بالنسبة للمكسيك, نجد أن كل وسائل الإعلام العالمية سواء كانت مقروءة أو مسموعة تقر معجبة بالدور الكبير الذي قامت به الحكومة المكسيكية في مواجهة الإعصار بإتخاذها كل ترتيبات الحذر والأمان, من إخلاء للمواطنين والسياح ومن إتباع إرشادات صارمة وواجبة التنفيذ, وهو ما أدي الي عدم إزهاق أي روح نتيجة هذا الإعصار الذي تم تصنيفه علي أنه الأقوي في التاريخ علي مستوي العالم. بالنسبة لمحافظة الإسكندرية والتي هي عروس البحر الأبيض سابقا والتي فيما يبدو أنها قد أصبحت شمطاء البحر الأبيض في زمننا..لم تأخذ المحافظة متمثلة في السيد محافظها ورؤساء أحيائها الأفاضل أي حذر لمواجهة الأمطار والعواصف والنوات, وذلك بتسليك البالوعات الموجودة وإضافة المزيد منها. علي العكس..عندما ذهبت لقضاء أجازة العيد بالإسكندرية وجدتها هذه المرة قذرة ومتسخة ومهملة وكأنها مدينة مكتئبة لا رغبة لها في الحياة..الزبالة في كل مكان أكواما أكواما..في شارع الكورنيش وفي كل شارع جانبي. كان المنظر وكأنه كابوس مخيف, وكأن الناس تعودت علي القبح والمنظر الذي لا يسر عدو أو حبيب. قلت في نفسي متعجبا:ألا يوجد مسئول في هذه المدينة العريقة والمفترض أنها سياحية..مثلها مثل برشلونة علي سبيل المثال والتي إن شاء حظك السعيد أن تزورها..فإنك لن تجد فيها بضع ذرات زبالة في شوارعها؟ إذا..هذا هو الفرق الكبير..الفرق بين الحضارة والتخلف..وبين الجودة والرداءة..بين المسئول الذي يؤدي وظيفته..وبين محافظ الإسكندرية. نحن نظن فتاكة وتخلفا أننا لن ندفع فاتورة الإهمال:مثلنا مثل الذي يطلب طلبات كثيرة في مطعم وليس بجيبه جنيه واحد ويظن انه سيهرب من الدفع.حياتنا أصبحت مسلسلا من الإهمال وعدم اللا مبالاة من أصغر موظف الي وزير خطير. لا أحد يهتم وكأن شعارنا:وأنا أتعب نفسي ليه, لما أقدر ما تعبهاش. ما أجمل الكسل في بلكونة الإهمال..أليس المثل الخالد في ثقافتنا:الكسل أحلي من العسل. طبقا لهذا المنطق الغريب فإن النشاط مر ومقرف, ولا داعي له. تحدث المأساة فيصير لنا رد فعل ثم يخبو بسرعة الضوء ونعود الي سابق الإهمال..بلغ بنا الإهمال أننا لا ننظف بالوعة, وأن لا نزيل قمامة أو أذي سوا كنا مواطنين أم مسئولين.. يحدث هذا رغم أن من أساسيات ديننا طبقا لقول النبي عليه السلام:النظافة من الإيمان. ما يعنيه هذا الحديث:أن القذارة والوساخة ورمي الزبالة من الكفر. لو أن خطباء المساجد تحدثوا عن الإصلاح البيئي في خطبهم وحثوا علي النظافة وعلاقتها بالإيمان لصلح حال العباد في المحروسة في ستة أشهر. عار علينا أن تسبقنا المكسيك بكل هذه المسافة, ونحن أصحاب الحضارات والذين ندين بدين من أساسياته النظافة. الجامعة البريطانية في مصر