بعيدا عن نظريات المؤامرة والتهويل والتهوين مما يحدث في المنطقة العربية التي لا يعرف احد ما سينتهي اليه حالها بعد كل موجات التغيير الضاربة فيها بعنف وفي أكثر من اتجاه, نتوقف أمام ما يثار هذه الأيام حول المملكة العربية السعودية في وسائل الإعلام الغربية- في الولاياتالمتحدةالأمريكية و بريطانيا تحديدا- بشكل يدفعك للتساؤل:لماذا السعودية الآن وفي هذا التوقيت؟ فالولاياتالمتحدة لم تنته من سوريا ولا من اليمن ولا من ليبيا لتفتح جبهة السعودية مبكرا, إلا إذا أرادتها فوضي عارمة تكون فيها السيطرة لميليشيات القوي التكفيرية المدربة والممولة بمعرفة الولاياتالمتحدة ذاتها. فمنذ أيام أذاعت قناة سي إن إن الأمريكية الإخبارية نقلا عن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أيضا مقالا للمحلل السياسي الامريكي روبن رايت تضمن خريطة تظهر فيها5 دول في المنطقة العربية بعد تقسيمها إلي14 دولة. هذه الدول هي ليبيا التي قال إنها ستنقسم الي ثلاث دويلات, و سوريا هي الاخري ثلاث دويلات علوية وسنية وكردية, و اليمن إلي دولتين, والعراق ثلاث دول, ثم السعودية التي قال إنها ستنقسم إلي خمس دول هي الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية وفي الوسط الدولة الوهابية. من قرأ رؤية المستشرق اليهودي برنارد لويس للمنطقة منذ1974 والتي تحولت لخطة امريكية عام1983 علي يد مستشارها للامن القومي بريجينيسكي لن يتفاجأ من هذا الحديث فتلك رؤية الصهيونية العالمية للمنطقة في أن اسرائيل لا يمكن أن تكبر أكثر من هذا ولكن ما حولها يمكنه أن يصغر أكثر من هذا, ولكن يظل السؤال لماذا السعودية الآن؟ لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد الي مجلة فورين بوليسي الامريكية التي نشرت تقريرا في الخامس من اكتوبر الحالي تحدثت فيه عن انهيار المملكة والتصدعات داخل القصر الملكي السعودي سعيا وراء السلطة, وحمل عنوانتلك هي الأسباب التي تدعو الولاياتالمتحدة للقلق من انهيار السعودية. المقال تناول تأثر الاقتصاد السعودي بتراجع اسعار البترول و انخفاض سعر البرميل الي40 دولار بينما كانت المملكة قد خططت لوصوله الي90 دولارا, بشكل افقدها نحو100 مليار دولار في ميزانيتها لهذا العام مما اضطرها الي السحب من احتياطيها البالغ700 مليار دولار. كما اشار المقال الي حرب اليمن الضاغطة علي الاقتصاد السعودي واصفا اياها بانها مغامرة غير محسوبة من قبل ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سالمان الذي وصفه التقرير بأنه حالم بالسطو علي السلطة في المملكة في صراع غير خفي داخل القصر الملكي. ليس هذا فحسب بل تناول التقرير في فورين بوليسي حوارا كان قد أجراه وزير الدفاع السعودي مع الجارديان البريطانية منوها إلي انتظار السعوديين و تطلعهم لضرورة اجراء تغيير سياسي في المملكة يقود لتجديد الدماء؟! تصريحات اثارت ضجة خاصة في ظل أخبار غير مؤكده نشرها موقع ديبكا الاستخباراتي الاسرائيلي عن تعرض الملك سلمان حاكم السعودية لوعكة صحية نفسية استلزمت نقله للمستشفي مع التفكير في نقله لخارج البلاد. كل هذا يدفعك للتساؤل مجددا لماذا السعودية الآن في وقت تتصارع فيه اطراف عدة في المنطقة وتتداخل فيه تفاصيل الصور الممنوحة لنا عن الاحداث؟ فحتي التدخل الروسي في سوريا بات محفوفا بتساؤلات عدة بعد الاعلان عن التنسيق الروسي الاسرائيلي الامريكي العسكري في سوريا التي ندعو الله ان يرحم شعبها. مرة أخري يتجدد السؤال لماذا السعودية الآن؟ هل هي مناورة جديدة للولايات المتحدة لتخفيف حدة التدخل الروسي في سوريا والمنطقة؟ هل هي فرصة امريكية لحشد وتوحيد صفوف قوي التكفيريين المتناحرين في المنطقة باسم السنة القاعدة وداعش وجبهة النصرة وجند الشام ضد الوجود الروسي بل تصدير تلك الجماعات الي القوقاز وجمهوريات الاتحاد السوفيتي- السابقة- مرة أخري؟ هل هذا هو موعد التنفيذ المتفق عليه مع قوي إقليمية للاستفادة من تفتيت البلدان العربية وجعلها دويلات ضعيفة تواجه ميليشيات مسلحة كما ذكرت استراتيجية جيش الدفاع الاسرائيلي المعلنة في أغسطس الماضي؟ تساؤلات يفرضها العقل حتي لو لم يجد لها إجابة الآن, حتي ندرك كيف نحمي بلادنا. وللحديث بقية.....