ترجع خطورة الاستسلام للزيادة السكانية بالمعدلات الحالية الي الاثر السلبي المباشر علي متوسط دخل المواطن الذي هو فقير أصلا, بحيث يصبح أفقر مما هو عليه الآن.ويزداد الأمر سوءا إذا لم تعوض التنمية الاقتصادية المأمولة في المستقبل النقص في الموارد. وثاني الآثار السلبية للزيادة السكانية الأثر المباشر علي سياسة ومستوي التعليم في الدولة حيث يحرم الكثيرون من فرصة التعليم الابتدائي والذين يحصلون علي التعليم يتكدسون في فصول كبيرة العدد. وينطبق الامر نفسه علي الخدمات العامة الأخري مثل الصحة والإسكان. كما لا يمكن إغفال الأثر المباشر للزيادة السكانية علي مساحة الاراضي الزراعية, حيث تتآكل المساحة المزورعة بسبب التوسع العمراني الناجم عن زيادة السكان, وجدير بالذكر أن هناك دراسة للبنك الدولي في عام1980 أثبتت انه لو كانت الأموال التي انفقت علي إنتاج الغذاء في الأراضي الجديدة المستصلحة في الصحراء قد أنفقت علي تعليم الفتيات لكان العائد الاقتصادي أعلي.لأن المبالغ اللازمة لتعليم الفتيات( الذي يترتب علية تناقص معدل الزيادة السكانية وتبعا لذلك الطلب علي الغذاء)هي اقل كثيرا من المبالغ اللازمة لمواجهة الزيادة في الطلب علي الغذاء. كذلك لا يخفي الأثر المباشر الخطير للزيادة السكانية علي معدلات البطالة حيث لا يستطيع سوق العمل أن يستوعب الزيادة السكانية من السكان في سن. وكذلك لا تقل الآثار السلبية للزيادة السكانية خطورة علي البيئة سواء من حيث تناقص التربة الخصبة بتحويلها للطوب اللازم للمباني.(وهو أمر مجرم قانونا)أومن حيث زيادة استهلاك مياه الشرب علي حساب المياه اللازمة للري, وزيادة ملوحة المياه الارتوازية نتيجة السحب من الآبار.وكذلك الاثر علي تلوث الهواء وانتشار الأمراض. وعلي الاخص سكان القاهرة الذين رأوا بأنفسهم كيف فسد الهواء والماء فيها خلال السنوات الأربعين الماضية, وعليهم تصور كيف ستصير الامور مستقبلا في ظل معدلات الزيادة الحالية. كذلك يمكن تصور الأثر علي العلاقات الاجتماعية حيث أن سلوك الافراد في المجتمعات المكتظة بالسكان يختلف كثيرا عن سلوكهم في المجتمعات الحضرية.والتي لا يشعر فيها الفرد بالضغوط الشديدة التي يحدثها ازدحام المواصلات واماكن العمل والطرقات, والضوضاء وانكماش المساحات الخضراء والحدائق العامة مما يؤدي الي زيادة التوتر الاجتماعي في التجمعات السكانية المزدحمة وبالتالي ارتفاع معلات الجريمة فيها, كما لا يخفي ما يترتب علي الازدحام في اماكن العمل من انخفاض في الانتاجية وزيادة في الفاقد أو الزيادة غير المبررة في النفقات. وبتوافر تلك العوامل السابقة جميعها بالتأثير علي نوعية الحياة في مجملها. والنتيجة, هل يصح في أوضاع كهذه ان تظل الدولة مترددة في اعطاء أولوية عظمي للمسالة السكانية؟ أو تتركها الدولة لتحل نفسها بنفسها علي مدي فترة طويلة جدا تعاني فيها مصر هذه الاخطار البالغة. حيث كان الوضع سوف يختلف لو كان متوسط دخل الفرد في مصر مرتفعا. إن الوضع السكاني في مصر جد خطير وحاسم, يسترعي من الحكومة فورا ودون تلكؤ بأي محاذير السعي الجدي للبدء في تنفيذ برنامج سكاني لضبط المعدلات السكانية من خلال وضع معدلات مستهدفة تسعي الدولة الي الوصول اليها من خلال سياسات جادة وحاسمة ومنها التوسع في خلق آليات تعليم الفتيات في الريف والصعيد بصورة خاصة, وايضا توفير ضوابط للحمل والإنجاب في المدن والقري وتنويع وسائلها بما يناسب الظروف.. واخيرا, ليست المشكلة هي نقص الدراسات أو حتي التمويل, فكلاهما متوافر أو يمكن توفيره. إنما النقص في الرغبة الكافية في التغيير والقدرة اللازمة لإحداث التغيير. [email protected]