سابقتان خطيرتان من شأنهما تقسيم كل من العراقوسوريا رسميا, الأولي مناقشة الكونجرس الأمريكي لقرار يعتبر العراق3 دول, لكل منها جيش منفصل, ويعطي لأمريكا حق تدريب وتسليح جيشين للأكراد والسنة, دون الرجوع للحكومة العراقية المركزية, منتزعا سيادة العراق, ممزقا أشلاءه, في وقت يواجه فيه الجيش العراقي جماعة داعش الإرهابية, ويحقق انتصارات غير مسبوقة, ويزحف لتحرير الأراضي العراقيةالمحتلة من أخطر منظمة إرهابية في العالم. وفي الوقت نفسه يتعرض شمال سوريا إلي هجوم من تحالف إرهابي بدعم مباشر من تركيا, ويحتل مدينتي إدلب وجسر الشغور, مهددا الساحل السوري, وتوجه خالد خوجه التركي الجنسية والسوري المولد الي أمريكا ليطلب غطاء جويا يفصل شمال سوريا, ويمنع طيران الجيش السوري من التحليق فوقه, ليتحقق ما طالب به أردوغان دوما بفصل الشمال السوري. هكذا تتضح المؤامرة الأمريكية علي سورياوالعراق, وتصدم كل من تجاهلوا الهدف الحقيقي من تشكيل التحالف الأمريكي الذي كان قد ادعي أن هدفه هو محاربة تنظيم داعش الإرهابي, بينما كان يسعي إلي التقسيم الفعلي لكل من العراقوسوريا بمشاركة تركية وعربية. باقي فصول المأساة ستأتي بأن تتفق أمريكا مع تنظيم داعش الإرهابي بأن يخلع الزي الأسود والأقنعة عن مسلحيه ليرتدوا زي ما يسمي الحرس الوطني العراقي, وينتشر في محافظات الأنبار ونينوي وصلاح الدين, في أهم خطوة لتكريس تقسيم العراق, وتخطط أمريكا ليكون قوامه نحو70 ألف مقاتل. جامعة الدول العربية التي كان صوتها مدويا عندما كانت تقر العدوان علي اليمن, خفت صوتها, بل انخرست تماما, وهي تسمع خطوات المؤامرة المعلنة علي سورياوالعراق, فلم تستنكر انتزاع الكونجرس صلاحيات لا تتمتع بها منظمة الأممالمتحدة, وتقرر فيها دولة تقسيم دولة أخري, كما تجاهلت التدخل التركي المباشر في العدوان علي شمال سوريا, بل ربما باركته سرا. ما يحدث في سورياوالعراق يجعلنا نتساءل عن تعريف الأمن القومي العربي الذي سمعنا به يتردد عند إعلان العدوان علي اليمن, وأتحدي أي وزير خارجية أو أمين عام الجامعة العربية أن يفسر لنا ما هو هذا الأمن القومي العربي الذي يتحدثون عنه؟ لقد اعترضت دول عربية علي مواجهة مصر للإرهابيين الذين يدمرون ليبيا, وانطلقوا منها ليهاجموا الأراضي المصرية, واخترقوا الحدود المصرية وهاجموا مواقع للجيش المصري, وقتلوا جنودا مصريين يحمون أراضيهم, كما قتلوا مصريين مدنيين عزل علي الأراضي الليبية بطريقة وحشية, ومن حق مصر وفقا للقوانين الدولية أن ترد عدوان الإرهابيين عليها, وأن تحفظ أمن وسلامة أراضيها وشعبها, ومع ذلك اعترضوا طريق حصول مصر علي موافقة دولية لمحاربة الإرهابيين المعتدين علي مصر, وهي نفس الدول التي تبارك وتشارك في مؤامرة تقسيم سورياوالعراق. إذا استمر الصمت علي ما يجري من مؤامرات مكشوفة لتقسيم دول المنطقة, فلن يمضي وقت طويل حتي نجد داعش وقد تحولت إلي دولة عربية تتمتع بعضوية جامعة الدول العربية, بعد أن تغير اسمها, ويرتدي أميرها زيا جديدا, ويتبادل القبلات مع الحكام العرب, ونري خالد خوجه التركي يأتي باسم دولة جديدة اقتطعتها تركيا من الجسد السوري, ليتحدث عن الأمن القومي العربي, بينما يظل مقعد سوريا شاغرا في الجامعة العربية. هكذا يبدو أن الأمن القومي العربي لا يستهدف إلا تدمير الأمن القومي العربي, بأياد وأموال عربية, ويستبيح الدماء العربية, وينفذ أكثر مما كانت تحلم به إسرائيل. وتتحول داعش إلي دولة جديدة باسم جديد, وربما تنضم إلي جامعة الدول العربية, ويتم الترحيب بأميرها, الذي سيصبح رئيسا, بينما تغيب سوريا عن جامعة الدول العربية