نهر النيل الذي قدسه المصريون القدماء, يمثل شريان الحياة لنا, لما يتمتع به من أهمية بالغة في حياة سكان الوادي, الا ان السنوات الأخيرة شهدت إساءة وإهانة , لهذا الشريان الذي يخترق أرض الوطن ويمتد من جنوبه لشماله كشريان رئيسي للجسد المصري. هذا النيل اصبح سببا للمرض ومصدرا للعدوي, باعتراف الجهات الحكومية, التي أقرت بتلوثه في الدلتا, وعدم مطابقة مياهه للمواصفات, بسبب الصرف الصناعي الذي يلقي بمخلفات تقدر بملايين الأطنان كل عام في مجري النيل, تسببها المنشآت والمصانع. هذا بخلاف ما تصرفه محطات معالجة مياه الشرب, فضلا عن آلاف القري والمدن والمنشآت الصغيرة, التي تلقي بمخلفاتها من الصرف الصحي في النيل, ذلك في الوقت الذي طالبت فيه إدارة حماية النيل والبيئة بعدم الصرف علي النيل نهائيا. يقول الدكتور السيد عبدالواحد( باحث في شئون البيئة) أن بعض الشركات والمصانع استباحت القاء مخلفاتها بالترع المتصلة بالنيل ولكنهم بين الحين والآخر يخرجون بتصريحات تستهجن تلويث النيل وإنهم ليس لهم علاقة بما تلقيه مصانعهم في النيل. موضحا أن تحاليل البيئة أكدت ارتفاع نسبة عنصر الكاديوم والملوثات في النيل, وانتشار الرغاوي الناتجة عن مخلفات بعض المصانع نتيجة المواد الكيميائية التي يتم تصريفها في مجري النيل. ويضيف الدكتور عبد الله منصور بالمركز القومي للبحوث انه خلال إبحارنا في النيل في احدي الرحلات البحثية وجدنا بعض البواخر العائمة التي أكدت تقارير كثيرة إلقاءها صرفها في النيل فهناك بالفعل دمار مؤكد يلحق بشريان الحياة ومن حين لاخر يخرج علينا مسئولو البيئة بقرارات هزيلة لإيقاف تلك البواخر الذين يدفعون الغرامات ويستمرون في تلويث مياه نهر النيل فلابد من وضع حلول جذرية لتلك البواخر المستحدثة بالدقهلية. ويشير عبده البحيري مدرس الي أنه في أيام كثيرة نري النيل أسود وذلك بالقرب من المنطقة التي اقيم بها بمركز اجا تحديدا بقرية منية سمنود حيث نقترب من مصانع الغزل والنسيج بالمحلة ومعاطن الكتان بسبب المياه الخارجة من معاطن الكتان, التي تقوم بالصرف في النيل, فضلا عن عمليات الصيانة التي يكون نتاجها تغير لون مياه النيل الي اللون الاسود وأكدت ذلك محاضر البيئة والمسطحات المائية. كما توجد فتحات لمنشآت حكومية تصرف مباشرة علي النيل, سواء محطات مياه أو حتي قري تلقي بمخلفاتها في ترع تصب في نهر النيل واضاف أنه برغم المحاضر التي تحررها شرطة المسطحات ضد المخالفين والقرارات التي تصدرها الأجهزة التنفيذية, التي تهدف إلي القضاء علي تلوث النيل, أكدت تقارير البيئة ان مياه النيل في بعض المناطق المحيطة بالمصانع مثل مصنع الراتنجات غير مطابقة للمواصفات, وذلك لارتفاع نسبة المواد الكيميائية التي يتم صرفها علي الحدود المسموح بها دوليا. ويقول الدكتور زيدان شهاب الدين بمركز البحوث الزراعية إن هناك دراسة لمعهد البيئة بمركز البحوث الزراعية, تؤكد أن أسباب نفوق الأسماك بكميات كبيرة في نهر النيل, ترجع إلي ارتفاع نسبة التلوث في مياه النهر, بسبب صرف مخلفات بعض المصانع علي بعض الترع التي تصب بدورها في بحيرة المنزلة, كما يتم صرف العديد من مخلفات المنازل, والمساجد المنتشرة علي طول مجري النهر في مياه النهر مما يؤدي إلي زيادة نسبة الأمونيا, التي تتحول في المياه إلي نترات تؤدي إلي تكسير كرات الدم الحمراء في الأسماك, واختناقها ونفوقها علي الفور, إلي جانب تلوث المياه. ويقول صلاح ابو العينين وكيل المجلس المحلي السابق إن بعض المحافظات المجاورة مثل الغربية لا تتورع شركاتها من الصرف مباشرة علي النيل مثل الشركة المالية الصناعية, التي تصب مخلفاتها في النيل مباشرة وهي تنتج أسمدة فوسفاتية وكذلك مصنع الزيوت والصابون( بكفر الزيات) مما يؤدي لزيادة التلوث في النيل وإحداث تأثير سلبي علي الأسماك, بسبب زيادة الصرف الصناعي دون معالجة, ما يشكل خطرا علي مجري نهر النيل ونحن نشترك معا في فرع مياه دمياط الذي يمر علينا. وأضاف أن محافظة الغربية التي تطل علي فرعي رشيد ودمياط, تسببت في تلوث الفرعين علي مدي عشرات السنين, ففرع دمياط هو المصدر الوحيد لتغذية محطات مياه الشرب في محافظات الدلتا ومنها الدقهلية, إلا أن تقارير صادرة من حماية النيل ومياه الشرب وشئون البيئة, بإقليم شرق الدلتا, كشفت أن اسباب ارتفاع نسبة التلوث بمياه فرع دمياط, ترجع إلي مصرف عمر بك, الذي يصب في نهر النيل مباشرة, مشيرا الي ان الملوثات قام بتجميعها المصرف, شملت مياه الصرف الزراعي لمساحة43 ألف فدان, معظمها تابع لمحافظة الغربية, تأتي للنيل محملة بالمبيدات الحشرية والفطرية, بالإضافة لمياه الصرف الصناعي والصحي الناتج من صرف محطتي سمنود, وميت بدر حلاوة ومصنع للرخام في سمنود ومياه الصرف الصناعي لمعاطن الكتان بزفتي. لافتا الي أن مصرف عمر بك يلقي بمياهه مباشرة علي فرع دمياط عند منطقة منية سمنود بمعدل صرف12 ألفا و600 متر مكعب في الساعة, وتبعد هذه النقطة عن أكبر محطة لتنقية مياه الشرب في الدقهلية بنحو15 كيلو مترا فقط, حيث ترد المياه إلي محطة التنقية محملة بآثار الصرف الصحي والصناعي, وتؤكد تلوث مياه النيل في فرع دمياط, الذي يبدأ من قناطر الدلتا وينتهي عند سد فارسكور, بطول220 كيلو مترا. و يضيف الكيميائي محمد سويلم مازال التلوث مستمرا, من خلال محطة رفع المحلة الكبري امحطة الناصرية, التي تعمل من خلال4 وحدات رفع, طاقة الواحدة منها305 آلاف متر مكعب في اليوم, وهذه الطاقة تفوق إجمالي إنتاجية محطات مياه الشرب في محافظة الدقهلية, في حالة تشغيل وحدتي رفع فقط, وهذا يمثل نسبة عالية من تلوث مياه نهر النيل فرع دمياط, لما تحويه من ملوثات بجميع أنواعها. وأوضح أن فرع النيل بدمياط يتلقي الملوثات من محطة الكهرباء والمصارف والمصانع الملاصقة له, فضلا عن المنطقة الصناعية التي تنقل مخلفاتها عبر المصرف رقم6 من دمياط إلي دمياط الجديدة. ويضيف محمد العلاوي صياد إذا سلم النيل من التلوث فمن ينقذه من يد الإهمالب.. هكذا حال النهر في بحيرة المنزله ونهر النيل حيث أغلق نبات ورد النيل المجري المائي وبالرغم من أنه ليس ملوثا للمياه إلا أنه أصبح عائقا للحياة, حيث غطي القراعب المجري المائي تماما في فرع دمياط. وقال: نحن الصيادين نقوم بالسير في الترع و البحيرة بمراكبنا بطريقة حلزونية لنتفادي ورد النيل وسط احتمالات كبيرة بأن يغرق المركب في أي لحظة مع محاولات المراكبي الدائمة تخليص الموتور من النباتات العالقة به.