قبل أن تدخل المستشفي كان الأمل يحدوها أن تخرج وقد شفيت تماما وانكتب لها عمر جديد من حالة الاختناق التي ألمت بها ونكاد تقضي عليها. الممرض أبلغها أن الأمر بسيط ولن يستغرق وقتا طويلا في جلسة تنفس صناعي تخرج بعدها للدنيا. وصدقت الحاجة طاهرة وقلبها مفعم بالأمل ولكنها لم تدر أن شيطان الإهمال يسكن المستشفي وينتظرها حتي يطفئ جذوة الحياة في صدرها إلي الأبد. حكاية الحاجة طاهرة واحدة من حكايات كثيرة في صعيد مصر ترسم صورة درامية شديدة القسوة للإهمال الطبي في المستشفيات الحكومية.. عشرات الحالات أصحابها يموتون ويدفنون في صمت من منطلق اكرام الميت دفنه وتضيع الحقوق أمام حالة من الاستسلام القهري لواقع مرير من الإهمال بالمستشفيات يزهق أرواح الغلابة بلا ثمن كل يوم. يقول خالد عبد الكريم البطيخي نجل الحاجة الطاهرة محمد السيد(95 عاما) التي دفعت حياتها ثمنا لمستشفيات الموت بالأقصر إن والدته ماتت بسبب عدم وجود منظم لجهاز الأكجسين بمستشفي إسنا المركزي, جنوبالأقصر وإن أمه أبت أن تفارق الحياة دون أن تنضم لأرقام سجلات ضحايا الإهمال الطبي خاصة وهي لم تكن تعاني من أي أعراض مرضية في السابق, إلا انها بذلت بعض المجهود في المنزل, حيث شعرت بالتعب وعدم القدرة علي التنفس بشكل جيد, فاصطحبتها أنا وبعض أفراد عائلتي, وأخبرنا ممرض بمستشفي إسنا أن حالتها مستقرة وتحتاج جلسة لبضع دقائق علي جهاز الأكسجين وستقوم علي قدمها لتعود للمنزل. وأضاف: ذهبت بوالدتي للطبيب المختص, حيث جلست علي السرير بغرفة العلاج, وانتظرنا لبضع دقائق حتي يقوم بتركيب جهاز التنفس, إلا أن الممرضة أخبرت الطبيب أنه لا يوجد منظم لجهاز الأكسجين, فتحول قلقي علي والدتي إلي فزع وخوف وأخذت أصرخ بصوت عال( أمي بتموت اتصرفوا في منظم اعملوا حاجة) إلا أن الجميع ظلوا صامتين واخبرتني الممرضة أنه لا يوجد أي منظم بالمستشفي وأن الأطباء يعلمون بذلك. وتابع البطيخي: مرت الدقائق كالدهر وأنا أشاهد أمي تشير لي بيدها من أجل إنقاذها وأنا عاجز عن فعل أي شيء والطبيب محك سر, ما جعل أقاربي يشتبكون معه لفظيا, وما هي إلا دقائق قليلة حتي جاءني أحد أقاربي خارج الغرفة وضرب يديه علي كتفي قائلا( شد حيلك يا خالد والبقاء لله أمك ماتت) فجن جنوني ودخلت محاولا الحديث مع أمي, لدي أمل أن تكون غيبوبة قصيرة, ربما تفيق بعدها ولكن أجل الله قد نفذ وماتت أمي بسبب عدم وجود منظم لا يساوي إلا جنيهات قليلة, وإهمال جسيم من إدارة مستشفي تخدم نصف عدد سكان المحافظة تقريبا, حيث إن مدينة ومركز إسنا يتعدي سكانها النصف مليون شخص. واستطرد نجل الضحية: خرجت للطبيب وقلت له أديت مهمتك يا دكتور هو ده القسم اللي أقسمته لما اتخرجت, إلا أنه فر مسرعا خشية فتك أقاربي به, وحاول بعض أقاربي إقناعي بتحرير محضر إلا أن أحد العاملين بالمستشفي قال لي( روح خد الجثة وادفن أمك بدل البهدلة في النيابات والمحاكم ده من مصلحتكم). وأكمل قائلا: ولأن إكرام الميت دفنه قررت الإصغاء لنصائح هذا الموظف وأخرجت والدتي التي دخلت المستشفي هشام بركات النائب العام بفتح التحقيق في الواقعة, مشيرا إلي أن هناك عدة وقائع أخري مشابهة حيث توفي جاره بالمستشفي بسبب عدم وجود جهاز تنشيط القلب أيضا. وحاولنا, التواصل مع مدير المستشفي إلا أنه لم يرد علي الاتصالات المتكررة. وأكد طبيب بالمستشفي رفض ذكر اسمه أن المستشفي عبارة عن خرابة كبيرة وينقصه الكثير من الأجهزة وغير مستعد لاستقبال الحالات الحرجة, مشيرا إلي أن الأطباء ملوا من المطالبة بإحضار الأجهزة الناقصة. وقال الطبيب, إن زملاءه أصبحوا في وش المدفع علي حد وصفه ويتعرضون لاعتداءات متكررة وبصفة يومية من أهالي المرضي الذين لا يقدرون أن الوضع الحالي خارج عن ارادتنا كأطباء. ضحية الاهمال في مستشفي اسنا. حكاية الطاهرة وغيرها تفجر قضية الإهمال القاتل بالمستشفيات الحكومية هل يتدخل الدكتور عادل عدوي وزير الصحة وينقذ آلاف المرضي من نفس المصير نفسه لو ساقتهم أقدارهم للعلاج في هذا المستشفي. أرواح هؤلاء في رقبتك يا وزير الصحة. E.M : Khaled_el [email protected] للمراسلة : القاهرة - شارع الجلاء رقم بريدى 11511 الاهرام المسائى - فاكس 25791761 - تليفون : 0227703100 - 01229320261