ما بين الفقر المدقع والحرمان من الخدمات يعيش أهالي قرية المنشاة الصغري التابعة لمركز القوصية بأسيوط حياة تعسة تملؤها الأحزان, فالقرية التي طواها النسيان وغلفها الحرمان, سقطت من حسابات المسئولين بأسيوط عمدا رغم أنها لم تسقط من حسابات الدولة التي وفرت ملايين الجنيهات لتوفير الخدمات الضرورية لأهالي القرية, ولكنها للأسف مازالت حبيسة الأدراج بمكاتب المسئولين المكيفة, حيث يعيش الأهالي حياة بدائية للغاية ويعتمدون علي الطلمبات الحبشية في تدبير احتياجاتهم من المياه التي تتسبب في كثير من الأمراض لأختلاطها بالصرف الصحي وعدم تنقيتها, أما مشكلة المشاكل فتكمن في الخبز الذي بات يمثل قضية حقيقية لكل أسرة حيث يوجد بالقرية مخبز واحد جعل نصيب الفرد من الخبز يوميا يقدر بنصف رغيف وهو لا يلبي احتياجات الفرد علي الإطلاق وكذلك وجود مصرف زراعي لعلاج ملوحة الأرض تحول إلي برك ومستنقعات بعدما ألقي الأهالي به مخلفاتهم وكذلك الحيوانات النافقة وهو ما جعله مصدرا للأوبئة والأمراض. يقول رمضان نصر من شباب القرية أن القرية سقطت عمدا من حسابات المسئولين بأسيوط حيث تقدمنا بالعديد من الشكاوي إلي المسئولين حتي تم إدراج القرية ضمن القري الأكثر فقرا علي مستوي الجمهورية وتم رصد ملايين الجنيهات لإنشاء مكتب بريد ومركز شباب وجمعية زراعية وبالفعل وصلت المبالغ المالية المحددة لكل جهة ورغم توفير الأرض وعدم وجود أي عوائق إلا أن شيكات الصرف مازالت حبيسة الإدارج داخل مكاتب المسئولين, بأسيوط خاصة وكيل وزارة الشباب الذي تسلم شيكا بمبلغ مليون جنية لإنشاء مركز شباب منذ ما يزيد عن عام ولم يتحرك للبدء في تنفيذ المشروع حتي الآن بالرغم من توفير قطعة الأرض بنصف الثمن مساهمة من صاحبها لإنشاء مركز شباب بالقرية. وشاركه الرأي صلاح عبد الراضي من شباب القرية قائلا أنه تم رصد مبلغ مليون جنيه لإنشاء مكتب بريد يساعد كبار السن في صرف معاشاتهم بدلا من المعاناة التي يتكبدونها جراء الذهاب لمكاتب البريد المجاورة للقرية والتي تبعد بمسافة تقدر ب15 كم ومعظمهم حالتهم الصحية لا تسمح لهم بالحركة وبالفعل قام أحد الأهالي بالتبرع بقطعة أرض لتسهيل أنشاء المكتب وبغرابة شديدة لم يتحرك مسئولو الهيئة حتي الآن للبدء في إجراءات التنفيذ رغم توفير الاعتماد المادي والأكثر من ذلك إهدار المال العام الذي شهدته الجمعية الزراعية حيث يضطر أهالي القرية للسير أكثر من7 كم للذهاب لأقرب جمعية زراعية بقرية السراقنا لتوفير احتياجاتهم الزراعية ومنذ ما يزيد عن عامين فوجئنا بالمسئولين يشيدون مبني للجمعية الزراعية بالقرية وانتهي العمل بهوبدلا من افتتاحه تم إغلاق المبني لتسكنه الأشباح ليعد نموذجا لإهدار المال العام. واستنكر محمد محمود مدرس ثانوي المجاعة الحقيقية التي يعيشها أهالي القرية بسبب عدم توافر الخبز, وقال يوجد بالقرية مخبز وحيد مخصصة له حصة ضئيلة من الدقيق لا تفي باحتياجات الأسر التي بات نصيب الفرد بها نصف رغيف يوميا وبعد أن تفاقم الوضع قام بعض العقلاء بالقرية بعمل أشتراكات تحدد حصول كل أسرة علي نصيبها من الخبز ومن هذا المنطلق تم تقسيم القرية إلي قسمين نصف يآخذ يوما والنصف الآخر يأخذ في اليوم الذي يليه وهو ما يعد كارثة حيث إنني أمتلك أسرة مكونة من10 أفراد أحصل بموجب الاشتراك علي10 أرغفة كل يومين وهو ما حول الوضع إلي كارثة, حيث اننا لا نجد العيش الحاف لنسد به أفواه أطفالنا, في وقت يرفع المسئولون الشعارات الثورية, لذا نطالب السيد وزير التموين بالنظر غلينا بعين العطف وزيادة حصة المخبز الوحيد أو تشغيل المخبزين الآخرين الجاهزين للعمل ولا تتوافر لهما حصص من الدقيق. وتحدث جمال محمد سيد من أهالي القرية قائلا: إن القرية تعيش في القرون الوسطي حيث لا يتخيل أحد ان الدولة بامكانياتها وتقنياتها الحديثة توجد بها قرية تعتمد في توفير احتياجاتها من المياه علي الطلمبات الحبشية الممتدة في باطن الأرض وذلك لعدم وصول مياه الشرب لعدد كبير من المنازل وعدم قدرة خزان المياه علي تغطية جميع احتياجات القرية وهو ما يجعلها دائما في حالة انقطاع مستمر, ويترتب علي ذلك اصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي والحصوات والتليف الكبدي وما غير ذلك, لذا نرجو من المسئولين النظر إلينا بعين الرأفة لإنقاذ أطفالنا من الموت الذي يلاحقهم, وفيما يخص الصرف الصحي فالصورة أبشع, حيث لايوجد صرف صحي ويضطر الأهالي إلي حفر بيارات أسفل منازلهم لتصريف المياه ويترتب علي ذلك عدة كوارث منها التهديد الدائم بانهيار المنازل لتأكل الأساسات. وأكد محمود علي من أهالي القرية أن مشكلة المشاكل تكمن في مصرف المياه الخاص بالأراضي الزراعية الذي يحاصر القرية حيث تحول إلي برك ومستنقعات بسبب قيام الأهالي بإلقاء مخلفاتهم من القمامة وكذلك الحيوانات النافقة به, وهو ما أدي إلي انتشار الحشرات والزواحف التي باتت تهدد حياة أهالي القرية بالكامل فضلا عن انتشار الحشرات الطائرة التي تنقل الأمراض والعدوي بين المواطنين لذا نطالب المسئولين بتغطية ذلك المصرف الذي يتضرر منه الجميع. ويوضح سيد عبد المعين موظف أن القرية معزولة تماما عن القري المجاورة لها لصعوبة الوصول إليها بسبب شبكة الطرق المتهالكة التي تربطها بالقري المجاورة, خاصة بعدما تم تكسير الطريق الرئيسي المؤدي لمدخل القرية عقب عمليات الحفر الخاصة بشركة المياه لتوصيل خطوط مياه الشرب النقية إلي القرية والتي لم نر منها شيئا حتي الآن, هذا بالإضافة إلي عدم وجود وسائل نقل آدمية حيث إن وسيلة النقل الوحيدة المتوافرة بالقرية هي السيارات الربع نقل التي تستخدم في نقل الماشية ورغم ذلك نضطر لاستقلالها لكونها الوسيلة الوحيدة للتنقل من وإلي القرية. ويشير أحمد محمود من أهالي القرية- إلي أن مشكلة التعليم من المشكلات الأساسية بالقرية حيث لا يوجد بالقرية سوي مدرستين للتعليم الاساسي و كثافة الفصول بهما عالية للغاية وتعملان علي فترتين لسد العجز ونتمني من المسئولين استغلال الأراضي التابعة للدولة في بناء مجمع مدارس ابتدائي واعدادي وثانوي لوقف معاناة التلاميذ وكذلك لمنع عمليات التسرب الجماعية للطلاب وخاصة الفتيات اللاتي يعجزن عن الذهاب إلي القري المجاورة بسبب صعوبة المواصلات الطرق. ومن جانبه اكد اللواء ابراهيم حماد محافظ اسيوط انه جار تشكل لجنة متابعة من المحافظة لدراسة الأمر.. وفي حالة ثبوت توافر المبالغ المالية لتلك المشروعات.. سيتم البدء فورا في تنفيذها.. علما بان مشروعات الصرف الصحي والمياه تتم حاليا بالقرية ولكنها تستغرق وقتا طويلا.