أثبتت تجارب ثورات الربيع العربي التي اندلعت منذ3 سنوات في أكثر من دولة عربية أن الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية فتحت الباب علي مصراعيه للجماعات المتشددة, والوضع الحالي لسوريا خير دليل علي انتهاز تنظيمات مثل القاعدة وجبهة النصرة والجهادية السلفية وداعش وغيرها الفرصة للسيطرة علي صفوف المعارضة, والتي لم يتبق داخلها المعتدلين, وهو الأمر أيضا الذي أدي إلي تمديد النزاع حتي اتخذ شكلا من أشكال الحرب الأهلية. فالصراع في سوريا قادر علي امتصاص أطراف كثيرة من المجتمع الدولي في الأتون المستعر, والرهان المستقبلي في2014 ينصب علي مدي صمود دمشق في ظل التمزق الداخلي والخارجي. والسؤال الذي نستهل به عاما جديدا هل ستكون سوريا2014 بداية اشتعال فتيل الحرب العالمية الثالثة؟ فالحرب الأهلية لها عواقب بعيدة المدي بالنسبة للمنطقة بأسرها, والأكثر خطورة أن ترتكب الولاياتالمتحدة أخطائها نفسها وتقوم بالتدخل العسكري في دولة أخري بالمنطقة مثل العراق وليبيا, ولكن النتائج المترتبة علي سقوط دمشق ستكون أكثر دمارا وشمولا من بغداد وطرابلس, وربما يؤدي الوضع إلي حرب مع إسرائيل في.2014 وفي ظل التصريحات الأخيرة التي تفيد ترشح الرئيس السوري بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية المقبلة فإن سوريا تواجه تحديات حقيقية, حيث إن هناك تزايدا واضحا في الدعم الشعبي للأسد وتوضح التقارير أن معظم السوريين يفضلون بقاء الأسد في الحكم, واستعادة سيطرته علي البلاد وذلك تخوفا من استيلاء عناصر من تنظيم القاعدة علي السلطة. وبرغم أن سقوط الأسد لن يؤدي إلي تكاتف جميع أطياف الشعب السوري وبدء الغناء والهتاف للتحرر من هذا النظام, فإن مع بقائه وفوزه في الانتخابات المقبلة فإن نار التمرد لن تهدأ وسيبدأ القمع بلا هوادة ضد مناطق المتمردين, وسيضطر أفراد الجيش السوري الحر وأعضاء المعارضة المعتدلة لمغادرة البلاد أو الذهاب تحت الأرض, ومع ذلك, فالأسد سيظل هدفا رئيسيا لهجمات الإسلاميين المتطرفين وسيواجه الأسد إذا بقي تحديات هائلة بسبب العقوبات, وضعف الاقتصاد, والضغط الدولي. وهناك احتمال باشتعال الحرب الأهلية الدموية والطويلة الأمد عند الإطاحة بالأسد فستدخل سوريا في فترة طويلة من الصراع بين مختلف الطوائف الدينية والعرقية, والبلاد تنقسم بالفعل في الصراع الحالي علي طول الخطوط الطائفية, حيث يدعم العلويون والمسيحيون نظام الأسد لحد كبير, ويمكن للغالبية السنية في البلاد, الذين عانوا طويلا في ظل التمييز داخل نظام الأسد, إطلاق العنان لرد فعل عرقي عنيف ضد مضطهديهم السابقين إذا سقط الأسد, وستشبه الفوضي التي تعقب سقوط الأسد مع الصراع الطائفي في لبنان الذي حدث عام1980, والذي استمر لعشر سنوات تقريبا. والمصير المخيف في2014 سيكون في الصراع الإقليمي حيث يمكن أن تنتقل الحرب الأهلية الشاملة من سوريا إلي الخارج, وتمتد للدول المجاورة ومنها لبنان, والأردن, والعراق وتركيا, وسيفتح أبوابا جديدة من الانقسامات بين السنة والشيعة في منطقة الشرق الأوسط ككل, وسيشكل تفكك سوريا تهديدا أكثر خطورة علي منطقة الشرق الأوسط علي المدي الطويل وسيؤثر علي برنامج إيران النووي وهي من أقوي الدول الداعمة للأسد وفي مستوي أوسع, فإن الوضع في سوريا يزيد من التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية, وتركيا وسقوط بشار الأسد سيكون كارثة بالنسبة لطهران. رابط دائم :