تشهد الساحة الزراعية في الوقت الحالي مع قرب نهاية عام2013 اتساعا لدائرة النقاش بين الخبراء والمسئولين والمزارعين حول أهمية وجدوي عودة العمل بنظام الدورة الزراعية في إنتاج المحاصيل الإستراتيجية وهي القمح والأرز والقطن والذرة الشامية وقصب السكر والفول وهي الدورة التي تم إلغاء العمل بها منذ عام1993 أي منذ عشرين عاما. وقد علل الخبراء أن إلغاء الدورة الزراعية كان السبب الرئيسي وراء عزوف المزارع عن زراعة المحاصيل الإستراتيجية والاتجاه نحو زراعة المحاصيل الأكثر ربحية والتي تحقق له ولأسرته عائدا مناسبا وحياة كريمة وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه علي دائرة الحوار والنقاش وهو لماذا لا تحقق زراعة المحاصيل الإستراتيجية ربحية للفلاح وعائدا مناسبا. حيث أنه من الطبيعي والمنطقي أن يتجه الإنتاج نحو ما يحقق الربحية والعائد المناسب. لا شك أن انخفاض ربحية المحاصيل الإستراتيجية بالنسبة للمزارع يرجع في الأساس إلي اختلال العلاقة بين أسعار المدخلات وأسعار المخرجات الإنتاجية أي المحاصيل ذاتها. إذ يعاني الفلاح في حقيقة الأمر من زيادة أسعار مدخلات ومستلزمات الإنتاج بمعدلات تفوق معدلات زيادة أسعار المنتجات الزراعية. وأهم المدخلات ومستلزمات الإنتاج التي تشهد نموا كبيرا في أسعارها هي الأجور وإيجار المعدات الزراعية والأسمدة والتقاوي وتكلفة الاقتراض وأعباء خدمة الدين. هذه هي العوامل المسئولة عن زيادة تكلفة الإنتاج بالنسبة للمزارع. أما عن أسعار المنتجات فنجد أن المزارع خاصة في ظل الحيازات القزمية لا حول له ولا قوة في تحديد أسعار منتجاته وكذلك افتقار المزارع للقدرات التخزينية والتسويقية اللازمة لحسن تسويق الإنتاج بالأسعار المناسبة. لذلك والأمر كذلك فأنا أري أن تصحيح هذه العلاقة المختلة في منظومة إنتاج المحاصيل الإستراتيجية يكمن في تأسيس شركة ضخمة مساهمة مصرية بأموال المزارعين يساهمون فيها كل بقدر استطاعته تستفيد من وفورات الحجم الكبير في تعاملات كبيرة الحجم وتستطيع أن توفر مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة للمزارعين خاصة في مجال الميكنة الزراعية والأسمدة والتقاوي والمبيدات كما تستطيع هذه الشركة من خلال إمكانيتها الكبيرة أن توفر صوامع للتخزين وتنظم المعروض من الحاصلات الزراعية وتسويقها بأسعار مناسبة تحقق عائد مناسب للمزارع يجعله يقبل علي زراعة هذه المحاصيل الإستراتيجية وذلك بأن تجعل هذه المحاصيل مربحة للمزارع وتنافس غيرها من الحاصلات الزراعية. إن هذه الآلية العملاقة المقترح إنشاؤها كفيلة بتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة وتسويق المنتجات بأسعار مناسبة وتحفز المزارع علي اتباع الدورة الزراعية المقترح العمل بها. إذ إن الدورة الزراعية وحدها لا تكفي لتصحيح تلك العلاقة المختلة في منظومة الإنتاج الزراعي بين تكلفة الإنتاج وأسعار المنتجات. لذلك أرجو الحكومة أن تعلن عن تأسيس هذه الشركة وتكليف البنك الرئيسي للتنمية والإنتاج الزراعي باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تأسيس هذه الشركة ودعوة المزارعين للمساهمة في رأسمالها. رابط دائم :