بحضور 400 مشارك .. وكيل أوقاف القليوبية يطلق برنامج لقاء الجمعة للأطفال    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    توريد 24 ألف طن قمح ل 56 موقعًا تخزينيًا في الشرقية    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    وزيرة التعاون الدولي تلتقي نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لبحث الشراكات    بحضور وزير الاتصالات.. ختام بطولة البرمجيات الدولية في الأقصر    جامعة جنوب الوادي توفر سكن فاخر لمرافقي مصابي الأشقاء الفلسطينيين    معلومات عن نظام أذرخش للدفاع الجوي الإيراني.. تدمير الأهداف على ارتفاعات منخفضة    بايدن يدرس صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بأكثر من مليار دولار    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة ل34012    بدء أكبر انتخابات في العالم بالهند.. 10% من سكان الأرض يشاركون    مباشر الدوري المصري - بلدية المحلة (0)-(0) المقاولون.. بداية المباراة    موعد مباراة الزمالك ودريمز في الكونفدرالية وتردد القناة الناقلة    «سلة الأهلي» يواجه أويلرز الأوغندي في بطولة ال«bal».. اليوم    تقارير: ليفربول يرفض رحيل محمد صلاح في الميركاتو الصيفي    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    وكيل رياضة القليوبية يشهد احتفالات وزارة الشباب ب يوم اليتيم بكفر الجزار    بعد الدفن.. مجوهرات المتوفاة تكشف جريمة قتلها بزفتى    «ابدأ» تشارك بعدد من التوصيات لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني    إصابة 17 شخصا في حادث انقلاب سيارة بالمنيا    وصول وزيرة الثقافة ومحمد إمام وهنا الزاهد وغادة عادل إلى جنازة صلاح السعدني    ابن عم الراحل صلاح السعدنى يروى كواليس من حياة عمدة الدراما بكفر القرنين    مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط ينعي الفنان الكبير صلاح السعدني    انتهاء أعمال المرحلة الخامسة من مشروع «حكاية شارع» في مصر الجديدة    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    النشرة الدينية.. أفضل الصيغ ل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. هذا العمل يجعلك جسرًا لجهنم    محافظ قنا يوجه بتزويد مستشفى دشنا المركزي ب12 ماكينة غسيل كلوي جديدة    الصحة: المجتمع المصري أصبح يعاني أمراضا نفسية بسبب الظروف التي مرت بالبلاد    لمحبي الشاي بالحليب.. 4 أخطاء يجب تجنبها عند تحضيره    بحضور 400 طفل.. «أوقاف القليوبية» تدشن لقاء الجمعة بمسجد في بنها    إقبال جماهيري على جناح مصر في بينالي فينيسيا للفنون 2024    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    ضبط مسئول محل لبيع المأكولات لحيازته كمية كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر    احذر الرادار.. رصد 8500 سيارة تجاوزت السرعة خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط يعلن ارتفاع معدلات توريد القمح المحلي ل 510 أطنان    احذر| ظهور هذه الأحرف "Lou bott" على شاشة عداد الكهرباء "أبو كارت"    الخشت: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية بجامعة القاهرة أصبح ال 64 عالميًا    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    تجار العملة يتساقطون .. ضبط عدد من المضاربين بحوزتهم 29 مليون جنيه خلال 24 ساعة    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    1490 طنا.. وصول القافلة السادسة من مساعدات التحالف الوطني لأهالي غزة (صور)    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    اعتماد جداول امتحانات نهاية العام الدراسي في الوادي الجديد    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    الشعبة الفرنسية بحقوق عين شمس تنظم يوما رياضيا لطلابها    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى إعدام "طومان باي".. كيف ساهمت الخيانة ومدافع الأتراك في هزيمة السلطان الشجاع؟
نشر في بوابة الأهرام يوم 13 - 04 - 2021

رغم أنه تحمل وحده عبء سقوط الدولة التي حكمت البلاد والعباد طيلة 275 عاما، ورغم أن سلطنته كانت مغرما عليه لا مغنما، لكن السلطان الأشرف طومان باى كان الوحيد من بين سائر سلاطين المماليك، الذي استطاع أن يكسب ود عامة القاهرة وأهل المحروسة، وحفر اسمه بين الملوك الذين أشدت فيهم السير والحكايات كالظاهر بيبرس، وتنبع عظمته في بساطته وعدله وقربه من الناس خلال فترة سلطنته القصيرة التي بلغت ثلاثة أشهر وأربعة عشر يوماً.
سلك طومان باى مسلك المماليك، فحمل صغيرا وبيع فى مصر، وقيل بل جلبه عمه قنصوة الغورى وتربى فى كنفه، ثم ترقى كسائر أقرانه من المماليك فتولى إمرة عشرة، (أى يأتمر بأوامره عشره من الجنود)، ثم عُين أمير طبلخانة (وهى الدار التي تُدق فيها طبول الحرب) في الاحتفالات أو عند خروج التجريدات لمحاربة الثوار المارقين على الدولة)، ثم اختصاصه بعدة وظائف هامة جدا في عهد عمه الغوري فقد أصبح أمير جمدار، وهو (المسئول عن زى السلطان)، ثم توليه الإشراف على الشراب خانه، الخاصة بمقتنيات السلطان من كؤوس فضية وذهبية، وما يُقدم فيها من شراب وأدوية، وتلك الوطيفتان كانت من بين أهم الوظائف فى العصر المملوكى، حيث كان الغوري يخشى من أن تمتد إليه يد الغدر فيتم تسميمه عبر الشراب أو الزى، ولذا عهد بهذا الأمر لابن أخيه، ثم تولى طومان باى مسئولية شاد القصور السلطانية، حيث كان يشرف على بناء القصور والأبنية السلطانية، وفى مقدمتها بالطبع مجموعة السلطان الغوري (قبة الغورى ومسجده وقيساريته) بمنطقة الغورية، وهى درة خالدة من درر العمارة الإسلامية، وواحدة من أفخم روائع حضارتنا الإسلامية فيما يتصل بطراز العمائر الدينية والمدنية.
ومن وظائف طومان باى أيضا وظيفة كاشف الكشاف، وهو المسئول عن ملف الري والأراضي الزراعية فى مصر، ومنصب الدوادار، وهو حامل آنية الحبر السلطانية، الذي يكتب للسلطان ويمهر الخطابات بتوقيعاته، وصولا إلى منصب نائب السلطان.
وما أن سقط السلطان قنصوة الغوري صريعا في موقعة مرج دابق في 25 رجب سنة 923ه/ 24 أغسطس 1516م أمام جيوش العثمانيين بقيادة السلطان العثمانى سليم الأول، حتى بايعه أمراء المماليك وعامة القاهرة، فأبطل المظالم، وحاول أن يطور الأسلحة باقتناء المدافع، لكن حظه العسر أدى إلى غرق عدة مراكب محملة بالسلاح والمدافع قادمة من الهند، كان قد طلبها الغوري قبل توجهه إلى مرج دابق، وبالتالى فإن إمكاناته في الدفاع عن القاهرة كانت محدودة، لكنه نجح في إشعال المقاومة الشعبية، حتى أنه كان يخطب بإسمه على منابرها رغم دخول قوات سليم إلى القاهرة، وقال عنه مؤرخ عصره ابن إياس: " وكان هذا السلطان له عزم شديد في عمل العجلات والبندق الرصاص، وكانت له همة عالية ومقصد نبيل"، لكن سوء حظه وقف حجر عثرة فى طريقه، وفى ذلك يقول ابن إياس: "وسئ الحظ ليس له دواء.. ولو كان المسيح له طبيبا".
هُزم جيش طومان باى أمام سليم الأول فى موقعة وردان بالجيزة، وقد كتب طومان باى إلى سليم قائلاً، وفق ما أورد ابن إياس:"إن كنت تروم الخطة والسكة باسمك، وأكون نائباً عنك بمصر، وأحمل إليك خراج مصر حسبما يقع الاتفاق عليه بيننا من المال الذي أحمله إليك فى كل سنة، فارحل عن مصر أنت وعسكرك، وصُن دماء المسلمين بيننا، ولا تدخل في خطيئة أهل مصر من كبار وصغار وشيخ ونساء، وإن كنت ما ترضى بذلك أخرج ولاقني فى بر الجيزة، ويعطى النصر لمن يشاء".
ثم هُزم طومان باي في معركة الريدانية (العباسية حالياً)، لأن جيشه كان يواجه جيش سليم بالسيوف وبصدر عار أمام مدافع وبنادق متقدمة، حتى قال المؤرخ أحمد بن زنبل:"لولا النار التي مع السلطان سليم ما غلب المماليك فى الحرب ولامرة"، لكن البنادق ساوت بين الشجاع والجبان.
وبعد موقعة الريدانية، هرب طومان باى إلى سخا واستنجد بشيخ عربانها حسن بن مرعى، وكان ابن مرعى من أعز أصدقاء السلطان، وله عليه غاية الفضل والمساعدة من أيام الغوري، وقام بما عليه من المال مرارا، فلم يذكر له من هذه الأخلاق شيئا ولا أثمر فيه الخير، فسلمه إلى السلطان سليم، وكان طومان باى مرتديا لبس العرب من الهوارة، وليس في زى المماليك ، وراح طومان باى ضحية الخيانة.
حُمل السلطان الغوري أسيرا يرسف فى أغلاله إلى سليم الأول، لكنه كان مرفوع الرأس يرسف، فقال بحسي شهادة ابن إياس:"إن الأنفس التي تربت في العز لا تقبل الذل، والأسد لا يخضع للذئب، ولستم بأفرس منا ولا أشجع، وليس فى جندك من يقايسني فى حومة الوغى"، وتملك الإعجاب بطومان باى من نفس سليم ، وقال:" والله لا يُقتل مثل هذا الرجل"، وكاد أن يعفو عنه، وظل سجينا لدية لمدة سبعة عشر يومًا، حتى إن طومان باى حين ساقوه إلى الإعدام لم يكن يعلم بذلك، لكن بعض المماليك الخونة مثل خاير بك، وجان بردى الغزالي حرضوا سليم على قتله.
وقد أورد ابن إياس فى موسوعته "بدائع الزهور فى وقائع الدهور" مشهد إعدام السلطان طومان باى، فقال:"طلع طومان باى القاهرة فطلع من سوق مرجوش(أقصى شارع المعز من ناحية الجمالية) وشق القاهرة، وجعل يُسلم على الناس، حتى وصل إلى باب زويلة(عند مسجد المؤيد شيخ في أقصى الغورية حالياً)، وهو لا يدرى ما يُفعل به، فلما أتوا إلى باب زويلة، أنزلوه عن فرسه، وأرخوا له الحبال، ووقفت حوله العثمانية بالسيوف مسلولة، فلما تحقق أنه يُشنق وقف على أقدامه على باب زويلة، وقال للناس الذين حوله: اقرأوا الفاتحة ثلاث مرات، وقرأت الناس معه، ثم قال للمشاعلى(من يقوم بقطع الرؤوس أو تنفيذ الإعدام): اعمل شغلك، فلما وضعوا الخية فى رقبته، ورفعوا الحبل، انقطع به فسقط على عتبة باب زويلة، وقيل انقطع به الحبل مرتين، وهو يقع على الأرض ثم يعلقونه وهو مكشوف الرأس، فلما شُنق صرخت عليه الناس صرخة عظيمة، فإنه كان شابا حسن الشكل، كريم الأخلاق، سنه نحو أربع وأربعين سنة، وكان شجاعا بطلا تصدى لقتال ابن عثمان، وثبت وقت الحرب بنفسه، وقتل منهم ما لايحصى"، وظل طومان باى معلقاً ثلاثة أيام على باب زويلة حتى فاحت رائحته، فأمر سليم بأن يغسل ويكفن، وأمر بثلاثة آلاف دينار تفرق عليه، وأحضروا له تابوتا، ووضعوه فيه، وتوجهوا به إلى مدرسة السلطان الغوري عمه فدفنوه.
ومن عجائب الأقدار أن الغوري الذي كان يلهب جيوب المصريين بالضرائب بنى مدرسته ومسجده ومقبرته وأنفق عيها مائة ألف دينار قطعت رأسه، ولا يعلم أين ألقيت في أحراش حلب، فدُفن فيها طومان باى العادل الذي رفض فرض الضرائب وقت الحرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.