قوة مفعول الساحرة المستديرة فى إحراز الأهداف وحصد البطولات بالإحصائيات والأرقام .. ثم تغيرت المعايير وصارت القوة البدنية والسرعة فضلا عن المهارة الفنية هى مفتاح خزائن الأندية والطريق نحو ملايين الصفقات الصيفية والشتوية والاستمتاع ببريق الشهرة والأضواء. وتدريجيا أصابت لعنة «السحر الأسود» اللعبة الشعبية الأولى فى العالم بجشع المال خلف جدران الاتحادات الرياضية والمؤسسات الكبرى من ناحية، وفيروس التعصب والعنصرية الذى اجتاح مدرجات الجماهير ولوَّث شعاراتهم وانتماءاتهم من ناحية أخرى .. فتسقط كرة القدم «ذبيحة» على مائدة الفاسدين والمتطرفين !. وأشهر روايات الفساد المالى شهدتها أروقة الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا»، من واقع اتهامات الاحتيال واستغلال النفوذ التى تطارد كلا من رئيس الاتحاد السابق الثعلب السويسرى جوزيف بلاتر، ونائبه ورئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم ميشيل بلاتينى، ذلك النجم الفرنسى العالمى المتوَّج بجائزة الكرة الذهبية 3 مرات فى تاريخه. وبعد تحقيقات استمرت 5 سنوات فى المعاملات المالية تحت قيادة بلاتر وبلاتينى، ركزت الإجراءات الجنائية المفتوحة على الاشتباه فى سوء الإدارة والاختلاس، بالإضافة إلى تورط أسطورة فرنسا فى قضية رشوة من الفيفا بمليونى فرنك سويسرى لاتحاد كرة القدم الفرنسى بموافقة بلاتر عام 2011. ووفقا لسير التحقيقات قرر مكتب المحامى العام الفيدرالى فى سويسرا تمديد التحقيق فى قضايا بلاتر -84 عاما- وبلاتينى -65 عاما-حول أسلوب الإدارة غير العادلة والتربح والصفقات المشبوهة والتزوير المالى. وانتقل الورم الخبيث من رأس الهرم إلى بقية قواعده، لنكتشف حالات مخجلة منها وزير السياحة البرازيلى السابق، إنريكى إدواردو ألفيس وهو رهن الاعتقال على خلفية اتهامات بالفساد متعلقة بإنشاء ملعب لكرة القدم استضاف نهائيات مونديال 2014، فضلا عن تورطه فى قبول رشاوى وغسيل أموال واختلاس مستحقات مشروع بناء استاد فى مدينة ناتال وإخفائها فى حسابات سرية. ويواجه ساندرو روسيل رئيس نادى برشلونة السابق وزوجته مع 4 آخرين، شبح القضبان بتهمة التربح عن طريق أعمال تجارية لشركات وهمية وتقاضى أموال غير قانونية مقابل الحقوق الخاصة بالمنتخب البرازيلى تصل إلى 15 مليون يورو. ولم تنجُ الأميرة السمراء من مستنقع الضياع الرياضى، فى ظل ما كشفته مراجعة حسابات سرية أجراها الفيفا عن مخالفات مالية بأرجاء كرة القدم الإفريقية، مما أثار القلق بشأن مشروعية ملايين الدولارات المدفوعة لمسئولين تنفيذيين واتحادات وطنية داخل القارة. وتقاطعت مشاهد التعصب فى المدرجات مع قصص الفساد المثيرة ليكتمل «السحر الأسود»، واقتبس المفكر الإنجليزى تيرى إيجلنون عبارة رائد الماركسية كارل ماركس الشهيرة بأن «الدين هو أفيون الشعوب»، واستبدلها بأن «الكرة الآن هى ذلك الأفيون»، حيث تصاعدت مؤخرا مظاهر التمييز العنصرى، وخلط السياسة بكرة القدم. ففى بلغاريا، احتجزت الشرطة 6 أشخاص مشتبه بتورطهم فى «إساءات عنصرية» تجاه اللاعبين السود فى منتخب إنجلترا، مع احتمال وقوع المزيد من الاعتقالات. واستهل الدورى الإنجليزى الموسم الجديد بفضيحة من جماهير نادى تشيلسى إزاء لاعب الفريق تامى أبراهام، عقب إهداره ركلة الترجيح الأخيرة فى مباراة السوبر الأوروبى بين «البلوز» وفريق ليفربول،. وسرعان ما انتقلت عدوى «التمييز العنصرى» إلى مانشستر يونايتد لتهاجم جماهيره عبر وسائل التواصل الاجتماعى لاعبى الفريق بول بوجبا وماركوس راشفورد. لاريب أن تاج «كرة القدم» يفقد حباته الماسية لتتساقط مع كل فضيحة فساد أو صورة من صور التعصب الأعمى.وصار لزاما على الساحرة المستديرة أن تتخلص من ذراعى «السحر الأسود» قبل أن تختنق، وتموت إكلينيكيا قيمة ومبادئ كلمة اسمها «الرياضة»!