صدرت حديثًا عن دار "خطوط وظلال" للنشر والتوزيع رواية "زواحف سامة" للكاتب عبد النبي فرج. تدور الرواية فى الريف، حيث الأساطير، والفانتازيا، وصراع العائلات على النفوذ والسلطة، وهناك أيضًا مَنْ هم على هامش هذا المتن مثل الراوي، والبقال، وغيرهم من الشخوص. عن الرواية يقول الشاعر والكاتب محمد الكفراوي: اللغة السردية فى الرواية غاية فى الحيوية، ويتنقل الكاتب بين الفصحى فى الوصف وفى فصول الراوى العليم، البطل الموازى إلى العامية فى لغة أهل البلد وحواراتهم المتشعبة، ويقدم الكاتب ما يمكن تسميتها لغة صريحة مكشوفة فى هذا العمل، فكل الكلمات تبدو طازجة حية خارجة من قلب القرية، وإن كانت الشخصيات التى تمت أسطرتها تحمل بعدا غرائبيا من البداية، مثل سالم أبوحامض أو حتى منصور «صائد الثعابين» الذى لا يموت، والذى حاول الكاتب نفسه أكثر من مرة أن يقتله ولكن فى كل مرة ينجو من المصيدة أو الفخ الذى نصبه له المؤلف الراوى. هنا تأتى التقنية الأكثر لفتا للانتباه والتى تعد بمثابة كسر للإيهام بين القارئ والنص، وهو ظهور الراوى أو الكاتب نفسه كشخصية حقيقية تتألم وتفكر طوال الوقت فى مصائر الأبطال وتتعذب بسبب الحركات الفجائية للأبطال والطريقة التى يتعاملون بها مع بعضهم البعض.
من أجواء الرواية، نقرأ ما ورد على كلمة الغلاف: "وبعد أن شربَ الشَّاي استلقى على ظهرِهِ، واستغرقَ في نومٍ عميقٍ؛ يسحبُ الهواءَ بقوَّةٍ حتَّى عمِلَ لنفسِهِ مجرىً هوائيًّا يتدفَّقُ حتَّى يكاد يراه وهو يدخل إلى أنفِهِ، يسحبُ روائحَ الزُّهورِ والأعشابِ، ويحلمُ بجبالٍ ضِخامٍ؛ جبالٍ عصيَّةٍ، كائنٍ حيٍّ، مروجٍ من الكائناتِ المتدفِّقةِ كأنَّها بساطٌ يتقلَّبُ بألوان الطَّيفِ الفِيراني، جلد النَّمِرِ الذَّهبي، الأبيض، الأخضر، الأصفر، الأسود. قام من النَّومِ وهو يشهقُ وينتحبُ، عاريًا في الصَّحراء، يجري، يصدر صوتًا أشبه برُغاءِ الجَمَلِ، عاريًا يتمرَّغُ في الرِّمالِ كأنَّه مسعورٌ يريدُ أن يلتحِفَ بالرِّمال، كان في قمَّةِ اليأسِ، يقعدُ على ركبتيهِ ناظراً إلى الصَّحراءِ الموحِشةِ، الصَّحراءِ الخاليةِ من الحياةِ، مُهتزاً، مشوَّشَ الذِّهنِ، يتكلَّمُ عن أبوابِ الصَّحراءِ المغلَقةِ، والطُّرقِ المتاهةِ، والدُّروبِ الشِّراكِ، والسُّهولِ الخادعةِ، يصرخُ بصوتٍ حيوانيٍّ مريعٍ، أنا وحيدٌ؛ بلا دليلٍ، بلا ذاكرةٍ أو عقلٍ يُدركُ أنَّني في الجحيمِ، ثم سقطَ مغشيًّا عليه وظلَّ على هذهِ الحالِ.. تتابعُ عليهِ برودةٌ، وحرارةٌ، وأوراقٌ تذبلُ، وأوراقٌ تزدهرُ، وأصواتٌ مختلفةٌ تتدفَّقُ داخلَ أذنِهِ؛ كأنَّها أصواتُ موسيقى كونيَّةٍ".