شطة: التزوير والتربح أطاح بالمواهب خارج أسوار الأندية أسامة خليل : يجب التحقيق الفوري في الأمر ومحاسبة المقصرين خالد بيومي : كارثة ستدمر الكرة المصرية زكي عبد الفتاح: مسلسل جديد من الفساد التطور الرهيب لكرة القدم في السنوات الأخيرة، وسيطرتها على عقول مشجعي وعشاق اللعبة، دفع الكثير لمحاولة الدخول في عالمها، لما تتمتع به اللعبة من شهرة عالمية، وأحيانا يحاول راغبو الشهرة والمجد سلك طرق غير مشروعة، للوصول لهدفهم وتقديم أنفسهم للمجتمع من خلال كرة القدم. وباتت الساحة مليئة بالعديد من الأمور تعرقل تطور اللعبة، نظرًا للبحث عن الشهرة والمال غير المشروع، بصرف النظر عن الموهبة الكروية أو التدريبية وكذلك الإعلامية والإدارية. ومازالت الكرة العربية والإفريقية بشكل عام والمصرية بشكل خاص تعاني من الصراعات، التي تسعي إلى الظهور فقط من غير أي مؤهلات من خلال العمل في مجال الإعلام، أو السعي لرئاسة الأندية، وكذلك العمل في مجال التدريب، وكلها أمور تشكل عوائق في طريق تطور كرة القدم. ومن أبرز تلك الأمور صعوبة، دخول الكثير من الهواة عالم التدريب، من خلال الأندية الصغيرة في جميع الدرجات، وكذلك الأكاديميات التي أصبحت منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، الأمر الذي ساهم في إخفاء العديد من المواهب نظرًا لضعف القدرة من تلك الأفراد علي تطوير اللاعبين الصغار والناشئين، في الوقت الذي تنتظر الأهالي تطوير أداء أولادهم على المستوي الفني والفكري. وساعد علي انتشار تلك الظاهرة السلبية، حصول بعض الهواة علي شهادات تدريبية، مقابل مبلغ مالي بسيط، تلك الفضيحة التي نجحنا في كشفها والتأكد منها، إذ يحصل الهاوي على شهادة تفيد بأنه اجتاز الدورة الأساسية للمدربين، من أكاديمية نقابة المهن الرياضية لعلوم التربية البدنية والرياضية، التابعة لنقابة العامة للمهن الرياضية، وشهادة أخرى من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم «كاف» باجتيازه دورة المدربين «c» من خلال سماسرة الرياضة، الذين بدورهم يقومون بالاتفاق مع راغبي التدريب بدفع مبلغ مالي، مقابل الحصول علي تلك الشهادات. ومن المؤسف أن معظم مدربي مصر تتعامل بتلك الطريقة، ويتم هذا الاتفاق المشبوه بكل سلاسة ويسر، ليبدأ من هنا التوغل في عالم الساحرة المستديرة بتلك الشهادات، والاعتماد علي الزى الرياضي المثالي وهو بدلة التدريب والكاب والكوتش، لإقناع الأهالي بالمدرب الذي يسعى للحصول على مبالغ مالية لا غير، في الوقت الذي تخلت فيه إدارات الأندية عن فرق الناشئين لصالح الاستثمار وتملك فرقهم للراغبين في تحقيق الأرباح دون النظر لعملية التطوير والأداء، وأصبح من يدفع أكثر هو من يلعب، وتحولت الأمور إلى أن قيد الناشئين يرتبط بدفع الأموال لضمان مكان في قائمة الفريق، الأمر الذي سيأخذ الكرة المصرية لانحدار جديد، نظرًا لضعف مستوي المدربين واللاعبين علي جميع المستويات. وفي الوقت الذي أصبح فيه التدريب في الدول المتقدمة علما قائما بذاته يعتمد إلى عدة علوم أخرى لتكمل العمليات التربوية والتعليمية التي تخضع لقوانين ومبادئ عديد من العوامل مثل فسيولوجيا الرياضة والميكانيكا الحيوية وعلم النفس الرياضي وعلم وظائف الأعضاء، وغيرها من العلوم الأخرى المرتبطة بالرياضة والمكملة لها، ولعملية التدريب الرياضي وجهان يرتبطان معا برباط وثيق يكونان وحدة واحدة، أحدهما تعليمي والآخر تربوي، فالجانب التعليمي من عملية التدريب الرياضي يهدف إلى إكساب وتنمية الصفات البدنية العامة والخاصة وتعليم وإتقان المهارات الحركية الرياضية والقدرات الخططية لنوع النشاط الرياضي التخصصي، إضافة إلى إكساب المعارف والمعلومات النظرية المرتبطة بالرياضة بصفة عامة ورياضة كرة القدم بصفة خاصة. المدرب هو روح اللعبة ومصدر تطويرها، والمرآة الحقيقية للرياضة، وهو الشريك الأكثر عطاء وتفانيا على حساب الذات والحياة الخاصة، وحتى يصل المدرب لدرجة الوعي والفهم وقدرته علي نقل مهاراته الفكرية وأسلوبه، يجب ألا يقتصر عمله على تدريب اللاعبين على أرض الملعب فقط، إنما عليه العمل على تطوير الجوانب البدنية والجسدية لدى للاعبين، وأن يكون ملما بشكل كافٍ بعلم النفس، وذلك حتى يتمكن من التعامل بشكل جيد مع مختلف ضغوطات العمل والظروف النفسية السيئة، التي قد تؤثر على أداء الفريق بشكل كبير، بل ويزود اللاعبين بالخبرات والمهارات اللازمة ليصبحوا قادرين على أداء أعمالهم بكفاءة أكبر، فالمدرب يلعب دورا بالغ الأهمية، حيث إنه له الدور الأبرز في تطوير أداء اللاعبين ورفع مستواهم الرياضي، بالإضافة إلى تهيئتهم وإعدادهم على الصعيد النفسي، إذ لا يقتصر دوره على تحقيق الفوز في المباريات التي يخوضها فريقه فقط، وبغض النظر عن مستواه الاحترافي فإن فريق كرة القدم يحتاج إلى طاقم تدريبي قد يتكون في بعض الأحيان من شخص واحد توكل إليه جميع المهام التدريبية، وتحتوي بعض الفرق على طاقم تدريبي يتكون من العديد من الأشخاص، وبغض النظر عن عدد الطاقم الذي يعمل برفقته المدرب فإن عليه العمل على تطوير مستوى اللاعبين وتحسين قدرتهم على تأدية اللعب الجماعي. ومع فقدان كل هذه الأساليب من قبل هواة التدريب، ف الكرة المصرية أصبحت مهددة بالانهيار، خصوصًا أن معظمهم يتعامل مع مراحل الناشئين، فتدريب الناشئين عملية تربوية، هادفة وموجهة ذات تخطيط علمي، ويجب أن يتم إعداد المدربين بمختلف مستوياتهم، وحسب قدراتهم (براعم، ناشئون، شباب) إعدادا متعدد الجوانب بدنيا ومهاريًا وخططيا ونفسيا وفكريا للوصول إلى أعلى مستوى ممكن، ومتواصلاً مع الناشئين بروح الأبوة والأخوة ليكتشف ويرعى المواهب ويحدد نقاط الضعف ويعالجها بكل تواضع واحترام، لأنه هو قائد يقود سفينته المميزة مواجها بها جميع التحديات والمعوقات البشرية، المادية والعامة نحو تحقيق أكثر من هدف في وقت واحد. وإذا أردنا أن نتحدث عن مدربين لهم مواصفات خاصة يستطيعون بها تحقيق النجاح، هناك خصائص يجب أن يختص بها المدرب الناجح وهي مواصفات ثقافية، إنسانية ونفسية كثيرة تعكس حساسية دوره في أداء رسالته، وكل هذه الأمور يصعب توظيفها مع أشخاص كل علاقتها بكرة القدم أنها عبارة عن لعبة جماعية بين فريقين يسعي كل منهما تحقيق الفوز على الآخر. غزو «الكرتونة» «دفعت الفلوس ومنتظر أستلمها»، من هنا تبدأ قصة الحصول علي رخصة التدريب والمتعارف عليها بين هؤلاء المدربين ب (الكرتونة)، قد يكون المعني غريبا وعجيبا، لكن ليس بغريب علي هذه الفئة أنت تطلق على تلك الرخصة هذا الاسم، كونهم يرون أنها مجرد ورقة مصنوعة من «الكرتون»، في ظل عدم معرفتهم بقيمة الوثيقة التي يحصلون عليها، والتي من المفترض أن يتم تسليمها للأشخاص الذين يحضرون الدورات التدريبية بانتظام، ثم بعد ذلك ينجحون في اجتياز الاختبارات. (م . ع. أ) أحد المستفيدين من الحصول علي رخصة التدريب بهذه الطريقة يؤكد أن الأمر بدأ معه بالصدفة، بعد معرفته بأن أحد مدربي الدرجة الثانية حصل علي هذه الشهادة بدون حضور أي دورات، ومن الطبيعي بدأ السؤال علي كيفية حصوله علي تلك الشهادة نظرًا لحبه وعشقه لكرة القدم، وأنه يريد العمل في مجال التدريب، وبالفعل ساعده مدرب الدرجة الثانية للوصول لسمسار الذي أكد له صحة الشهادات وأن الكثير من المدربين حصلوا علي هذه الشهادة بل الكثير منهم نجح بالسفر للعمل في الأندية الخليجية، ليتم التفاوض للحصول علي الشهادة، ومن أكثر المفاجآت أن هذا الشخص لم يمتلك أي خبرات أو شهادات تفيد أنه قادر على خوض التجربة، لأنه لم يكن غير مسجل أنه مارس كرة القدم وهو صغير أو عمل كمساعد مدرب في أحد الأندية، ولكن المفاجأة الكبري، أنه رأى أن كل هذه المعوقات سهلة التخلص منها من خلال هذه المافيا القادرة علي تذليل كل الأمور المتوقفة، ولكن يجب عليه أن يدفع أكثر، وهو ما تم بالفعل وحصل الشاب صاحب ال37 عامًا، علي شهادتي التدريب، الأولي خاصة بنقابة المهن الرياضة بتاريخ قديم، والثانية رخصة التدريب الخاصة بالاتحاد الإفريقي المستوي C، وهو ما دفع زميله "ع أ ش" صاحب ال35 لأخذ نفس الخطوة، بعد ما تأكد أن صديقه نجح في الحصول على التراخيص بكل سهولة ويسر وبدون أي معوقات، وهو ما ساعد الثنائي بعد ذلك في العمل في أحد أندية الدرجة الرابعة، بعد تقديم الشهادات الرسمية الحاصلين عليها مقابل دفع 3200 جنيه مصري فقط لا غير لكل فرد منهم، ونجح الثنائي في العمل في أحد أندية الدرجة الرابعة في محافظة الغربية، في مرحلة النشء، ومازالا حتى الآن هما وغيرهما يعملون في مجال التدريب. الشهادة المزورة المتداولة الكارثة الكبري أن أكبر الأندية المصرية أصبحت تعاني من تلك الأزمة، وهو ما يؤكده عبد المنعم حسين "شطة" المدير الفني الأسبق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، أن مرحلة التزوير لم تتوقف عند مراكز الشباب والأندية الصغيرة فقط فالأندية الكبري في مصر والخليج، تمتلك العديد من تلك الفئة التي تحمل هذه الشهادات المزورة، الأمر الذي يجب أن يضع له ضوابط من الأندية والاتحادين المصري والإفريقي، من خلال عمل لينك للتحقق من صحة الشهادات أو من عدمه. الرخصة المزورة قاريا وأضاف «شطة» أنه ساعد الكثير من أندية الخليج في كشف هذه الشهادات، من خلال التواصل معه أثناء وجوده في الاتحاد الإفريقي أو حتى بعد تركه للمنصب، وكانت المفاجأة الكبرى بالنسبة له هو توغل هذه الفئة لأكاديميات الأندية الكبري، حيث إنه نجح بشكل شخصي في اكتشاف أكثر من مدرب يعملون في أكاديمية النادي الأهلي يحملون هذه الرخص المزورة، وهو ما يعني أن كل ملاعب مصر تعاني من تلك الأزمة الرهيبة والكبيرة، كما يري شطة أن أزمة التزوير قد تكون أسهل بكثير من أمور أخرى، لأن التزوير من السهل اكتشافه والعمل على إيقافه، ولكن ما يحدث الآن من استثمار مشبوه، في الأندية من خلال دخول المستثمرين لشراء فرق الناشئين والحصول علي حق الانتفاع للرعاية هو الأمر الذي أصبح أكثر خطرًا علي الكرة المصرية ،لأن من يدفع أكثر هو فقط من يلعب، لذلك أصبح من الصعب أن يجد الموهوب الفقيرالمكان له وسط هذه المهازل الكبري التي تحدث الآن في 90% من أندية مصر، والأمر لم يتوقف عند فرق الناشئين، فكثير من فرق الدرجة الثالثة والثانية، يتوقف فيه القيد علي من يدفع أكثر، من خلال دفع مبالغ قد تعادل قيمة العقد الذي يحصل عليه اللاعب، حتى يتم قيده في القائمة. رخصة التدريب المعتمدة من الكاف ويؤكد المحلل الكروى خالد بيومى، أننا أمام كارثة ستظهر عواقبها تدريجيا فيما بعد، وستأخذ الكرة المصرية والعربية لمرحلة الضياع، ومن المؤكد أننا سنرى أمورا سلبية كثيرة، قد تؤثر على الإنتاج بالسلب بالنسبة للمواهب، لذلك يجب التحقيق فى الأمر مع هؤلاء الأشخاص، ومعرفة من وراء خروج تلك الشهادات بهذا الشكل. وهل الأمور تتم في الخفاء من أشخاص لديهم القدرة على تهريب تلك الشهادات بدون معرفة أحد؟. وأضاف «أيا كان الناتج يجب تغيير طريقة العمل فى هذه الدورات، وأن تتم فى مكان واحد وبرقابة من كل الجهات على عكس المتعارف عليه، أن تقوم الدورة فى إحدى المناطق، ويتم من خلالها تسليم الأوراق للجبلاية لتقوم فقط بالاعتماد، فهذا أمر لابد من تغييره، لأنه سيساعد كثيرا من الحد فى التلاعب الرهيب الذى وصلنا إليه الآن". رخصة التدريب المعتمدة من الكاف ويؤكد زكى عبد الفتاح، مدرب حراس نادى لوس أنجلوس الأمريكى، أننا أمام نقطة جديدة من الفساد فى الكرة المصرية ، وبرغم أننا دولة ال 100 مليون موهبة، وأن مصر قادرة على المنافسة على كأس العالم وليس فقط محاولة الصعود إليه، للأسف هذه النوعية من الفساد تسببت فى أننا لم نتمكن من الفوز فى أى مباراة فى كأس العالم حتى الآن. وأضاف عبد الفتاح، نحن نحتاج بالفعل لتغيير الفكر السائد فى مصر، وهو الجرى وراء النجاح من غير دراسة ولا تعب، وهذه الأمور لدينا أمل كبير فى تغييرها فى مصر الحديثة تحت القيادة الرشيدة لسيادة الرئيس الذى يسعى لمحاربة الفساد فى كل مكان. أما أسامة خليل ، نجم نادى الإسماعيلى الأسبق، فيرى أن التهاون فى هذا الأمر سينهى الكرة المصرية فى خلال فترة زمنية قصيرة، لأن هذه النوعية من المدربين تعمل مع الناشئين، وهو ما يجعلنا نفقد سنويا رقما كبيرا من المواهب داخل النجوع والقرى والأندية الصغيرة التى يعمل فيها هؤلاء النصابون، لذلك يجب عمل تحقيق موسع وفتح هذا الملف لمعرفة حقيقة الأمر.