أحمد عبدالتواب كلمة عابرة أكبر إنجاز تحقق فى انتخابات مجلس النواب الأخيرة أن جماهير الناخبين استطاعت أن تُسقِط بعض أشهر محترفى الانتخابات، الذين يهتمون، أولاً، بحصولهم على الحصانة ، لينطلقوا تحت حمايتها فى أعمال لا علاقة لها ب العمل البرلمانى ، بل إن بعضها يتعارض مع القانون، بما لا يتوقف عندالتربح الهائل، وإنما كذلك حتى يتميزوا بقوة إضافية، فى نشاطاتهم خارج العمل البرلمانى ، ضد خصومهم ومنافسيهم. بل إنهم ينجحون بحصانتهم فى وضع عراقيل تمنع مساءلتهم حتى أمام النيابة العامة ! وللأسف، فإنهم يستمرون فى التمتع ب الحصانة ، عن طريق ثغرات فى القواعد الموضوعة أصلاً لحماية النائب من أن يتعرض لما قد يعيقه عن أداء دوره كممثل للشعب. ولم يكن لإنجاز إسقاط هؤلاء أن يرى النور إلا بفضل عدة عوامل متضافِرة، أهمها حياد أجهزة الدولة ، ليس فقط بأن تكون على مسافة واحدة من المرشحين المتنافسين، وإنما بأن تحقق الأمن المطلوب لعمليات الاقتراع والفرز. وكان الاختفاء التام ل ظاهرة البلطجة هو أهم ما تحقق فى شروط توفير الطمأنينة للناخبين، بعد أن استشرى البلطجية فى كل انتخابات عهد مبارك، وكانوا فى أثناء تزويرهم الفعلى، يقترفون جرائمهم التى تروِّع الناخبين حتى صارت المشارَكة عملية محفوفة بالمخاطر المادية وبالتعرض للبذاءة..إلخ. وللأسف، وطوال عهد مبارك، فقد كانت الشرطة تكتفى بالفُرجة، تنفيذاً لأوامر صادرة لتمرير فوز المطلوب فوزه! وكانت هذه من أخطر السموم التى حقنها نظام مبارك فى علاقة الشرطة بالشعب . ومن انجازات الانتخابات الأخيرة أنها تدحض حجة من ينادون بالمقاطعة، ليس بمنطق أن كل طلباتهم قد تحققت، ولكن لأنها تثبت أنه يمكن بالعمل والدأب، أن تتحسن الأوضاع وتتطور؛ لأن ما حققه الناخبون فى الانتخابات الأخيرة، وبإمكاناتهم القليلة، بمثل ما توفره الإنترنت، يَعِد بإمكانية تحقيق المزيد نحو هدف تحقيق ضمانات الانتخابات المأمولة. ولكنه طموح مشروط بمزيد من المشاركة، ليس فقط بالتصويت، ولكن أيضاً، وهو الأهم، بالترشح وخوض معارك انتخابية، مع إدراك أن الانتخابات المثلى حلم إنسانى جميل لا تزال الديمقراطيات العتيدة تجتهد لتحقيقه، ونموذج ما حدث فى أمريكا قريب. * نقلًا عن صحيفة الأهرام