د. أسامة الغزالى حرب كلمات حرة جريمة القتل الشائنة ذبحا التى وقعت يوم الجمعة قبل الماضى (16/10) فى إحدى ضواحى باريس وكان ضحيتها مدرسا بمدرسة إعدادية فرنسية، أثارت- ولا تزال تثير حتى اليوم -نقاشا حامى الوطيس هناك. هذا المدرس كان يشرح لتلاميذه درسا عن حرية التعبير متخذا من قصة الهجوم، الذى حدث فى عام 2015 على مقر مجلة شارلى إبدو الساخرة بعد نشرها رسومات كاريكاتورية مسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، موضوعا لشرحه، ومثلما حدث فى واقعة شارلى إبدو التى وقعت فى يناير 2015، والتى راح ضحيتها 12 فنانا، قام شاب مسلم من أصل شيشانى بالهجوم على المدرس فذبحه، وفر هاربا، فطاردته قوات الشرطة طالبة منه تسليم نفسه، فرفض وأطلق الرصاص قبل يتلقى هو رصاصات أودت بحياته! قضايا كثيرة وحساسة تفرضها مثل تلك الوقائع علينا، مثلما أثارت غضبا عارما فى فرنسا حول حماية حرية التعبير هناك. غير أننى أعتقد أن من المهم هنا أن نتذكر الفارق الثقافى والحضارى الكبير بيننا وبين الثقافة والحضارة الأوروبية المسيحية، وعلى الأخص الفرنسية المسيحية. ففى حين يحرم الدين الإسلامى تصوير النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) تماما، وعلى نحو قاطع، فإن ذلك يختلف بشدة عن الديانة المسيحية التى اجتهدت فى تصوير السيدة مريم وابنها السيد المسيح. بل إن الملايين والملايين لصورة العذراء والسيد المسيح تزين كل كنائس العالم، وكذلك البيوت المسيحية...إلخ . حقا، إن هناك تمثالا تخيليا للرسول (صلى الله عليه وسلم) أعلى مدخل المحكمة العليا بأمريكا، كواحد من أكبر المشرعين فى التاريخ البشرى، ورفضت الحكومة الأمريكية بحسم طلبات بإزالته. غير أن المشكلة بقيت قائمة مع الرسم الأوروبى، الذى لم يكن مجرد صورة، وإنما تصوير كاريكاتورى ساخر. نعم،هذا بالمعايير الفرنسية والأوروبية، مجرد تعبير مشروع عن الرأى، ولكنه يظل بالنسبة للمسلمين أمرا مرفوضا .تلك كلمات تفسر فقط ولاتبرر إطلاقا جريمة القتل البشعة للمدرس البرىء التى ينبغى أن ندينها، ونعزى فرنسا والفرنسيين على وقوعها. نقلا عن صحيفة الأهرام