19 - بعد أن أجرى محافظ السويس محمد بدوى الخولى طوال يوم 24 أكتوبر سلسلة اتصالات مكثفة مع القيادة السياسية فى القاهرة ومع قادة المقاومة الشعبية داخل المدينة وبالتنسيق مع العقيد فتحى عباس مدير المخابرات الحربية بمنطقة جنوب القناة الذى كان على اتصال دائم مع اللواء أحمد بدوي قائد الفرقة السابعة مشاة شرق القناة واللواء يوسف عفيفى قائد الفرقة 19مشاة شرق القناة.. اكتشف المحافظ أن هناك إجماعًا على رفض الإنذار الإسرائيلى رفضًا قاطعًا شكلًا وموضوعًا. ورغم إبلاغ المحافظ للإسرائيليين برفض الإنذار، فإنهم لجأوا إلى حيلة حقيقية لضرب معنويات أهل السويس والتحامهم مع قوات المقاومة الشعبية المعززة ببعض الأذرع العسكرية من أفراد الجيش الثالث؛ حيث بدأوا يذيعون بمكبرات الصوت الموضوعة فوق دباباتهم سلسلة من الأنباء المختلقة والكاذبة عن مفاوضات يجريها محافظ السويس لتسليم المدينة، وإعلان قبول الإنذار الإسرائيلى، وجاء الرد سريعًا بانطلاق عشرات السيارات التى يقودها رجال المقاومة وتحمل مكبرات للصوت تذيع بيانًا باسم المحافظ يؤكد فيه تصميم أهل السويس على المقاومة والصمود ورفض الإنذار الإسرائيلي. ومع أن يوم 25 أكتوبر مر هادئًا على مدينة السويس لكن أهل المدينة كانوا يتوقعون هجومًا إسرائيليًا انتقاميًا فى أى لحظة، ومع أول ضوء صباح يوم 26 أكتوبر بدأ أعنف وأبشع قصف جوى ومدفعى ضد كل أحياء مدينة السويس التى قاومت ببسالة منقطعة النظير؛ مما دفع الإسرائيليين فى اليوم التالى 27 أكتوبر إلى اقتحام عدد من القرى المجاورة واعتقال عدد من المزارعين بها ووضعهم تحت التهديد إلى الإيحاء بأن المحافظ قبل الإنذار، وأنه يهيب بالمواطنين عدم المقاومة حرصًا على أرواحهم.. ومرة أخرى لم تنطل اللعبة على أهل السويس واستمرت المقاومة التى جعلت من أبواب مدينة السويس مقبرة للدبابات الإسرائيلية المحترقة بعد فشلها فى دخول المدينة أو البقاء فيها للحظات! وهكذا أجبرت السويس الإسرائيليين على الالتزام بقرار وقف إطلاق النار يوم 28 أكتوبر أى بعد 6 أيام من انتهاك القرار ورفض الالتزام به لتسير المظاهرات فى شوارع المدينة والناس تردد «يابيوت السويس يابيوت مدينتى أستشهد تحتك وتعيشى أنتى يا بيوت السويس». وإذا كان دور المقاومة الشعبية ورجالها الأبطال من أبناء المدينة الباسلة والقرى المحيطة بها هو الأبرز والأهم فى معركة السويس فإن الإنصاف يقتضى الإشارة إلى أن نجاح المقاومة الشعبية يرجع إلى تخطيط ودعم ومساندة ثلاثة من القادة العسكريين الكبار وهم اللواء أحمد بدوي قائد الفرقة السابعة مشاة شرق القناة و اللواء يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 مشاة شرق القناة والعقيد فتحى عباس مدير المخابرات العسكرية لمنطقة جنوب القناة الذى أشرف بنفسه على تشكيل المقاومة الشعبية بنفس كفاءة إشرافه خلال حرب الاستنزاف على منظمة سيناء الفدائية. ومن يراجع تقرير لجنة أجرانات الإسرائيلية وما ورد به عن ملحمة السويس يجد أنه بمثابة إقرار صريح بفشل مغامرة الثغرة، واعتراف بانتصار مصر وسقوط الأسطورة الإسرائيلية. وغدا نستكمل الحديث [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام