عبدالله عبد السلام أفق جديد هذه نظرة متشائمة لكنها واقعية لمنطقة مازلنا نعتبرها قلب العالم، فإذا بها تصبح رجلا مريضا فقدت شعوبها الثقة بشفائه. الشرق الأوسط ينطبق عليه اسم رواية الكاتب الراحل فتحى غانم الشهيرة : الرجل الذى فقد ظله، وتدور حول صحفى شهير يفقد مكانته الكبيرة بعد تغير الظروف عقب ثورة 23 يوليو 1952. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، أصبحت فى قلب السياسات العالمية. تصارع عليها القطبان الكبيران: أمريكا والاتحاد السوفيتى. أسهم الموقع الجغرافى والبترول واغتصاب إسرائيل لفلسطين فى أن تتبوأ أهمية كبرى. تعاقبت عليها الحروب والأيديولوجيات والزعامات الكبرى والثورات والانكسارات، التى أوصلتها لأن تصبح بئرا فارغ، يخشى كثيرون أن تشفطهم بأعماقها. عالم السياسة الأمريكي والتر راسيل ميد، نعى فى مقالة له بالوول ستريت جورنال، الشرق الأوسط . تساءل أين القومية العربية التى قادها عبدالناصر ؟ وأين الليبرالية التى اعتقد البعض أنها الحل لأزمة الحكم بالمنطقة؟ بل أين الإسلام السياسى؟.. كلها ضاعت، ولكن كيف ضاعت.. لست أدرى، كما أبدع شاعر المهجر اللبنانى إيليا أبوماضى. لم تعد هناك أيديولوجيا قادرة على مواجهة أسئلة الأزمة. الواقع معقد والشعوب أكثر يأسا، ولذلك ليس مفاجئا ازدهار نظريات المؤامرة وتعليق المسئولية برقبة الخارج، وكأننا أدينا واجبنا على أكمل وجه. حالة يأس شعبية. أحلام الديمقراطية والتنمية والتقدم تلاشت.البطالة تتزايد، وملايين الشباب يسعون للهجرة. «بى بى سى»، أجرت العام الماضى استطلاعا أظهر تزايد نسبة الشباب العربى تحت سن الثلاثين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ليسوا متدينين. يرى ميد أن أمريكا تأمل أن تعيد المنطقة تشكيل نفسها بعد كل هذه الكوارث، فى استعادة لنظرية وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس: الفوضى الخلاقة.. لكن الفارق حاليا اعتقاد واشنطن أن هذا الوضع الفوضوى لا يتطلب انتشارا واسعا للقوة الأمريكية.. فليتصارع أهل المنطقة مع بعضهم البعض مادامت المصالح الأمريكية آمنة. الشرق الأوسط ، كما عرفناه على مدى العقود الماضية من أيديولوجيات وقضايا وأهمية استراتيجية لم يعد قائما، ولم يبق منه سوى أزمات داخلية وحروب وصراعات تنخر عظامه.. إلى متى يستمر الأمر؟ الله أعلم!. نقلا عن صحيفة الأهرام