عبدالله عبد السلام أفق جديد أحد معانى القول الأمريكى المشهور : كل واحد له قصة، أن حياتك تختلف عن حياة أى شخص آخر. مكان ولادة الإنسان وتربيته وتعليمه وظروفه المعيشية تميزه عن الآخرين، وهذا سر فرادة واستثنائية البشر. المؤسف أن الواقع غير ذلك تماما. هناك من يريد فرض رواية واحدة ورؤية واحدة. الأقوياء على الضعفاء. الدول المتقدمة على المتخلفة. فى الغرب، هناك روايات بعدد الناس، لكن للفقراء رواية واحدة. منتصف التسعينيات، سافرت لأمريكا فى منحة دراسية. كانت لدى بعض ممن التقيتهم هناك رواية واحدة عن مصر: بلد الأهرامات وعمر الشريف. ليس هناك استعداد لسماع أو معرفة الروايات المصرية حول مصر. لقد تحدد هذا الانطباع السطحي، وترسخ لدى ملايين الغربيين أن مصر توقف تاريخها عند فترة ما قبل الميلاد، مع ملاحظة أنهم عرفوا عمر الشريف من عمله هناك. الكاتبة النيجيرية شيمامندا أديشى ترصد التنميط الغربى للأفارقة ووضعهم بقالب واحد: حروبهم لا تنتهي، يموتون من الفقر والإيدز، لايستطيعون التعبير عن أنفسهم وينتظرون الرجل الأبيض لإنقاذهم. شيمامندا تقول إنها كتبت، وهى صغيرة، قصة، تحدثت فيها عن أطفال عيونهم زرقاء يلعبون فى الثلج، مع أن زرقة العيون و الثلج منتجات غير إفريقية ، لكن الأدب الغربي ، الذى أصبح الكل يقلده، كرس نفسه باعتباره مقياس الامتياز. لقد تم نزع كل ميزة عن الأفارقة، فموسيقاهم وغناؤهم قبلى وبدائى وليس لديهم أدب عصري، فقط، كوارث ومعاناة وتخلف. الرواية الواحدة للغرب عن بقية العالم، تبدأ، حسب الشاعر الفلسطينى مريد البرغوثي، من ثانيا. تتحدث عن تخلف العرب والفلسطينيين، ولا تشير إلى أولا، وهو الاستعمار الغربى للعرب والاغتصاب اليهودى لفلسطين. ما يحدث على مستوى الدول يحدث للأفراد. الطبقات الموسرة لديها رواية واحدة عن الفقراء. تتحدث عن فقرهم وجهلهم ولا تسأل لماذا؟. الرواية الأحادية خطر ليس لعنصريتها وشوفينيتها بل لأنها لا تعكس الواقع، وتعطى شعبا أو طبقة كل صفات التحضر والتفوق، بينما الآخرون همج أو أقرب لذلك. إنها تسطو على كرامات الناس وتجعلهم يشعرون أنه مكتوب عليهم أن يظلوا دائما أدنى مرتبة من السادة. نقلا عن صحيفة الأهرام