عبدالله عبد السلام أفق جديد فى 26 مارس الماضى، بثت قناة العهد العراقية التابعة لميليشيا مسلحة، خبرا عن اغتيال الخبير بشئون الإرهاب هشام الهاشمى ثم حذفته لاحقا، فبدا الأمر تهديدا مبطنا بالقتل. أمس الأول، أصبح الاغتيال حقيقة، وراح الهاشمى ضحية مسدس كاتم للصوت أمام منزله ببغداد فى حادث بثت قنوات التليفزيون وقائعه مصورة مرارا وتكرارا. المفاجأة أن المغدور ليس فقط خبيرا أمنيا يكتب ويعلق على سيطرة الجماعات المسلحة على مفاصل الحياة بالعراق، هو أيض ا مستشار غير رسمى لرئيس الوزراء . لم يبال من قتلوه بالأمر، ليس لأنهم لايخشون الدولة وأجهزتها، بل لأنهم يعتبرون أنفسهم الدولة. كنت أجد مبالغة بحديث البعض أن العراق انتهى كدولة، وأن ما نشاهده ليس سوى بقايا كيان ينتظر أن يقضى الله أمرا كان مفعولا، لكن فشل تجارب الحكومات المتعاقبة لفرض القانون، وتوحش الفصائل الشيعية المسلحة بعد القضاء على داعش، جعل هذا التصور أقرب للواقع. الهاشمى، المنتمى لعشيرة الركابى السنية، نشر الخميس الماضى مقالا نعى فيه محاولات احتواء الميليشيات الشيعية، لم تنفع معها الملاحقات القضائية والأمنية والعسكرية، كما فعل نورى المالكى(2006 2014)، ولم تقتنع بدمجها بالحياة السياسية وضمها لمنظومة الدفاع الوطنى خلال حكم حيدر العبادى(2014 2018). ثم جاء عادل عبدالمهدى(2018 2020) عارضا أن يكون قادتها شركاء يتحملون المسئولية مع الحكومة، فشلت كل المحاولات، فقد استقوت الميليشيات بإيران وبرجال دين شيعة، ليخرج المارد من القمقم يعيث قتلا وإرهابا دون رادع، وحتى محاولة رئيس الوزراء الحالى مصطفى الكاظمى فرض الانضباط ليس مقدرا لها النجاح، لأنها أقوى من الجميع، ولم يبق إلا الانفراد بالحكم. طوابير الاغتيالات طويلة ومرعبة، لكنها عرض لمرض عضال ينخر بعظام العراق منذ الغزو الأمريكى 2003. وللأسف، غالبية من تصدوا لعلاجه يفقتدون الكفاءة والإرادة وليسوا فوق مستوى الشبهات، فسادا وارتهانا للخارج. بكلمات قاطعة، يتعهد الزعماء بالقضاء على توغل الميليشيات ومحاربة الفساد والمحسوبية، لنجد الفساد توحش والسلاح أصبح بيد الجميع والمحسوبية لغة العصر، مما يذكرنا بمطلع قصيدة جرير: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا.. أبشر بطول سلامة يا مربع. نقلا عن صحيفة الأهرام