قلوب الناس تعبت بسبب كورونا .. ومتاعب القلوب ليست فقط صحية ولكنها أيضا نفسية، وربما كانت المرة الأولى فى حياة الإنسان أن يرى نفسه سجينا بإرادته، أن يجد نفسه خلف الجدران يستطيع أن يخرج ولا يستطيع، أن يطارده كائن ضعيف لا يراه ولكنه ينقض عليه كالوحش.. دارت قصص وحكايات كثيرة عن أشخاص هربوا إلى أنفسهم واختاروا أن يبتعدوا عن الأهل والأصدقاء حتى لا يكونوا سببا فى العدوى وجلسوا وحدهم فى عزلة تامة ومنهم من مات ولم يخبر أحدا.. إن الشىء الغريب أن كورونا تختار قلوب المرضى وتعصف بها.. إنها تعرف أن القلب هو مفتاح كل شىء وأن القلوب يمكن أن تموت مرضا أو حزنا وانكسارا، ولقد حملت كورونا كل هذه الأعراض، هناك قلب لم يتحمل ضراوة الفيروس المتوحش فتوقف وهناك من سكت قلبه حزناً وهناك من انفض الجميع من حوله وجلس وحيداً يواجه لحظة النهاية.. كانت القلوب أكثر ضحايا كورونا ، كان منها من مرض ومن حزن ومن انكسر وكل حسب حظه ونصيبه هناك حكايات كثيرة عن قلوب لم تستطع أن تواجه واستسلمت للمرض وهناك قلوب صمدت وتحملت ويقولون إن جهاز المناعة أحياناً استطاع أن يتحمل ويقاوم وفى أحيان أخرى استسلم للنهاية.. هناك ذكريات حزينة عن قلوب عاشت النهاية وحدها فلا أحد ودعها ولا هى صافحت حبيباً أو صديقاً وكم من الأسرار قد ذهبت مع هؤلاء الذين رحلوا فى صمت ووراءهم قصص كثيرة من الألم والوحدة والاستسلام.. كل واحد منهم حاول أن يقاوم ولكن القلب ضعف.. وساعات الوحشة طالت ولم يجد أحداً بجواره.. بعض الناس رفض أن يستلم جثمان أمه أو أبيه أو زوجته خوفاً من العدوى.. إن كورونا لم تسجن الناس فقط ولم تكن سبباً فى حالة العزلة التى يعيشها الإنسان ولكنها أفسدت العلاقات الاجتماعية بين الناس ومنهم من مات وحيداً ومنهم من لم يودعه أحد ومنهم من رفض أن يشارك فى دفن صديق أو حبيب أو رفيق، كان الاختبار صعباً لأنه كشف حقيقة الناس ومعادن البشر.. نقلا عن صحيفة الأهرام