على تطبيقات الموبايل آلاف المواقع الإباحية وعشرات التطبيقات الداعرة وهي الأكثر بحثًا ومشاهدة وجذبًا للمراهقين لتحقيق الشهرة والنجومية وكسب المال ، ومن بينها تطبيق "تيك توك". وهو الاسم الذي تردد مؤخرًا والأداة التي تمحورت حولها مختلف الاتهامات، وهو تطبيق صيني للهواتف المحمولة، تم إطلاقه في سبتمبر عام 2016، وانتشر بسرعة هائلة، حتى بلغ عدد مستخدميه يوميًا نحو 200 مليون، وقد صنع عددًا كبيرَا من المشهورين وفقا لما ينشرونه من مقاطع فيديو. وهو ما يمكن أن يشكل مصدرًا ماليًا من الإعلانات، في حالة المشاهير الذين تتابع منشوراتهم أعداد كبيرة، تصل في بعض الأحيان عند النجوم منهم إلى عدة مئات من ألوف الدولارات، فأصبح كل شخص يُزايد على الآخر في صنع محتوى الفيديو، وكلما زادت نسبة العُري جمعت إعجابات أكثر وتعليقات أكثر ومشاركات للفيديو أكتر، وهذا سيعود عليها بالكسب المادي إلي جانب الشهرة أيضًا، وكل هذا على حساب الأخلاق والقيم العامة التي وضعها المجتمع والتي تربينا عليها. ومن جهة أخرى يكون لإشباع الرغبة في المغامرة والهروب من الواقع، أو البيئة المحيطة به التي لم تتناسب معه أو مع طريقة تفكيره، تجربة الإحساس بالشهرة، وتجربة أن عددًا كبيرَا من الناس يرددون الكثير من التعليقات، ويعطونه اهتمامًا أكبر من اللازم حتى ولو لفترة قصيرة. فتأتي المغامرة في جذب انتباه عدد كبير من الناس؛ لأنه في الوقت الحالي لا توجد أي أنشطة من أي نوع تقريبًا، أو أي فرصة تساعده على تجربة هذا الشعور الذي يحقق به احتياجاته البسيطة، ثم إن كل الناس تولي اهتمامها بالموبايل وتستخدمه معظم الوقت، إن لم يكن الوقت كله. والملحوظة المهمة هي وقوع جيل المراهقين - وخاصة البنات - هذه الفترة من العمر تعتبر فترة انتقالية من سن الطفولة لسن الرشد، وتلك الفترة يحدث فيها الكثير من التغيرات النفسية والجسمية، وهي فترة بدء تكوين الهوية والإحساس الزائف للفرد بأنه كامل النضج ومسئول الآن عن نفسه. وهي فترة يغلب عليها الإحساس بالأنانية والغرور، فترة بدء الصراع والمواجهة مع ملذات الحياة، وبدء أخذ القرارات في أي طريق سيسلك، لذا فهى فترة هشة من السهل تضليله فيها وخروجه عن المألوف. فترة صعبة للعائلة في التعامل مع هذا الكائن الجديد الذي يأبى أية نصائح، ويحس بأنه كامل الأهلية تمامًا، ولا يريد أية مساعدة في اتخاذ قراراته، والغريب أنهم كلهم على نفس الخطى، برغم أن كل واحدة منهن ترى بعينيها مصير الأخرى من الفضيحة والتشهير بها والسجن، ولكن للوصول للشهرة وكسب المال وفي نفس الوقت هروب من الواقع الأليم الذي تعيشه أو مرورها بأزمة نفسية أو تجربة صادمة أدت بها إلى اللجوء للقيام بمثل هذه الأفعال الفاضحة، وتصوير هذه الفيديوهات بهذا الشكل المهين لها ولسمعتها دون التفكير في أي ضوابط أو أخلاقيات، ودون التفكير في سمعتها التي سوف يتم التشهير بها دون التفكير في أهلها؛ الذين لم ينالوا من وراءها سوى الفضيحة والعار. لكن التساؤل: لماذا الفتيات تحديدًا؟ والإجابة: لإن البنات تنجذب أكثر للسوشيال ميديا عن الأولاد، في ظل وجود تطبيقات كانستجرام والسناب شات، فهى أثناء التصفح يصعب عليها مقاومة إحساس مقارنة نفسها بغيرها من البنات، وفى أغلب الأحيان ينتج عن هذه المقارنة إحساسها بأنها أقل منهم أو غير كاملة ينقصها الكثير. ومع استمرار مقارنة نفسها وحياتها بالآخرين، فمن السهل عليها الوقوع فى فخ أن الكل سعيد فى حياته، وأن الكل لديه حياة مليئة بالمغامرات والإثارة عن حياتها الحزينة البائسة. وهذه المقارنات ينتج عنها إحساسها بالحسد تجاههن، وإحساسها بأنها منبوذة ، كما ينمو عندها إحساس بالخوف لضياع عمرها الذي لا تستمتع فيه مثلهن. وتبدأ في تقليدهن بتطرف يصل إلى حد العري الكامل؛ للحصول على إعجاب وانتشار أكثر، وكل ذلك في غياب تام لرقابة الأسرة على بناتهم. واحدة من المتهمات - ومعها الحق - طالبت بمحاسبة من قام باستغلالها هي وباقي الفتيات، ودفع لهن المال من أجل استغلالهن على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن بعض الشركات تزعم التسويق للملابس والأحذية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقوم باستقطاب الفتيات لعرض أنفسهن على المواقع لزيادة نسب المشاهدة والتسويق الإلكتروني. ويحسب للمشرع ملاحقته لتلك الجرائم المستحدثة؛ مما كان لها الأثر الفاعل في مجابهة مثل تلك الجرائم، وخاصة بعد بصدور قانون الإنترنت الجديد وإنشاء المحاكم الاقتصادية. ثم إن تصدي النيابة العامة لفتيات «تيك توك» نابع من إحساسها بالخطر، ومدى الأضرار التي تلاحق الوطن من تلك الفيديوهات، وأثرها على ثقافة المجتمع والتحريض على انتشار الجريمة بكافة أشكالها؛ مما كان له الأثر الأكبر في الردع للجناة أو من يقلدهم. وبرغم كل ذلك، فهناك مشكلة في التركيبة الأخلاقية للمجتمع؛ لأن من يرفضون هؤلاء البنات، هم أنفسهم من يشاهدون ما ينشرنه من فيديوهات وصور ويتابعونهن، ولو أنهم تجاهلونهن لوأدوا تلك المصيبة في مهدها ولهذا يرى القانونيون أن اتهامات الدعارة والتحريض على الفسق لها تعريفات قانونية محددة، ولا تنطبق على حالات هؤلاء البنات، وأقصى ما يمكن أن يقال هو الفعل الفاضح . ويصل عدد مستخدمي الإنترنت في مصر، إلى 42 مليونًا، فإن ردود الفعل من خلال تعليقات المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي، مع نشر بيانات النيابة العامة ، أن حجم الإشادة بقرارات الحبس والاتهامات يتجاوز حجم التعاطف مع الفتيات المعتقلات، إذ يعتبر الكثيرون أن ما يحدث هو نوع من التسيب والابتذال وامتهان للأخلاق العامة.