عبدالله عبد السلام أفق جديد أى بحث عشوائى عن قضية الإسلام و أوروبا على الإنترنت ، سيظهر لك عناوين كثيرة: لماذا هذه الكراهية للإسلام ، أحزاب اليمين تكتسح حقوق الأقليات المسلمة، معاداة الإسلام تتصاعد، متطرف مسلم يقتل المارة دهسا. أصبح التوجس والعداء، أصل العلاقة، مع إيمان بأن ذلك لا يحدث اليوم فقط، بل منذ مئات السنين. المفاجأة أن هذه الخلاصة خاطئة ومضللة. فقبل أن تبدأ أوروبا حظر الحجاب ويدعو متطرفوها لهدم المآذن، كان أرستقراطيوها يعتنقون الإسلام ويغيرون أسماءهم إلى عبدالله ومحمد، وكانت الحكومات تتسامح وتنحاز للإسلام وتبنى المساجد. فى بحث رصين، نشرته مجلة فورين بوليسى للباحثتين ماريان هنانان وصوفى سبان بعنوان: «هوية المسلمين ب أوروبا الغرب ية بين الحربين العالميتين»، يتأكد كم كان هناك انفتاح بل انبهار ب الإسلام أوائل القرن العشرين. كان هناك شغف أوروبى للتعرف واعتناق دين شرقى، وكان الإسلام عنصرا رئيسيا فى تشكيل المواطن الأوروبى الجديد. فى العشرينيات والثلاثينيات، خاب أمل الألمان بالحضارة الأوروبية، وبحثوا عن دين عقلانى روحى، واستمعوا للمحاضرات عن الإسلام واعتنقه بعضهم، وتفاخرت برلين بنخبة مسلمة تضم المهاجرين والطلاب المسلمين وألمانا أيضا. هذا التوجه انتشر ببريطانيا وهولندا وفرنسا التى بنت عام 1926 المسجد الكبير بباريس عرفانا لمسلمين هبوا لنجدتها خلال الحرب. هذه الفترة الذهبية تلاشت من الذاكرة بعد أن جرت فى النهر مياه كثيرة. تدفق العمال المسلمون بالستينيات و السبعينيات للعمل، وجاءوا بعادات وتقاليد لم تعجب بعض الأوروبيين، ونافسوا العمالة الأوروبية، لتتصاعد العنصرية الأوروبية وتترافق معها عمليات ارهابية منسوبة لمسلمين، لنصل إلى 11 سبتمبر 2001، ذروة الصدام، لتنتهى كل فضيلة أو علاقة إيجابية. من السهل التوصل لنتيجة مريحة: الغرب يكره الإسلام ويمارس التمييز ضد أبنائه، والمسلمون يريدون إفساد نمط حياة شعوبه. لكن ذلك لن يؤدى لشيء. فلا الأوروبيون ولدوا كارهين للإسلام، ولا المسلمون رضعوا حب العنف ضد الغرب . الفترة الذهبية التى نتحدث عنها بدأت بمعرفة الأوروبيين للإسلام مع تفهم من المسلمين للحضارة الغرب ية. الآن.. لا تفاهم ولا معرفة، بل مخاوف وتربص ثم عداء.. كم نحتاج إلى تغيير المسار. نقلا عن صحيفة الأهرام