في أوقات الشدائد والمحن تظهر معادن الناس.. وفى الأزمات تستطيع أن تفرز الذهب والأحجار الكريمة من تلال الرمال والأتربة ولا شك أن محنة كورونا قد كشفت خبايا كثيرة وأشياء غريبة على وجه المجتمع المصري.. إنها تشبه الأمراض التي تطفح علي وجوه الناس كلما اختلت أجهزة المناعة وضعف الجسد وتآكلت القيم والأخلاق. لا أتصور بورصة المضاربات التي انطلقت حول علاج كورونا وقد شهدت ظهور بوتيكات خاصة للعلاج ووصلت المضاربات إلى أرقام خيالية في المستشفيات الخاصة وأصبحت بمئات الآلاف وكان السؤال كيف يتوافر لدى المواطن 200 أو 300 ألف جنيه وربما نصف مليون جنيه يدفعها لعلاج مواطن مصاب بالكورونا هناك حالات استغلال لاتتناسب مع هذه المحنة التي يعيشها المواطن المصري.. هناك قلة قليلة لديها القدرة لكى تدفع هذه الأرقام ولكن هناك الملايين الذين لا يستطيع أحد منهم أن يدفع ألف جنيه فقط لإنقاذ مريض في أحد المستشفيات كنا نلوم مضاربات تجار اللحوم والخضار والفاكهة لأنهم يستغلون ظروف الناس وغياب الرقابة عن الأسواق ولكن أن تكون المضاربات حول علاج المواطنين الغلابة.. لقد كشفت كورونا أشياء كثيرة خافية في حياة المصريين أن أطباء مصر يحصلون على أقل الرواتب ويعالجون الناس في كل المواقع ومنهم من لقي ربه وهو يؤدى واجبه فكيف نسمح بوجود بوتيكات صحية تتاجر في أرواح الناس تحت شعار خدمات صحية . هرب الناس من دفن موتاهم خوفا من عدوى كورونا، تصرف غريب حتى أن واحدة من الضحايا رفض أهلها تسلم جثتها عشرة أيام كاملة.. لقد تكرر هذا المشهد مع أكثر من مريضة وفى أكثر من محافظة كيف يرفض الأبناء جثمان أمهم أو يرفض الزوج جثمان زوجته أو أحد أبنائه.. هناك شىء اختفي يسمى الرحمة وهى ليست للقريب فقط ولكنها للناس جميعا.. في المحن والكوارث والأزمات تتراجع جوانب إنسانية من حياة الناس.. إن غياب الرحمة ليس في الغني أو الفقير ولكنه في قسوة القلوب التي تعيش علي الأنانية ولا تدرك أحزان الآخرين.. وهذا عقاب آخر من السماء. نقلا عن صحيفة الأهرام