لحق شهداء "بئر العبد" الأبرار الأنقياء بمن سبقوهم على درب الشهادة والعزة، صعدت أرواحهم الطاهرة إلى خالقهم العظيم، حيث سينالون أجرهم العظيم على صنيعهم وما قدموه للذود عن وطنهم، في مواجهة حفنة من الإرهابيين والقتلة المأجورين، احترفوا المتاجرة بالدين وستلاحقهم اللعنة ليوم الدين، ليس فقط لأنهم استباحوا دماء خير أجناد الأرض في شهر رمضان المبارك، وإنما لكونهم خونة باعوا الوطن مقابل حفنة دولارات تصلهم من الخارج، وفي المعية باعوا دينهم لمن يدفع أكثر. ونأتي للتساؤل المهم: لماذا نفذ الإرهابيون الخونة هجوم "بئر العبد" في هذا التوقيت دون غيره؟ الجواب القصير المركز سيكون مجملا في عدم قدرتهم على الاحتمال وإحساسهم بالهلع الشديد الذي يقض مضاجعهم آناء الليل وأطراف النهار، وإليكم البيان بتفاصيل الإجابة. هذه الزمرة الضالة المضلة لم تحتمل قضاء القوات المسلحة المصرية على أحلامهم ومطامعهم في أرض سيناء التي حسبوا أنهم سيكون لهم الغلبة فيها، ففي غضون الأشهر الماضية طهر أبطال قواتنا المسلحة سيناء من كثير من البؤر الإرهابية، وقضوا على مئات العناصر التخريبية والتكفيرية وما بحوزتها من ترسانات أسلحة ومتفجرات. وكالفئران المذعورة اختبأ الإرهابيون بجحورهم غير قادرين على الخروج منها، ولم يعد أمامهم من سبيل سوى تنفيذ هجمات بين الحين والآخر من على بعد والفرار على أثرها، لأنهم لا يستطيعون ولا يقوون على المواجهة المباشرة مع جنودنا وضباطنا الأشداء الشجعان الذين يقاتلون ببسالة وشجاعة منقطعة النظير لإيمانهم الراسخ بأنهم يقفون على جبهة الحق المبين، بينما يقف عدوهم على جبهة الضلال المبين، فجنودنا أصحاب عقيدة سليمة ومتينة تزيدهم تمسكًا وارتباطًا بوطنهم وعلى استعداد دائم لفدائه بأعز وأغلى ما يملكون بدون تفكير أو تردد. وينفذ الإرهابيون هجماتهم الخسيسة، حتى لا تتوقف عنهم التمويلات الخارجية القادمة من جهات وجماعات تكيد وتدبر المؤامرات لمصر، وفي طليعتهم جماعة الإخوان الإرهابية التي فتحت الأبواب لدخول العناصر الإرهابية شبه جزيرة سيناء خلال عام حكمها الأسود، واعترفت قيادات الجماعة مرات عديدة بالصلات الوثيقة بينهم وبين الإرهابيين الذين يعتنقون ويتأثرون بفكر حسن البنا وسيد قطب التكفيري، وباءت كل محاولاتهم لاختطاف سيناء بالفشل الذريع، بعدما لفظهم المصريون الذين رفضوا بقاءهم في السلطة، وخرجوا في الثلاثين من يونيو مطالبين برحيلهم. كذلك لم يتحمل الإرهابيون عدم توقف عجلة التنمية والتعمير في سيناء وانطلاقها المستمر للأمام، وافتتاح المزيد من المشروعات القومية، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها بلادنا اقتصاديًا وماليًا في السنوات المنصرمة، فالمشروعات المتنوعة تقام هنا وهناك بأرض سيناء، وانفق عليها مليارات الجنيهات، وقبل المال جاد البواسل من رجال قواتنا المسلحة وشرطتنا المدنية بأرواحهم للمحافظة عليها، وتحقيق الاستقرار والأمن في ربوعها. ولم تحل أزمة كورونا المتفشية في العالم دون إتمام مشروعات التنمية في سيناء وخارجها، ومنذ أيام افتتح الرئيس السيسي العديد منها، وتحدث عن الدور الذي تقوم به الدولة المصرية لصون أمننا القومي الذي لا يقدر بثمن، وأن المعركة مع جماعة إرهابية سعت لاختطاف الوطن لم تنته فصولها بعد. فالتاريخ يعلمنا أن الأخيار يسيرون دومًا على طريق الاجتهاد والمثابرة من أجل إعمار الأرض وليس تخريبها وهدمها، وأن الأشرار لا يفكرون سوى في التدمير وإشعال الحرائق لتلتهم الأخضر واليابس، وكنموذج عملي معاش انظروا إلى عدد وحجم الشائعات والأباطيل التي حاول الإخوان - ومن على شاكلتهم - ترويجها، منذ بدء أزمة كورونا في مصر، وسعيهم الدءوب للتشكيك فيما تقدمه الدولة المصرية من جهد واضح للحد من انتشار الفيروس بتطبيق إجراءات احترازية مبكرة كانت موضع إشادة من منظمة الصحة العالمية وغيرها من الدول والمنظمات الدولية، فالإخوان جماعة نوازعها غارقة في الشر ولا تجيد سوى الكيد والكذب، ومبدأهم إما أن نحكمكم أو نقتلكم. وما أشعل غيظ الإرهابيين وأذهب النوم من عيونهم الوقحة ذلك الشعور الوطني الجارف الذي عبر عنه المصريون باعتزازهم بسيناء وبالشهداء وعائلاتهم، وتجسد هذا في الالتفاف والمتابعة لمسلسل "الاختيار" الذي يستعرض حياة الشهيد المنسي أحد الشهداء الأبطال الذين سقطوا على تراب سيناء. إعجاب الناس منقطع النظير ب"الاختيار" وانبهارهم به أفزع الخونة، لأنه يعريهم ويسقط عنهم ورقة التوت، ويضع الخطوط الفاصلة بين من يحافظ على الوطن ويحميه وبين من يخونه ويطعنه في ظهره، ويوضح كيف يُعد المقاتل المصري والقيم النبيلة التي تغرسها فيه حياة الجندية، وأنه مسئول عن حماية أهله وجيرانه وأحبائه وكل مصري، وأن هناك من يسعى باستمرار للاعتداء على وطننا، وأن واجب الجميع التصدي له بحزم وقوة، وفي الجهة الأخرى يقف الإرهابيون بخستهم ووضاعتهم وفساد عقيدتهم، إن كانت لهم عقيدة من الأصل. وظن الإرهابيون أنهم بعملية بئر العبد الإرهابية سوف يفسدون على المصريين شعورهم وافتخارهم بشهدائهم وأبطالهم، وخاب ظنهم، لأن فعلتهم زادت ارتباط المواطن المصري بالذين يضحون لكي نعيش في أمان وسلام، وأن أقل مؤازرة لهم من ناحيتنا أن نمنحهم التبجيل والتقدير الواجب، وأن نتذكرهم بالخير وندعم أسرهم، وأن نروي حكاياتهم وسيرهم العطرة لأبنائنا ليكونوا قدوة يحتذي بها شبابنا الباحثون عن نموذج يقتفون آثاره ويصبح مصدر إلهام لهم، وبيان أنه ليس لدينا سوى الاحتقار والبطش لمن يُفسدون ويخربون ويقتلون النفوس البريئة المرابطة على الحدود دفاعًا عن شرف وكرامة الوطن. رحم الله شهداء بئر العبد ورفعهم الى أعلى عليين، والمجد لهم ولكل من سقط شهيدًا في سبيل حفظ وحماية تراب وطننا الغالي، وستبقى مصر صامدة وشامخة بفضل رجالها الأوفياء وقيادتها السياسية الواعية وسيتحطم على صخرتها الصلبة رأس كل من يجول بخاطره وخياله المريض أنه يقدر على إيذائها.