العبور الآمن من محنة " فيروس كورونا " - التي تجتاح العالم الآن ونحن معه - له اشتراطات واجبة ولا بديل ولا مهرب من الالتزام الحرفي والعملي بها. هذه الاشتراطات لها وجهان متلازمان، الأول طبي ويخص القواعد الإرشادية للوقاية من الفيروس القاتل، وعمليات التطهير والتعقيم والنظافة العامة، وكيفية التعامل مع الحالات المصابة به، وإلى أين يتوجه الشخص لدى إحساسه بأعراض المرض، ونظن أننا أصبحنا نحفظ عن ظهر قلب التعليمات الوقائية، ولابد من تنفيذها دون تهاون أو استخفاف؛ لأنها تحافظ على حياتنا وحياة المحيطين بنا. الوجه الثاني للاشتراطات الواجبة يتعلق بدرجة الوعي العام، فكل مواطن مصري عليه أن يعي ويتفهم تمامًا طبيعة ودقة الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، وهي ليست استثناء مما يشهده العالم ويكابده، منذ تفشي الفيروس في الصين خلال الأسابيع الماضية، ومنها لبقية قارات العالم، وأن يدرك أن وعيه اليقظ سيكون تذكرة عبور لبر الأمان والسلامة، وسيقطع الطريق على الذين يضمرون سوءًا لمصر ويكشفهم ويخزيهم أمام الرأي العام. فكلنا يعلم أن أوقات الأزمات والمحن تكون تربة خصبة للشائعات والمعلومات المغلوطة التي تتطاير من حساب لآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنتشر بسرعة فائٍقة، وشاهدنا بأعيننا كيف حاولت جماعة الإخوان الإرهابية إثارة الفزع والخوف في نفوس المصريين بترويجها أكاذيب وافتراءات عن حجم الإصابات ب"كورونا" في البلاد، وشاهدنا كذلك كيف وقعت صحيفة بريطانية كبري هي "الجارديان" في المحظور بنشرها أعدادًا غير صحيحة عن الإصابات، ولم تقدم الدليل على صحة مزاعمها، واعتذار مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية لاستناده إلى معلومات "الجارديان" غير الصحيحة، وحذفه التغريدة المنشورة على حسابه على موقع التدوينات القصيرة تويتر. وجانب مهم في معركة الوعي العام يرتبط بالثقة التامة فيما يصدر من بيانات وحقائق من جهة الحكومة المصرية التي اتبعت - منذ اللحظات الأولى - منهج المصارحة والمكاشفة، وأكدت مرارًا وتكرارًا أنها لن تخفي أي شيء يتصل ب"كورونا" في بلادنا، ليس هذا فحسب، لكنها كانت مُبادِرة في الإعلان عن حزمة قرارات غرضها الأساسي حماية أرواح الناس، ومنع انتشار الفيروس بين المصريين. وللأمانة فإن القيادة السياسية لم تدخر وسعًا في فعل كل ما بالإمكان وبالاستطاعة؛ لصون حياة المصريين وصحتهم، ووجهت الحكومة مبكرًا لإعداد نفسها لكل السيناريوهات، ودعم الاقتصاد الوطني بسلسلة إجراءات تحفيزية، وتحمل الدولة الخسائر الناجمة عن تعليق رحلات الطيران، وتوقف السياحة، وتخفيف قوة العمل بالجهات الإنتاجية، ولم تترك الحكومة شائعة أو معلومة خاطئة دون تفنيدها وفضح كذبها ومن يقف خلف نشرها. ووقفت أجهزة الدولة كلها على خط المواجهة، بعتادها وعدتها، ولم تدع السلطات المختصة مجالًا لمروجي الشائعات والمستغلين الذين يحاولون كسب مزيدٍ من الأموال برفع أسعار السلع، والمتاجرة باحتياج الناس لها، فهذه الفئة المستَغِلة لا تبحث سوى عن مصلحتها بشكل شديد الإنانية يخلو من الضمير والحس الوطني؛ لذلك يجب ألا تكون هناك رأفة بهم ولا تهاون معهم، أو التماس أعذار لهم. إن مصر قادرة، بعون الله، على اجتياز المحنة الراهنة وبأقل الخسائر، شريطة تكاتفنا معًا، وأن نتجنب التهويل والاستخفاف بالفيروس، وأن نكون سندًا قويًا لقيادتنا السياسية وللحكومة، ولما تتخذه من إجراءات وتعلنه من تنبيهات وإرشادات. حمى الله مصر وشعبها من كل شر وسوء وبلاء.