لم يسع "حمادة" في حياته سوى للاستقرار، يخرج صباح كل يوم يستقل التاكسي الخاص به، ويظل يعمل طوال النهار، حتى يتحصل على لقمة عيشه، فارق والداه الحياة منذ مدة كبيرة، وقرر أن بوابته للاستقرار ستكون من خلال الزواج، لم يبحث الشاب الثلاثيني كثيرا واستقر على ابنة عمته التي يعرفها جيدا ويعرف طباعها. لسوء طالع "حمادة" اكتشف بعد قرابة سنة من زواجه أنه لن يستطيع الانجاب من زوجته، واتفقا على إنهاء الزواج، على أن يبحث كل منهما عن نصيبه في الحياة مع شريك آخر، رحلة بحث الشاب لم تطل، واستقر على ابنة عمته الثانية "وردة"، ظن أنها ستكون ملاذه وستمنحه الطفل الذي يريد، فهي مطلقة ولديها ابن، ما يعني أنها ستنجب له آخر يحمل اسمه، لكن يبدو أن ارتباطه ب"وردة" كان المحطة الأخيرة في حياة الشاب. "قتلته وقالت احنا كنا بنهزر مع بعض" يقول الحاج مصطفى قطب، مالك العقار الذي يقيم في أحمد سيد الشهير ب"حمادة" مع زوجته "وردة"، كل شئ بدأ منذ حوالي 5 أشهر، حينما تزوج الشاب بابنة عمته، وانتقلت مع ابنها، صاحب ال12 عاما، ليقيما معه في شقته، كانت حياتهما مليئة بالمشاكل، فالزوجة لا تترك متنفسا لزوجها إلا وحاولت إغلاقه، وكأنها كانت تحاصره من كل ناحية. معظم مشكلات الزوجين، طبقا لصاحب العقار كانت بسبب غيرة الزوجة المبالغ فيها، فإذا ما تحدث زوجها مع أحد من الجيران، رغم أنهم يعدون مثل أهله، فهو ولد وتربى في منطقة العمرانية، كانت تحيل يومه إلي جحيم، حتى إنها كانت تتشاجر معه لجلوسه مع أصدقائه في آخر اليوم، فهي تريده أن يخرج لعمله ومنه إلى البيت مباشرة لا يتحدث مع أحد أو يقابل أحدا. "حمادة كان دايما يقولي إن مشاكلهم كتير وأقرب حاجة لإيدها هي السكينة"، يضيف الحاج "مصطفى"، فالزوجة كانت في خلافاتها مع زوجها دائما ما تهدده بالسكين، حتى إنها بعد مشاجرة بينهما في إحدى المرات، قطعت شرايينها لتلصق التهمة به، وتحرر محضرا ضد زوجها، لكن المسكين حملها رغم كل شئ للمستشفى وأنقذ حياتها، إلا أنها قتلته في النهاية بنفس الطريقة. يوم الجمعة الماضية كان الأخير في حياة "حمادة"، فقبل صلاة الجمعة فوجئ أحد الجيران بسيارة الإسعاف تحت منزل "حمادة" تعجب من المشهد وحينما استفسر علم بأنها جاءت لتنقل جاره الشاب للمستشفى، حينها قفز الجار للسيارة واتصل بالحاج "مصطفى صاحب العقار ليلحق به، تحرك الرجل سريعا ليستطلع الأمر، وعند وصوله فوجئ بأن حمادة فارق الحياة، كانت الزوجة حينها في المستشفى تجلس بجانب أمين شرطة. "كنا بنهزر مع بعض ووقع على الترابيزة مسمار دخل في صدره موته" كانت تلك هي رواية "وردة" عن جريمتها، لكن صاحب العقار أحس بأنها تكذب، تحرك سريعا ليطالع جثة جاره فوجدها نظيفة تماما ورائحتها زكية، ولا يوجد عليها أية أثار للدماء، لكن الغريب أن الجرح في صدره كبير، يبدو كأنه ضربة بسكين أو ما شابه، كما يوجد جرحان آخران بنفس الهيئة أحدهما في جنبه والأخر في فخذه. يلتقط الحاج جميل بشير، أحد الجيران، طرف الحديث ويقول إن روايات "وردة" عن جريمتها تبدلت مرات عدة، فحينما وجدت أن رواية "المسمار" غير منطقية، قالت إنها حممت زوجها وخرجا يركضان خلف بعضهما على سبيل المزاح، فتعثر في الطاولة وسقط على سكين المطبخ الموجود فوقها، لكن مرة أخرى كانت روايتها مشبوهة فبدلتها بأنهما كانا يمزحان بالسكاكين وسقط هو على السكين في يدها ليفارق الحياة متأثرا بجرحه. يقول صاحب العقار إن الحقيقة الكاملة ظهرت على يد ابن القاتلة، فهو على الرغم من أن "حمادة" زوج والدته إلا أنه أحبه بشدة، نظرا لكون الشاب يعامله بكل رفق وحب، فالطفل قال في النيابة العامة إن والدته أيقظت زوجها من النوم وأخبرته إنها حاولت شراء وجبة فول من عربة متحركة لكن صاحب العربة لم يسمع نداءها، فشعر الزوج بالضيق، وأخبرها أنه كان يجب عليها أن تنزل من الشقة لتحضر لهم الإفطار، وبسبب غضبه قذفها بسلة مهملات بلاستيكية في الغرفة، وترك زوجته وهم بالتحرك للحمام، لكن الزوجة سريعة الغضب لم تتحمل لوم زوجها، فتحركت بسرعة ناحية المطبخ واستلت سكينا وهاجمت به زوجها في فخذه. لم تمهل الزوجة زوجها ليدافع عن نفسه، وكأنها كررت الأمر من قبل مرات عديدة، فبادرته بطعنة أخرى في صدره وثالثة في جنبه، ليخر الزوج صريعا غارقا في دمائه. يضيف صاحب العقار أن الزوجة حاولت بكافة الطرق التغطية على جريمتها، فاتصلت بوالدتها وشقيقها، وأخبرتهما بما حدث، وحينما وصلا، ساعدتها الأم في إخفاء أثار الدماء، وغسل الجثة بالكحول والعطور، لوقف النزيف، وإزالة الرائحة، وإلباس الضحية ملابس نظيفة تماما؛ فيما قام شقيق الزوجة بالاتصال بالإسعاف لربما استطاعت إنقاذه، وظل ينتظرها أمام العقار وهو في قمة التوتر، يسير تارة ويجلس على قارعة الطريق وهو يخبط كفيه ببعضهما أو على ركبته تارة أخرى، وبعد وصول الإسعاف غادر المنطقة وأغلق هاتفه. أما عبد المجيد طنطاوي، أحد الجيران، فيقول إن والدة الزوجة ظلت بالمنطقة وهي تحمل مفتاح الشقة، وحينما وصلت الشرطة وبعد الكثير من البحث عن مفتاح الشقة، عثر عليه مع الأم، ووجدت قوات الشرطة أثار الجريمة واضحة في الشقة، فعثروا علي ملابس "حمادة" وملاءة السرير وفوط ومناديل وكلها مخضب بالدماء، كما عثر على السكين المستخدم في الجريمة. وعن الضحية يقول "طنطاوي" إن "حمادة" الشاب محبوب من الجميع، كل جيرانه يبادلونه الحب والتقدير، وجنازته المهيبة تشهد بذلك، لكن زوجته لم تر فيه الخير الذي يراه الجميع، فنفسها غير السوية سولت لها قتله بدم بارد، رغم أنه أحبها مع كل تلك المشكلات، فهو مؤخرا كان يبحث لها عن محل لتبيع فيه الملابس، بدلا من عملها على "فرشة" في الشارع العمومي، لكن الزوجة لم تقدر ذلك الحب، وقتلته رغم كل شئ.
. الزوج الضحية الزوج الضحية محرر بوابة الأهرام مع الاهالي محرر بوابة الأهرام مع الاهالي