"هايخرب بيوتنا ويشرد أسرنا".. بتلك العبارة وصف العديد من العاملين بتجارة أجهزة الكمبيوتر المستعملة قرار محمود عيسى، وزير الصناعة، بحظر استيراد أجهزة الكمبيوتر المستعمل نهائيًا، والذي أثار حالة من الجدل خلال الساعات الماضية، وتم تجميده لحين دراسته من قبل الغرفة التجارية وشعبة الحاسبات ووزارات "التجارة والصناعة" و"البيئة" و"الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات". ووصف العاملون قرار الوزارة بالمتسرع وغير مدروس ف 90% من الأجهزة الموجودة فى السوق أجهزة مستعملة، وآلاف العاملين يعملون بتلك التجارة لفترات تصل إلى 15 عامًا ولا يستطيعون مزاولة أية أنشطة غيرها، وسينضمون لطابور العاطلين حال تنفيذه، وهددوا بالدخول في اعتصام مفتوح حال تطبيق القرار.."بوابة الأهرام" رصدت آراء العاملين بتجارة الكمبيوتر المستعمل في السطور التالية. قال أشرف محمد سلطان، عامل بأحد محال الكمبيوتر المستعمل، إن القرار حال تطبيقه سيمثل كارثة، وسيشرد عشرات الآلاف من الأسر، فأقل محل يعمل به 5 بائعين، ومعظمهم يعملون بها منذ سنوات طويلة، ولايستطيعون العمل بمهن أخرى. وأضاف أنه لا يعرف مصير أسرته حال تطبيق القرار، الذي سيضر أيضًا قطاعات عريضة من الشعب المصري، لا يملكون ثمن الجهاز الجديد، ويلجأون للمستعمل الذي يناسب دخولهم البسيطة، فبمبلغ 400 جنيه فقط يمكن الحصول على كمبيوتر مستعمل كامل. وحذر عبدالغني محمود، مدير إدارة البيع بسلسلة محال لبيع الكمبيوتر المستعمل، من أن القرار سيتسبب في خراب بيوت مئات الآلاف الذين يعملون بتجارة الحواسب المستعملة، فأي مول كبير يوجد به طابقين على الأقل تعمل بتلك التجارة، كما أن الطلب على المستعمل كبير لأن كفاءته عالية وثمنه أقل، على عكس "التجميع الصيني" الذي يتسم بكثرة الأعطال بسبب رداءة مكوناته وانخفاض كفاءة الخامات المصنوعة منها. وشدد على أن إلغاء "المستعمل" يضرب سوق الكمبيوتر في مقتل، لأنه سيرفع أسعار الحواسب الجديدة بقيمة كبيرة، مضيفًا: "المستعمل" ماركات عالمية معظمها لم يمر على استعماله أكثر من 5 سنوات وقطع غياره متوافرة. وأوضح أن القرار لن يضر إلا العاملين، فالمستوردون سيغيرون نشاطهم، قائلاً: أعمل بذلك المجال منذ عشر سنوات ولدى أسرة وأولاد، ولا أتقن عملاً أخر أستطيع له الإنفاق على احتياجاتي، ومنذ الإعلان على القرار لا أعرف مصيري أو مصير جميع العاملين معي. ولفت محمد عادل، مدير إحدى شركات الكمبيوتر المستعمل، إلى أن القرار يصب في صالح الشركات التي تعمل بتجارة "الصيني والتجميع"، مضيفًا: لا توجد مخاطر طبية من قرار الاستيراد، فنحن لا نستورد نفايات خطيرة، ومعظم الأجهزة الواردة من الخارج كفاءتها أعلى من الجديدة، لأنها ماركات عالمية شهيرة . وأضاف عادل، الذي يعمل بذلك المحال منذ 8 سنوات، أن محدودي الدخل سيتأثرون كثيراً بالقرار، فمعظم الذين يقبلون على شراء "الوارد من الخارج" يريدون الحصول على جهاز بأقل سعر ممكن، لافتًا إلى وجود أجهزة مستعملة بسعر 300 جنيه فقط، مشددًا على عدم وجود مبرر لقرار وزارة التجارة والصناعة..وهدد بدخول العاملين بتلك التجارة في اعتصام مفتوح أمام مجلس الوزراء حال تطبيق القرار. ووافقه الرأي وليد عبده ومحمد أبو الحسن، بائعان، واللذان قالا إن العمل بتجارة الأجهزة المستعلملة مصدر رزقهما الوحيد منذ عدة سنوات، مؤكدين جودة الكمبيوترات الواردة من الخارج ووقوف مصالح شخصية وراء قرار وقف الاستيراد، كما لا توجد أية مخاطر طبية منها، وتوقعا بأن تغلق معظم المولات أبوابها حال تنفيذ ذلك القرار. من جانبه، قال المهندس خالد سعد، رئيس شعبة صناعة الحاسبات والإلكترونيات، إن الكمبيوتر المستعمل يخدم نظريًا فئة معينة من الشعب المصري، وبالتالي يجب توفير أجهزة جديدة بأسعار منخفضة لكي تكون بديلاً لها..وأضاف أن قرار التجارة والصناعة جاء مفاجئًا وكان يتطلب حوارًا مجتمعيًا حوله مع الشُعب والغرف التجارية والمستوردين، قبل إصداره بجانب تحديد فترة زمنية لتوفيق أوضاع العاملين بتلك التجارة، مؤكدًا ضرورة إلغاء شاشات CRT في أقرب وقت ممكن لأضرارها البيئية. وطالب بوضع جدول زمني لحظر استيراد الأجهزة المستعملة، بحيث يتم وقف استيراد الأجهزة التي مر عليها أكثر من ثلاث سنوات، وبعدها تخفيض المدة لعامين، وصولاً لمرحلة الحظر التام، مشددًا على أن القرار لايصب في صالح أي طرف، ولكنه لأسباب تتعلق بالحفاظ على البيئة. وكشف أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، عن تجميد قرار وزارة التجارة والصناعة بمنع استيراد أجهزة الكمبيوتر من الخارج.، قائلاً: إن القرار تم تجميده لحين تشكيل لجنة تضم جميع الأطراف المعنية، خاصة أنه تم اتخاذه بصورة مفاجئة، كما لا يتضمن فترة زمنية تسمح للعاملين باستيراد الأجهزة المستعملة بتوفيق أوضاعهم. وأضاف أنه في عام 2006، تم تشكيل لجنة من أعضاء شعبة الحاسبات ووزارات "البيئة" و"الصناعة والتجارة" و"الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" والمسئولين عن رقابة الصادرات وأصدرت القرار 603 لسنة 2007،الذي يقضي بتحديد الأجهزة المستعملة التي يتم استيرادها بمدة 5 سنوات من تاريخ الإنتاج، موضحًا أن القرار الجديد الذي أصدرته الوزارة يتطلب تشكيل لجنة مشابهة تدرس الأوضاع الحالية لسوق الكمبيوتر المستعمل وتأثيراتها البيئية.