اختتمت أمس في العاصمة السويديةستوكهولم، أعمال ملتقى "معًا من أجل السلام.. تفاعل ومسئولية" الذي نظمه المجلس الإسكندنافي للعلاقات بين الفترة من 23 – 25 مارس الجاري، لاستنكار الهجوم الإرهابي الذي استهدف المصلين المسلمين في نيوزيلندا، ومطالبة الجهات المختصة بحماية المساجد، والضغط على وسائل الإعلام لمنع الحملات العنصرية التي تعزز من ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمع. حضر الملتقى السفير عبدالرحمن جمعة السكرتير الثاني في السفارة السعودية بالسويد ليؤكد وقوف المملكة وتضامنها مع المسلمين أينما وجدوا، والشيخ سعيد عزام الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء، مبعوث رابطة العالم الإسلامي، والشيخ آميل أولوفيتش رئيس لجنة الشئون الدينية بالمجلس الإسكندنافي، بالإضافة إلى عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني في السويد. اُفتتح اللقاء بكلمة الأستاذ حسين الداودي رئيس المجلس الاسكندنافي للعلاقات، الذي رحب بالحضور وتحدث عن أهمية عقد هذا اللقاء، الذي يأتي عقب هجوم إرهابي جبان، قائلًا: هذا الحدث المريع يحتم علينا العمل الدءوب لمنع وقوع مثل هذه الأعمال الإجرامية في حق الإنسانية في بلدنا السويد، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية. وتابع الداودي مهما يعتدون علينا أهل الشر مادام الإيمان في القلب؛ فإن موت المؤمن وحياته وعيشه فهو كالغيث أينما وقع نفع، وهؤلاء المصلون الذين استشهدوا في حادث نيوزيلندا كانوا خيرًا للمسلمين وغير المسلمين. ومن ناحية أخرى استنكر أهل الأديان السماوية هذا العمل البشع، وبينوا أن الإسلام دين الرحمة والسماحة، ويكفي أن رئيسة وزراء نيوزيلندا خطبت في المواطنين أثناء العزاء، مستشهدة بحديث للرسول "صلى الله عليه وسلم": "إن مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، ومع تكاتف والتفاف الشيوخ والقساوسة تشرق شمس الرحمة من جديد. وأشار الشيخ سعيد عزام الأمين العام للمجلس السويدي للإفتاء إلى دور المؤسسات الحكومية في القضاء على ظاهرة الإسلاموفوبيا، مؤكدًا أن أي إرهابي هو يكره نفسه وما يدفعه لارتكاب الجرائم هو أنه لم يجد سبيلًا للتصالح مع ذاته. أما الناشطة الحقوقية فاتحة أريكسون، فشددت على المواطنة الكاملة لمسلمي السويد كونهم جزءًا لا يتجزأ من المجتمع السويدي، قائلة: إن هناك دورًا توعويًا للمؤسسات الإسلامية بالغرب في الاجتماع لرصد الإيجابيات لأي حدث وليس تسليط الضوء على السلبيات فقط؛ أي تعمل على استخراج المنحة من رحم المحنة. وفى السياق نفسه، تحدث الشيخ آميل أولوفيتش رئيس لجنة الشئون الدينية في المجلس الإسكندنافي، عن دور المساجد والأئمة في التعاون والتنسيق بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية لمواجهة الإسلاموفوبيا والعنصرية في المجتمع السويدي، مقتبسًا مقولة لكاتبة إيطالية تدعو فيها إلى العمل على إقامة كليات السّلام بدلاً من إنفاق الأموال الطائلة على إنشاء كليات الحرب. وطالب الشيخ آميل السلطات في كل الدول الإسكندنافية بأن تنشئ كليات إسلامية داخل الجامعات أو أقسام بالكليات تدرس الإسلام والشريعة والحضارة والثقافة الإسلامية، حتى تعلم تلك المجتمعات حقيقة الدين الإسلامي بعيدًا على وسائل الإعلام التي تعمل على التشويه والتعميم الأعمى. بينما دعا الشيخ عمر شيخ أحمد رئيس الجمعية الإسلامية الإريترية، المسلمين إلى أن يكونوا قدوة في المجتمع السويدي ويبدعوا في كل المجالات، وأن يتعاملوا بالحب مع غيرهم. وفي الختام أعلن المجتمعون البيان الختامي والتوصيات التي حصلت "بوابة الأهرام" على نسخة منها، وتضمنت الآتي: 1. يؤكد الملتقى ضرورة حماية المساجد من خلال أنظمة الإنذار المبكر، وتسيير دوريات للشرطة في محيط المساجد وخاصة بعد صلاة الجمعة. 2. يطالب الملتقى الجهات المختصة بالضغط على وسائل الإعلام لمنع الحملات العنصرية التي تزيد التفرقة في المجتمع وتعزز من ظاهرة الإسلاموفوبيا. 3. يدعو الملتقى جميع المواطنين المسلمين الإسكندنافيين ومؤسساتهم العاملة إلى التفاعل والتضامن مع ضحايا هذه المجزرة بالطرق السلمية والحضارية. 4. يدعو الملتقى المؤسسات الإسكندنافية المسلمة إلى التعاون والتنسيق فيما بينها لمجابهة ظاهرة الإسلاموفوبيا من خلال تعزيز ثقافة الحوار والتسامح والتعايش في مجتمعنا. 5. يشيد الملتقى بالتفاعل الإيجابي للشعب النيوزيلندي الحضاري الذي عبّر عن رفضه لهذا العمل الإرهابي بالطرق الحضارية، ويشيد كذلك بالدور المتميز لرئيسة وزراء نيوزيلندا (جاسيندا أردين) التي أدارت هذه الأزمة بكل تفاهم وجدية ومسئولية. 6. يثمن الملتقى ما قامت به الشعوب الإسكندنافية التي عبرت عن رفضها لهذا العمل الإرهابي من خلال الوقفات التضامنية، وإضاءة الشموع، ووضع الورود، وما رأيناه من الطوق البشري الذي قام به المئات من السويديين في محيط مسجد ستوكهولم الكبير، وغيرها من الفعاليات الرافضة لهذا الهجوم الإرهابي. 7. يشيد الملتقى بما قامت به المملكة العربية السعودية للتضامن مع ضحايا العمل الإرهابي من خلال دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى أداء صلاة الغائب على ضحايا الهجوم في الحرمين الشريفين، وكذلك ما دعا إليه مركز الملك عبدالله من حوار الحضارات في فيينا الذي تطابق مع قرار الأمين العام لمجلس حقوق الإنسان القاضي باستدامة العمل ضد الإسلاموفوبيا. 8. أطلق الملتقى مبادرة لتشكيل المجلس الإسكندنافي لحقوق الإنسان الذي سيأخذ على عاتقه الدفاع عن حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه. وعقب اللقاء توجه المشاركون إلى الوقفة التضامنية مع ضحايا مجزرة نيوزيلندا في ساحة "سرجل توري" في وسط العاصمة ستوكهولم. يذكر أن الدول الإسكندنافية هي (الدنمارك، والنرويج، والسويد، وأحياناً تشمل دولا أخرى؛ مثل فنلندا، وآيسلندا، وجزر فارو)؛ وذلك للتقارب التاريخي والحضاري والعلاقات الثقافية التي تربط هذه الدول مع الدول الإسكندنافية الأساسية.