عيد الأم.. هو مناسبة الاحتفال بها وبما صنعته وما قدمته، أن يحضر الابن ويقبّل رأسها ويديها وقدميها وخديها.. ويقول لها: ألف شكر.. ثم يقدم لها هدية إن أمكن وكل شخص على قدر استطاعته. هل عيد الأم لمن تكون أمه على قيد الحياة فقط؟! هذا السؤال ينتشر من فترة لأخرى على شبكات التواصل الاجتماعي، يدعو إلى أن يترفق الأبناء الذين يتمرغون وينعمون في حنان وعطف الأم، بالذين فقدوا أمُهاتهم.. يترفقوا بمن تُركوا وحدهم بلا حُضن ولا ضَحكة ولا ابتسامة. أعتقد أن إجابة السؤال: لا. ليس عيد الأم لمن هن على قيد الحياة فقط.. وإنما لأمهاتنا الأموات أيضًا.. فهناك هدايا أقيم وأعز بعد الوفاة تغلب هدايا الدنيا الفانية. فقد سأل أحد الصحابة النبي فقال يا رسول الله: هل بقي من بر أبوي شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم؛ الصلاة عليهما - يعني الدعاء لهما- والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما". كلنا تقريبًا يعرف الدعاء والاستغفار لهما بعد الوفاة.. وصلة الرحم هي الأخرى الكل يعرفها.. إنما عند "إكرام صديقهما" هذه، فأنا أكاد أعض على أصابعي من فرط تفريطنا وبُعدنا عنها. فقد ورد عن النبي أنه كان يكرم صديقات زوجته المتوفاة خديجة رضي الله عنها، والتي روت الحديث هي أمنا عائشة رضي الله عنها فقالت: (وإنه كان ليذبح الشاة فيهدى في خلائلها (صديقاتها) منها ما يسعهن). وورد أيضا أن النبي كان إذا أتى بالشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تُحب خديجة. وجاء عنه أيضًا أنه كان يستقبل صديقة السيدة خديجة أحسن الاستقبال ويقول: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإنَّ حُسْن العهد من الإيمان". هذا كله من فعل الرسول مع الصديقات بعد وفاة الزوجة الحبيبة فما بالنا بالتعامل بعد وفاة الأم الأحب. وعلى الرغم من أن فقد الأم لا يعوض.. وقلوبنا تتوقف عن الإزهار بعد وفاتها، وتبدأ في الذبول رويدًا رويدًا حتى يأتي أمر الله.. إلا أن عيد الأم يذكرنا بهن.. ويمنحهن بعضًا من البر بعد موتهن. تويتر: @tantawipress