عبر الدكتور هاني أبو العلا أستاذ جغرافيا العمران ونظم المعلومات الجغرافية بجامعة الفيوم، الخبير بالهيئة المصرية للتخطيط العمراني، عن سعادته لرئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، بالتزامن مع تنظيم عدة مؤتمرات عن التنمية المستدامة، التي أصبحت منتشرة مطلقا "ثورة المصطلحات وشهادة المفاهيم". وقال أبوالعلا، إن الله قد حبا مصر بكونها جزءًا لا يتجزأ من ثلاثة كيانات دولية، فهي مُقلة العالم، ومحرك الوطن العربي، وبوابة العالم الإفريقي، وما زال البعض يتبارى في السرد النظري لتعريفات التنمية وأهم ما قد كُتب عنها في الأدبيات غير عابئ بآليات التنمية الفعلية. ولفت إلى أن قارة إفريقيا، التي تربط شعوبها علاقات يسودها دفء العواطف تناغماً مع مناخها الدافئ، مستدلًا بقول مايكل كلير مؤلف كتاب "حروب مصادر الثروة" أن إفريقيا هي الهدف اليوم، وأنها سوف تكون مسرحًا للحروب القادمة بين القوى المتصارعة. وأضاف أنه يعيش على أرض إفريقيا ما يزيد على 800 مليون نسمة بما يوازي 15٪ تقريبا من سكان العالم، لذلك فإفريقيا تمثل سوقاً رائجة لمنتجات كثير من الدول الأوربية و الأمريكية. وعلى الرغم مما بها من الثروات والموارد الطبيعية حيث إن أرضها حُبلى بما يقرب من 12٪ من الاحتياطي العالمي للبترول و 11٪ من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي ومع هذا فإن حجم التجارة بين دول القارة ذاتها لا تزيد على 16٪. وأردف بالقول: التنمية المستدامة الحقيقية هي الحل، والمواطن الإفريقي هو الأهم، ولنا في تجربة رواندا خير مثال، فبعد الكارثة الإنسانية التي شهدتها روندا عام 1994، تلك التي راح ضحيتها ما يقرب من مليون شخص خلال 100 يوم، في أكبر جريمة إبادة جماعية في التاريخ ارتكبتها الأغلبية المنتمية إلى مجموعة الهوتو ضد الأقلية المنتمية إلى التوتستي. إلا أن رواندا تلك البلد الحبيس التي ليس لها أي جبهات بحرية قد تحولت بعد نحو خمسة وعشرين عاماً إلى واحدة من أهم الاقتصادات الناهضة في العالم بمعدل نمو يبلغ متوسطه 7.5٪ عام 2018. واستطرد، وقد كان الدافع وراء تلك النهضة هي التنمية المستدامة، التي شملت تنمية الموارد من ناحية والتنمية البشرية من نواحٍ أخرى، حتى استحقت العاصمة الرواندية كيجالي لقب أنظف عاصمة إفريقية، كما تم تصنيف رواندا ضمن أكثر 10 وجهات سياحية أمانًا في العالم وفق ترتيب موقع travelandleisure. التجربة الرواندية بما فيها من دروس وعِبَر، تأتي التنمية البشرية فيها كركيزة أساسية، يشهد عليها استثمار كل الطاقات دون اقصاء وتمكين المرأة والسمو بالتعليم. وتظل تثبت للعالم مقدرة الشعوب الإفريقية ابناء القارة السوداء (على حد وصفهم) علي النهوض من أسوء الظروف بشرط توافر الرؤى الواضحة والإرادة السياسية والوعي الشعبي لتنفيذها. وطالب بضرورة البدء في توسيع نطاق العلاقات المصرية الإفريقية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال المشروعات الأكاديمية المثمرة في قضايا تنمية موارد القارة بين المراكز البحثية والجامعات المصرية والإفريقية، وتشجيع تبادل أعضاء هيئة التدريس مع الجامعات الإفريقية، فضلاً عن استقطاب الطلاب الأفارقة الوافدين للدراسة بمصر، وتفعيل مشروعات التبادل الطلابي والشهادات الجامعية المشتركة بين الجامعات المصرية ومثيلاتها بدول القارة، كما أن إنشاء فروع للجامعات المصرية بدول إفريقيا على غرار ما قامت به جامعة الإسكندرية من الإسهامات الواجب تطويرها.