يترقب العالم ما سيجري خلال "قمة هلسنكي" التي من المقرر انعقادها اليوم الإثنين بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة الفنلندية هلسنكي. وينوي الرئيسان بحث آفاق العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا الراهنة على الأجندة الدولية والتي تُشعل الخلافات بين البلدين خلال لقائهما، وتنظر طهران بأهمية وتخوف شديد إلى القمة، نظرًا لما يتم تداوله من تنبؤات لما سوف تسفر عنه مناقشات الطرفين حول ملف وجود القوات الإيرانية في سوريا. الملف السوري أكثر أهمية ويعد الملف السوري من المواضيع الرئيسية لمحادثات الرئيسين، فهو النقطة الفاصلة في كافة الملفات الدولية العالقة فعليا بين الدولتين، فبالرغم من كثرة الموضوعات التي ستكون مطروحة على طاولة النقاش والمتمثلة في قضية انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، والاتهامات ب "التدخل الروسي" المزعوم في الانتخابات الرئاسية بالولاياتالمتحدة التي فاز بها ترامب في نهاية عام 2016، والخلاف حول أوكرانيا، وكوريا الشمالية، ومراقبة الأسلحة النووية، إلا أنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاقات حولها. وتدور التنبؤات حول ما سوف تسفر عنه المحادثات بين الطرفين بشأن الأزمة السورية حول ثلاثة احتمالات، يدوران حول تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، أي أن إيران هي محور هذا الملف وليس رئيس النظام بشار الأسد، وهما على النحو التالي: الاحتمال الأول: يتمثل في الاتفاق على انسحاب القوات الإيرانية من سوريا وتحميل روسيا مسئولية طردها مقابل إعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد، وقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سابقًا بأن حدوث ذلك "غير واقعي على الإطلاق"، فإيران كما صرح مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي أكبر ولايتي ستسحب قواتها من سوريا والعراق إذا طلب سلطات هاتين الدولتين ذلك. كما نفى الكرملين أنباء عن وجود صفقة بانسحاب القوات الإيرانية وميليشياتها من سوريا مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية عن روسيا. الاحتمال الثاني: يزعم الاتفاق على البحث عن وسيلة مناسبة لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، مقابل احتواء روسيا للوجود الإيراني. وما يعزز من ذلك الاحتمال تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف الأسبوع الماضي بأنه لا يتوقع انسحابًا كاملا لإيران من سوريا، وهو ما يوحي بأن هناك استعدادًا لقبول حل جزئي. وهي الرؤية التي يطرحها فريق المستشارين المرافق للرئيس الأمريكي، بأن يتوصل الرئيسان الأمريكي والروسي إلى اتفاق حول نشر قوات حكومية سورية على طول الحدود مع الجانب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان، وانسحاب القوات الإيرانية وحزب الله تدريجيًا من المنطقة. والقلق السائد الآن يدور حول ما يعتزم الرئيس ترامب تقديمه إلى فلاديمير بوتين، مثل اعتراف الولاياتالمتحدة بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم، أو تخفيف العقوبات مقابل تعهد روسيا بالحد من النفوذ الإيراني. الاحتمال الثالث: أن لا يسفر اللقاء عن نتائج ملموسة تتعلق بالملف السوري، وأن ينتظر إجراء تغيير حقيقي به القمة الثلاثية المنتظرة بين روسيا وتركيا وإيران أواخر الشهر الجاري والمقرر عقدها في طهران. أجواء مضطربة وتأتي تلك في أعقاب حالة توتر شديد يواجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ اجتماعات عثيرة بينه وبين وبين قادة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، وما صاحبها من مظاهرات صاخبة حاصرته في كل بقعة قام بزيارتها في بريطانيا احتجاجًا على سياساته. وفي إطار الاستعدادات في العاصمة الفنلندية هلسنكي لاستضافة القمة المرتقبة ظهر بالقرب من القصر الرئاسي في هلسنكي، "تمثال حي" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتسول طالبًا المال من السائحين الأجانب في العاصمة الفنلندية. حيث يجلس ترامب بحلته الذهبية ونظارته السوداء وتسريحة شعره المميزة، على بُعد 30 مترًا من القصر الرئاسي، حيث ستعقد اليوم القمة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد حظى التمثال بشعبية هائلة بين السائحين الصينيين، ويقوم عقب أخذ شخص ما صورة له أو الوقوف بجانبه لالتقاط صور، بتحريك إصبعه إلى وعاء لجمع النقود، وعندما يرمي السائح بها نقودًا، يقوم "تمثال ترامب" بالتلويح بيده أو يرفع علامة النصر. كما نظم ناشطون مظاهرة حاشدة احتجاجًا على سياسات ترامب تجاه بعض القضايا المختلفة، في العاصمة الفنلندية أمس الأحد، وذلك للدفاع عن حقوق الإنسان والمهاجرين والديمقراطية والسلام والمناخ. وبالطبع فإن حالة التوتر التي تخيم على الرئيس الأمريكي، والتي تقابلها قوة يشهدها نظيره الروسي لما استطاع الحصول عليه مرورًا بنفوذ قوي في الملف السوري، وصولًا إلى ما حققه من نجاح غير مسبوق في تنظيم نهائيات كأس العالم، سوف تنعكس على لقائهما اليوم وما سوف يسفر عنه من نتائج.