لطالما أطلق على أيقونة السينما الأمريكية جريتا جاربو، لقب "المرأة الغامضة"، وهو لقب نالته النجمة سويدية المولد عن استحقاق بفضل احتفاظها بابتسامة هادئة لا تعكس أي انفعال، ونظراتها التي ترنو دوما إلى شيء أو شخص لا يدركه غيرها وحضورها النادر بالأوساط الاجتماعية. لكن "المرأة الغامضة" لم تعد كذلك، وقريبًا سيمتلك أحدهم جانبًا من أسرارها وكثيرًا من مفاتيح شخصيتها التي عانت - في الخفاء- الوحدة المزمنة ونوبات الحزن الشديدة. فوفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، تستعد صالة مزادات "سوثبي" الشهيرة في لندن لعرض مجموعة من الخطابات الخاصة التي وجهتها جاربو إلى صديقة عمرها الكونتيسة السويدية مارتا واتشميستر سويدية، ومعها "ألبوم من الصور النادرة التي لم يسبق عرضها علنا". تؤرخ خطابات جاربو لصداقة طويلة الأمد مع الكونتيسة واتشميستر وزوجها، تلك الصداقة التي بدأت مطلع الثلاثينيات، وتكشف مجموعة الخطابات، التي بلغ عددها 36 خطابًا وتتضمن أكثر من 100 صفحة، عن معاناة جرابو مع الوحدة والبعد عن العمل السينمائي الذي قد تكون بادرت إليه بإرادتها عقب فشل فيلمها "المرأة ذات الوجهين" مطلع الأربعينيات، إلا أنها عانت بعنف وحدتها ومخاوف التقدم بالعمر. كتبت في أحد خطاباتها، والذي يرجع تاريخه إلى 1945 "أفكر في أحد الأفلام الذي قد أحاول العمل عليه، لكن لا أعلم، فالزمن يترك أثاره على وجوهنا الصغيرة وأجسادنا". ولكن حتى في أوقات انشغالها الفني، لم تكن جاربو أسعد حالًا، فوفقا لخطاب أرسلته إلى صديقتها عام 1933 أثناء تصويرها فيلم " الملكة كريتسينا"، عبرت جرابو عن حنقها إزاء العمل ككل قائلة: "كانت أوقاتًا عصيبة، كل شيء يسوء"، قبل أن توضح أنها انتهت من نصف الفيلم وأنه حتى عقب إتمامه، فإن هذا الفيلم سيظل "نصف منته"، في إشارة إلى عدم رضاها عن مستواه. وفي جانب آخر من الخطابات التي أرسلت جرابو معظمها من محل إقامتها بحي بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا الأمريكية، تكشف "المرأة الغامضة" عن وحدتها أغلب الوقت، التي بلغت حدًا أنها تتحدث إلى نفسها، ورتابة تفاصيل حياتها التي لا تتجاوز في ذروتها قيادتها السيارة إلى شواطئ كاليفورنيا حيث تقوم برياضة المشي وهو ما وصفته ب"الرائع"، لكن حياتها لا تتجاوز هذه الأنشطة المحدودة، حتى إنها تحن إلى عطلاتها في السويد بأيامها الصيفية التي يتخللها المطر ويحيطها وصحبتها بشيء من "الحزن الشاعري"، حسب لتعبيرها. وقالت "الجارديان" في تقريرها إن جاربو عانت فيما يبدو "لعنة" إحدى أفلامها وهو "جراند أوتيل" الذي عرض بالصالات عام 1932 وقالت فيه عبارتها الشهيرة "أريد أن أكون بمفردي"، وقد كان. ونقلت الصحيفة عن جابريل هياتون، أحد خبراء صالة "سوثبي" تحليله لخطابات النجمة الأمريكية، الذي قال إنها تعكس قدرًا كبيرًا من الحزن والوحدة، مشيرًا إلى أن أيًا من هذه الخطابات لم يتم توقيعها، وإن كان أحدهم حمل كلمة "المهرج" محل التوقيع، وبعضها تضمن رسومًا لسيدات وكلها كتب بخط اليد وبالقلم الرصاص على أوراق ذات جودة متواضعة، فيما عدا خطاب واحد تم إعداده على الآلة الكاتبة ووجهته جاربو إلى ابنة الصديقة الكونتيسة عام 1976 عقب وفاة الأخيرة، وذلك لتعبر عن تعازيها. يقول هياتون إن خطابات جاربو تعكس رغبة جارفة للبقاء في الظل بعيدًا عن الضوء، وأن خطبًا ما يدور. وحددت صالة "سوثبي" يوم 12 ديسمبر الجاري لعرض خطابات جاربو وصورها، وبالتزامن مع مرور 27 عامًا على وفاة النجمة الأمريكية التي فارقت الحياة عام 1990. ومن المقرر تحديد 20 ألف جنيه استراليني (ما يعادل أكثر من 26 ألف دولار) كسعر مبدئي للمجموعة.