يقولون عن أنفسهم: "مجموعة منكم.. تلاقوا.. عملوا.. اجتهدوا.. لينالوا رضا الله.. وليتعاونوا على الخير.. للإسهام في النهوض بأنفسهم وقريتهم".. هكذا يعرفون أنفسهم، ويعرفهم لي الصديق الدكتور أشرف الحواط الداعية الإسلامي واستشاري التنمية والتدريب في رسالته التي أرسلها إلىَّ، تعريفًا وعرضًا لهذا النموذج الرائع والمثال البديع من شبابنا الذي يجب أن يحتذى به، ليس في قرانا المصرية فحسب، بل في كل شبر من بقاع مصرنا الحبيبة الغالية، في حضرها وبدوها وقراها، في صعيدها وريفها، في شوارعها وحاراتها. يقص لي الصديق الدكتور أشرف الحواط في رسالته مسيرة نجاح هؤلاء الشباب فيقول: إنها جمعية "لمسة خير"، التي بدأت بمجموعة من الشباب كنشاط طلابي في الجامعة، ولما شاء الله لهم بالتوسع والانتشار، قرروا أن ينقلوها بشكل رسمي إلى بلدهم ليخدموا بها أهلهم وذويهم بقرية "الصنافين" إحدى قرى مركز منيا القمح محافظة الشرقية، فما كان من أهل القرية الكرام إلا أن استقبلوها بقلوبهم وأرواحهم، والتفوا حولهم، وباتوا يحرمون أنفسهم لأجل أولادهم ومستقبل قريتهم، مطبقين نظرية "الاكتفاء الذاتي"، فجعلوا من قريتهم أسطورة للعمل الجماعي في الشرقية، وأصبح اسم "لمسة خير" يتردد ملء السمع والبصر في المحافظة، فتعددت لمساتهم في كل أجواء القرية، وبعد ستة أعوام من النجاح والتميز ورصيد الحب الكبير الذي استطاعت إيداعه في قلوب كل من يعرفها داخل وخارج المحافظة. يسرد لي الصديق الدكتور أشرف الحواط الداعية الإسلامي واستشاري التنمية والتدريب قصة وفعاليات نجاحهم وبذور الخير الذي زرعوه ونثروه، إخلاصًا وحبًا وعشقًا لوطنهم وقريتهم، فحصدوه ثمارًا يانعة من الخيرات، فيذكر أنهم أصابوا قلوب الناس فأسعدوها، فساعدوا المحتاج وكفلوا غير المقتدرين، فرسموا البسمة في عيونهم وعلى شفاههم بالرحلات التعليمية والترفيهية، وأصابوا أوجاعهم وأمراضهم فجعلهم الله سبباً في تخفيف آلامهم، فأقاموا مستشفى تكاملي في القرية بالجهود الذاتية وبأسعار رمزية جدًا، إضافة لحملات التبرع بالدم والكشف عن "فيرس سي" والتحاليل الطبية بالمجان، كما قاموا بنشر الوعي والثقافة من خلال المركز التعليمي التابع "للمسة خير" عن طريق المحاضرات في مختلف المجالات، بداية من تحفيظ القرآن الكريم، مرورًا بالخط العربي، واللغة العربية، والتنمية البشرية، وفن التصوير، وصيانة الكمبيوتر وغيرها، حتى الطريق أصابوه بلمسة خيرهم، فزيَّنوه بالإنارة والشجر المثمر، وتزيين القرية من الداخل والخارج من جميع اتجاهاتها، بالإضافة إلى إقامتهم لمحطات معالجة المياه، وبناء نقط أمنية للمساهمة في حفظ أمن القرية مع المركز الأمني بالمحافظة. ولم تقف - قارئي الحبيب - منظومة نجاح وإنجازات هؤلاء الشباب الوطني، العاشق لتراب وطنه وقريته وتجربتهم العملية الرائدة الباهرة، وجمعيتهم "لمسة خير" عند ذلك الحد فحسب، بل واصلوا أعمال البناء والتعمير على أرضها، محاولين الاستفادة والاستثمار في كل شيء، البشر، والأموال، والأماكن، حتى المخلفات. فمنذ ما يقرب من ثلاثة أعوام أطلق وزيرالبيئة الدكتور خالد فهمي مبادرته للجمعيات الأهلية والشباب في أنحاء الجمهورية بعنوان "تدوير قش الأرز"، حماية من التلوث البيئي والضرر الذي يلحق بالأشخاص، والذي يحدث نتيجة لحرق كميات كبيرة من القش عن طريق بعض المزارعين، راصدًا مكافأة مالية ستة آلاف جنيه لمن يجعل من القش منتجاً يجلب الربح، وفي الوقت نفسه محافظًا على البيئة من أشد أنواع التلوث. وبالفعل كان "للمسة خير" السبق في الاشتراك بتلك المبادرة، وبرغم ضعف قدرة المكابس والجرار والإمكانيات التي ترسلها الوحدة المحلية، ومعاناة التكاليف المادية لإيجار المعدات؛ حيث تقدر التكاليف 1300 جنيه في اليوم الواحد، حققت "لمسة خير" بشبابها وأهل قريتهم، مكاسب كبيرة من تدوير قش الأرز، وجعلته لصالح تجميل وتزيين قريتهم " الصنافين" وإقامة المنشآت في الداخل والخارج عن طريق بيعه بعد مرحلة الكبس لمصانع الأسمنت، والحديد، والكرتون، وأصحاب المتاجر الكبيرة، كالأعلاف ومزارع الخيول وغيرها، مما أثار دهشة الجميع في المحافظة، وكل من سمع عن تجربتهم ، حتى أن وزير البيئة الدكتور خالد فهمي وزير البيئة، قام بزيارة قرية "الصنافين"، التي أبهرت الجميع، وأبدى إعجابه الشديد بالفكرة، وطريقتهم الرائعة، وأساليب تنفيذها، كما دُهش حينما عَلِم أن عائد تجربتهم تلك سيكون لصالح القرية وتجميلها. ووسط الحوار مع الوزير لم تطلب جمعية "لمسة خير" وأهالي القرية لنفسها شيئاً من الوزير - كما هو المعهود، وإنما طلبت لصالح بلدهم وبيئتهم أن تكون المعدات بكفاءة عالية حتى يستطيعوا إنتاج كميات أكبر، وهي تواصل العمل الآن حتى نهاية الموسم. تلك تجارب رائدة لأناس وشباب من أرض مصرنا الطيبة الطاهرة، أضعها اليوم بين يديكم جميعًا، لنعلم أن حب وطننا وعشق ترابه، يستطيع - بنا ومعه - أن نصنع المستحيل، وأن بالحب والتعاون والتراحم والإيثار والتكافل، نستطيع أن نبني، ونشيَّد، ونعالج، ونقيم ما ننفع به وطننا وقرانا ومدننا وحضرنا وبدونا، فتحية لهؤلاء الأبطال العظماء شباب "لمسة خير"، وتحية "للصنافين"، وأرجو أن تذلل لهم الدولة والدكتور خالد فهمي وزير البيئة كل طلباتهم، وأن تحتذى كل بقعة من بقاع مصرنا الطيبة وشبابها، بهم فعلا وحبًا وإخلاصًا.. ودمت مصرنا بشبابك ورجالك ونسائك المخلصين.