ما زالت مطاردات "القط والفأر" مستمرة بين الباعة الجائلين بوسط القاهرة وأجهزة شرطة المرافق، ورغم الجهود التى تبذلها محافظة القاهرة لتسكينهم فى أسواق مجمعة حضارية، فإن افتراش الأرصفة يبقى السبيل الوحيد لجذب "الزبائن" من وجهة نظر الغالبية العظمى من البائعين. نجحت أجهزة محافظة القاهرة خلال السنتين الماضيتين فى نقل باعة رمسيس ووسط البلد (قصر النيل- طلعت حرب- 26 يوليو)، لسوقى "الترجمان وأحمد حلمى" وخلت الشوارع بالفعل منهم، إلا أن عودتهم لافتراش الأرصفة عادت بوضوح، خلال الفترة الماضية، مؤكدين أن سبب عودتهم هو ُبعد السوقين عن روادهم، كما أكد عدد منهم أن مطاردات أجهزة المحافظة وشرطة المرافق لهم لن تثنيهم عن البحث عن "لقمة العيش". "طارق"، أحد مفترشى الرصيف أمام صيدلية "الإسعاف"، أكد ل "بوابة الأهرام"، أن الرزق على هذا الرصيف متاح، لكن فى "الترجمان" "احنا ميتين" بحسب تعبيره. "أنا أدفع أرضية هنا 600 جنيه ولا أدفع 450 فى إيجار باكية بسوق أحمد حلمى"، هكذا تحدث "أبو عمر"، أحد باعة الأحذية أمام مترو أنفاق منطقة الإسعاف، موضحًا أن محافظة القاهرة تأخذ إيجارًا شهريًا "450 جنيهًا" على الباكية الواحدة التى تم تسليمها للبائعين فى سوقى "أحمد حلمى والترجمان"، ونظرًا لعدم حيوية المكانين تركهما كثير من الباعة وعادوا لافتراش الأرصفة. ولفت "أبو عمر"، إلى أن معظم الباعة لديهم بضائع درجة ثالثة وتباع بأسعار زهيدة، وبالتالى لا يتحملون إيجارات الباكيات بالأسواق، خاصة وأن الزبائن لا تأتى إليهم فى الأماكن البعيدة. "منطق قيمة الأرضية"، أكده كلٍ من "محسن وسعيد ومحمد"، جمعتهم صلة القرابة، فجاءوا من صعيد مصر بحثًا عن الرزق على أرصفة القاهرة، فكل منهم اتخذ جزءًا من الرصيف المواجه لدار القضاء العالى بشارع 26 يوليو، وتنوعت منتجات "فرشتهم" ما بين "أربطة أحذية" و"زمزميات للمياه" و"أحذية أطفال"، لافتين إلى أنهم يفضلون دفع أرضية تتراوح أحيانًا بين ال 500 و600 جنيه، على دفع إيجار باكية بسوق "أحمد حلمى"، مؤكدين أيضًا أن "ثمن الأرضية" مناصفة بينهم. "الحكومة مش قادرة تفهم إن رأس مالنا فى الزبون، وبيصروا ينقلونا لأماكن ميتة مفيهاش زباين.. طيب حد يقولنا نأكل ولادنا منين.. وندفع إيجارات منين.. ونعلمهم إزاى.. إحنا بنحارب البطالة بنفسنا ومبنطلبش من المحافظة حاجة غير إنها تسيبنا نأكل عيش"، بهذه العبارة أوضح "على" أحد باعة ميدان رمسيس، أن سوقى "أحمد حلمى والترجمان" لم ينجحا وعدم حيوية موقعهما أجبرت الباعة لعودة افتراش الأرصفة، مؤكدًا أنه يفترش رصيفًا بالميدان فى الفترة الصباحية، حيث يكون الإقبال فيها جيدًا لكل القاصدين ميدان "رمسيس" والسكة الحديد، كما أن دوريات شرطة المرافق لا تكون متواجدة فى هذا التوقيت. محمد فؤاد، رئيس حى شبرا، أكد فى تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام"، أن أجهزة الحى، تقوم حاليًا بتسليم بعض الباعة باكيات بسوق "أحمد حلمى، موضحا أن السوق بها 3 هناجر، ويضم الهنجر الكبير (92 باكية) والصغير الموازى لكوبرى الليمون به (109 باكيات)، بالإضافة لهنجر ثالث بامتداد السكة الحديد، وجميعها يتم تسكينها للباعة. وأضاف "فؤاد"، أن هناك ما يقرب من 350 فاترينة تم إنشاؤها أفقيًا، وتسلم للباعة المتنقلين "غير الثابتين"، وبعضهم يفترشها أسبوعًا ثم يرحل، لكننا نسلمها لهم ليفترشوها بدلاً من افتراش الشارع وإعادة مظهره الحضارى. كما أكد رئيس حى شبرا، أن الباكيات والفاترينات التى تسلم فى سوق "أحمد حلمى"، هذه الأيام، للباعة تكون مجانًا دون مقابل أو إيجار، لافتًا إلى أن أجهزة الحى متعاقدة مع شركتى نظافة وأمن، للحفاظ على مظهر السوق وتأمينه، مشيرًا إلى أن أجهزة محافظة القاهرة لا تدخر جهدًا فى إنشاء أسواق حضارية للباعة، لكنهم يصرون على تحدى القانون وافتراش أرصفة الشوارع. أحد رؤساء الأحياء، أكد ل "بوابة الأهرام"، أن منطقة "وسط البلد" تقع فى حيز أحياء مشتركة (عابدين- الأزبكية – بولاق أبو العلا – غرب القاهرة)، ونظرًا لهذا التداخل لا تتمكن الحملات المنظمة من قبل حى بالتدخل فى إزالة الباعة حال تواجدهم بنطاق حى آخر، لافتًا إلى أنه كان يشرف على حملة ميدانية بأحد الشوارع، ولاحظ فى طريقه إشغالات لباعة جائلين تعيق حركة المارة بأحد محطات مترو الأنفاق، لكنه لم يتمكن من اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، حتى لا يتدخل فى اختصاصات رئيس حى آخر.