افتتحت، اليوم الأربعاء، أولى فعاليات الجناح المصري بمعرض الخرطوم الدولي للكتاب، في دورته الثالثة عشرة بندوة عنوانها "الثقافة العربية وتحديات العصر"، شارك فيها وزير الثقافة المصري، حلمي النمنم، ووزير الدولة للثقافة حسب الرسول بدر، والدكتور البشير سهل، الأمين العام لمجلس حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والدكتور إسماعيل الحاج موسى. يستضيف المعرض مصر ضيف شرف لأول مرة في تاريخ المعرض يتم فيها اختيار ضيف شرف، وشخصية العام الدكتور محمد عبدالحي، وشعار المعرض "الكتاب جسر المعرفة"، ومن المقرر أن يستمر حتى 29 أكتوبر الجاري. قدّم الناقد الدكتور حسين حمودة ورقة بحثية مطولة حول الثقافة العربية، مفردًا إياها للتحديات الراهنة لهذه الثقافة، إذ يقول في بداية حديثه "إن موضوع الثقافة العربية وتحديات العصر صعب ومعقد ومتشعب في الوقت نفسه، وهو موضوع مطروح منذ زمن بعيد، وطرحت حوله قضايا متنوعة وإشكالات شتى، فقد كان محل نظر كثير من الباحثين والمثقفين العرب وحتى الآن". يفند حمودة المشكلات والتحديات التي تواجه الثقافة العربية، وأبرزها: "علاقتنا بتراثنا، وما يتصل بصورنا المتعددة حول هذا التراث"، إذ يتصور أن "هناك قضايا غير منتهية حول تصوراتنا عن ثقافتنا الجديدة، وأن هناك حاجة لأن نعيد النظر في بعض مكونات هذا التراث حتى نستخلص منه ما يمكن استخلاصه". ويضيف: "تحد آخر، وهو ما يسمى بظاهرة الذاكرة المتقطعة"، وهي آفة يراها حمودة "من الآفات المؤسفة في تاريخنا وليس التاريخ الثقافي فحسب ولكن تاريخنا كله، فهناك وهم يتصوره البعض حول أن هناك بداية يمكن أن تنقطع عن مسارها، وهناك ترديدات كثيرة عن المستوى الثقافي والاجتماعي، وهناك من يتصور أن هناك البدء والمنتهى، مثل من يقول إننا جيل بلا أساتذة، وهذا الانقطاع من الأسئلة الثقافية يفتتحها ويجعلها غير مرتبطة بجذورها التي يمكن أن تكون مفيدة، في التحديات التي نواجهها الآن". ويتابع: النقطة الثالثة، تخص بعض المفاهيم التي روجنا لها وهي مرتبطة بسياقات غربية بعينها مثل التحديث وما بعد الحداثة، وكلها لها أبعاد اجتماعية وثقافية وحضارية، فمثلًا على المستوى الأدبي، فرحنا بأننا نخوض تجارب غربية، وهذه التجارب في الحقيقة لها ليس لها جذور اجتماعية. وتطرق حمودة إلى نقطة أخرى، تتعلق ب"الهوية الإبداعية"، وهي "تتعلق بتبني العرب لتجارب غربية نقلناها وتبنيناها كما هي"، إذ يقول في هذا الصدد "هناك لهاث في غير حالة من الحالات وراء ما يشبه الصراعات في التيارات الغربية، ونحن روجنا له بعد حتى أن ماتت في الغرب". ويستطرد: هناك نقطة أخرى، تخص الوحدة والتنوع في الثقافة العربية وبلورة تصور معين أو صيغة معينة، تجمع كل أشكال الاستقلال في الثقافة الغربية، ففي الثقافة العربية توجد دوائر متعددة، مثل ثقافات الأمازيغ والأكراد وهي مرتبطة بالثقافة العربية، يجب الإفادة من هذه الروافد للوصول إلى صيغة ثقافية عربية متكاملة". وتحدث حمودة أيضًا حول تجديد الخطاب الثقافي، مشيرًا إلى أن هناك تجارب متعددة ومحاولات متنوعة في هذا الصدد، و"شهدت بعض البلدان العربية هذه المحاولات" ويتصور أن استكمال هذه المحاولات يمثل "تحديًا يجب الاستقرار فيه". وعلق حمودة على "الصورة الشائعة التي بدأت تشيع مؤخرًا في الغرب عن العرب وهي اقتران العرب بالإرهاب، وهذه الصورة لا يمكن مقاومتها على المستوى الثقافي فحسب، لكن من المهم أن نعي أن هذا الإرهاب يتمسح ببعض العبارات في التراث العربي الذي لم تتم غربتله بشكل مناسب". تحد آخر تطرق له حمودة، يتمثل في الميزانيات المخصصة للثقافة في كثير من البلاد العربية، وهي ميزانيات رآها "ليست كافية، ولا تسمح لاكتمال مشروع ترجمة كامل وحقيقي"، ويرى أن "هذه النقطة يجب تداركها، وكل الأمم التي قطعت شوطًا في سبيل التقدم انتهت من هذه المشكلات". وختم "حمودة"، حديثه بإبراز تحدي اللغة العربية والعولمة والكتاب العربي.