أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم الفني ما أسماه بأجندة تعليمية جديدة، تتواكب مع العصر الحديث، ووضعت تصورها الجديد للتعليم في مصر، ووضعت التكليفات الرئاسية، بالتوسع في مدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا، ضمن اهتماماتها. وقد أعلن الوزير عن العديد من النقاط الإيجابية منها: دفع المصروفات من العام المقبل عن طريق البنوك، وتكليف المديريات التعليمية بوضع قواعد للزي المدرسي بالمدارس الخاصة؛ بحيث لا يتم تغييره وفق أهواء أصحاب المدارس كل سنة ووقف الترخيص لمدارس أمريكية جديدة لحين ضبط هذه المدارس، وتجنب تزوير وضرب الشهادات من المدارس الأمريكية، وتخفيف مناهج العام الدراسي الجديد بنسب تصل إلى 40%، والانتهاء من بناء 100 ألف فصل بنهاية عام 2018، وإنشاء صندوق دعم المعلم والكارت الذكي للمعلمين، وإرساء مبدأ المكافأة حسب العمل والأداء، والتوسع في المدارس اليابانية، ومدارس المتفوقين واستثناء أبناء البسطاء من مصروفات مدارس المتفوقين على أن تكون مصروفات المدارس اليابانية مثل مصروفات التجريبيات. ما أعلنه الوزير من تحويل السنة السادسة الابتدائية من شهادة إلى سنة عادية، فهو قرار ليس بجديد، وكما نعلم كيف تم إلغاء هذه السنة الدراسية، وألغاها الدكتور فتحي سرور وهو وزير للتعليم، ثم كيف أعادها الدكتور فتحي سرور مرة أخرى وهو رئيس مجلس الشعب (وفي المرتين دافع عن القرار وأهميته)، ومرة كانت شهادة ثم سنة عادية، ثم شهادة وها هي تعود سنة عادية مرة أخرى.. فهل نضمن ألا تتحول السنة السادسة إلى شهادة مرة أخرى؟! أما شهادة الثانوية العامة، فقد مرت هي أيضًا بتجارب عديدة من ثانوية علمي وأدبي، إلى تجزئة القسم العلمي إلى رياضة وعلوم، وتحويل الثانوية العامة إلى عامين حتى نخفف العبء على الأسرة، فإذا به يزيد من الدروس الخصوصية، ويزيد الأعباء عليها، ثم عودة الثانوية العامة إلى العام الواحد، وها هو الوزير يبشرنا بما أعلنه عما سماه "شهادة مصر" بديلًا عن شهادة الثانوية العامة الحالية ينهي ظاهرة «بعبع الثانوية العامة»، على أن يطبق النظام الجديد العام الدراسي 2018 – 2019.. والمشكلة أنها ستكون بمجموع تراكمي على مدى 3 سنوات، فهل ستزيد من الأعباء على الأسرة والطالب، ولن تخفف من بعبع الثانوية العامة كما يتمنى الوزير. إن ما طرحه الوزير من مشروع الثانوية العامة الجديدة غير قابل للتطبيق قبل أن يتم تغيير المناهج بما يتفق مع الفكر الجديد، والمشكلة ليس في تخفيف المناهج وإلغاء الحشو والتكرار فقط، ولكن في مضمونها، فلماذا لا نستعير مناهج جنوب شرق آسيا والتي تحولت بها إلى نمور اقتصادية خلال عشر سنوات فقط؟ كما أننا في حاجة إلى زيادة عدد الفصول والمدارس حتى نخفف من كثافة الفصول، بحيث لا يزيد عدد الطلبة على 30 طالبًا في الفصل بأي حال، ناهيك عن أن هناك مدارس يجلس تلاميذها على الأرض، لعدم وجود كراسي بها. ولعل الوزير يعلم أن المعلم هو مفصل العملية التعليمية، وأن نجاحها أو فشلها يتوقف عليه، ولا يكفى أن يعلن عن تثبيت 51 ألف معلم، وترقية 123 ألف معلم آخر، فهل يعلم الوزير أن دخل المعلم الذي قضى ربع قرن في التدريس لا يزيد على 2500 جنيه شهريًا، وهو مبلغ لا يقيم أودًا ولا يرد جوعًا، ولا يفتح بيتًا، فنحن نريد أن يزيد دخل المعلم بما يتناسب مع الجهد المطلوب منه. وكل ما أتمناه أن يكون ما أعلنه الوزير من مشروع "انسف تعليمك القديم" هو خطة دولة لا خطة وزير، بمعنى أن يضع الوزير خطته، ويتم تغييره ليأتي وزير جديد يغير من خطة سلفه، بل تظل الخطة قائمة لا تتغير بتغير الوزير، وأكرر لن تقوم لنا قائمة مالم تكون هناك خطة قومية للتعليم في مصر، ومالم نعتبر التعليم هو مشروعنا القومي.