أرى الدموع في عيون ووجوه أسرهم وذويهم، وعلاها الحزن والألم، فلم يدر في أذهانهم يومًا أن يتسلموا أزواجهم وأبناءهم جثثًا هامدة، فأي إرهاب هذا الذي بسببه تتحول أسر وعائلات من سلام إلى سواد الحزن، وتقضي همومها كبدًا ووجعًا في صدورهم، وأراها قد غطت وجوه كل أم وكل أسرة فقدت عزيزًا لديها، ولا يطفئ نار أحزانهم إلا أن من فقدوا شهداء ضحوا بأرواحهم من أجل وطنهم فكتبت أسماؤهم على قناديل من نور. ها هو الإرهاب الأسود يعود مجددًا ليلقي بظلال الحزن والأسى على أراوح بريئة لشهداء الوطن، وتنعي الدولة أبناءها بدموعها، فقد أهدرت عصابات الإرهاب دماء الأبرياء، فهؤلاء لا يعرفون إلا الدم ولا يتكلمون إلا بلغة الدم وحواراتهم دماء، ولا مكان لهم إلا في الجحور، فهم منبوذون إلى يوم الدين. هل باتت مصر مسرحًا لعمليات إرهابية إجرامية، تقدم عليه جماعات منبوذة ما تريد من عمليات منتنة، وجرائم عفنة فتنزف الدولة من دماء أبنائها الأبرياء الذين يحمونها بصدورهم، وكل ما يهدد أمن وسلامة الوطن، فقد راح ضحايا الجريمة البشعة في رفح - ورفح بريئة منهم - الكثير من شهدائنا واستهدفت النقاط الأمنية التي تقوم بتأمين الدولة وحدودها وسلامة أراضيها، وكان جزاؤهم أن تقتلهم أيدي الإرهاب الغادرة. ويظل التساؤل المحير من أين تحصل هذه الجماعات الإرهابية على السلاح والمواد المتفجرة الخطيرة والعتاد والمال؟ ومن يمولها ويخطط ويدبر لها ويحدد أهدافها؟ وما هي وسائل الاتصال بينهم والتكنولوجيا التي يستخدمونها في أعمالهم الوقحة؟ وما هي المنظمات الخارجية التي تدعمهم وتمدهم بالمال لتنفيذ جرائمهم؟ وهل هي دول بعينها لها أيدي في هذه العمليات؟ أم أن الأمر أبعد من ذلك؟ وما هي خططهم الإرهابية وأهداف جرائمهم؟ وأين مواقعهم، وأماكن اختبائهم، والأماكن التي يخططون منها؟ وكيف يتلقون التدريبات والسلاح؟ وهل يتلقونه بحرًا أو جوًا أو برًا؟ مجرد كلمة إمدادات الإرهابيين تعني الكثير والكثير وحولها تتشكل فرق عمل مدربة لتعقب هذه العصابات الإرهابية المنبوذة، ثم يأتي السبب وراء علمياتهم هل لمجرد الانتقام؟ أم لتركيع الدولة وشل اقتصادها، وزيادة المعاناة والإحباط ؟ فالإرهاب لا دين ولا وطن له. تحليل الأسباب وراء هذه الجرائم الإرهابية من أهم سبل العلاج والمواجهة، فالمواجهة لا تكفي بالسلاح والعتاد فحسب، وإنما بالتحليل والتدقيق؛ لمعرفة نقاط ضعفهم وقوتهم، وكيفية مجابهتهم ومفاجأتهم على النحو الصائب، بل اعتقالهم والحصول منهم على اعترافات تقود إلى بقية التشكيل الإرهابي، وإحباط عملياتهم قبل تنفيذها. قلت سابقًا إن صاحب المصلحة هو المستفيد من إجهاض كل محاولات الدولة للنهوض باقتصادها وعودة السياحة والاستثمارات الأجنبية، ويريد إشاعة حالة من الفوضى وانعدام الأمان، وأن مصر مسرح لعمليات إرهابية قذرة؛ لإرسال صورة مغلوطة للعالم بأن مصر غير آمنة. قرأت معلومات كثيرة عن تحركات وأسلحة الإرهابيين، والذي يدقق في هذه الأخبار يجد أنها ليست منظمة إرهابية كغيرها من المنظمات، وإنما جيش منظم يعرف ما يخطط له، ويعرف هدفه جيدًا، ويضع له الخطوط التي يسير عليها والبدائل والأهداف والسلاح المستخدم، ووسيلة التحرك والتنقل التي تناسب أجواء ووعورة الصحراء وصعوبة أراضيها، ولديهم أدلة تقودهم للطرق حتى ينفذوا عملياتهم في أسرع وقت، ثم يلوذوا بالفرار كالفئران هلعا إلى جحورهم ليخططوا لعمليات قذرة أخرى، فإذا عرفنا عدونا جيدًا وأسلحته وإمكاناته، سنعرف كيف نواجهه ونقهره بإذن الله تعالى.. حفظ الله مصر والعالم من الإرهاب المنبوذ.