قدمت كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك صورة جديدة للسياسة الخارجية المصرية التي تمر بمرحلة تغيير في أعقاب ثورة 25 يناير، فيما اغتنم رؤساء الوفود من جميع أنحاء العالم فرصة الاجتماعات الرفيعة المستوي للتعرف علي طبيعة التغيير في مصر الثورة. والتقت "بوابة الأهرام" بوزير الخارجية محمد كامل عمرو لاستجلاء طبيعة تلك المشاورات وموقف المجموعة العربية من القضية الفلسطينية التي تمر بمنعطف جديد بعد التقدم بطلب الحصول علي عضوية كاملة في الأممالمتحدة، فإلي نص الحديث: - كيف كان تناول الشأن الداخلي المصري في اللقاءات الرفيعة المستوي التي جرت علي هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهل عبرت دول العالم عن مخاوف أو هواجس مما يدور اليوم؟ أجريت أكثر من خمسين مقابلة مع رؤساء حكومات ووزراء خارجية ورؤساء منظمات إقليمية فضلًا عن ترأس مصر لحركة عدم الانحياز اليوم حيث عقدت الحركة التي تضم غالبية دول العالم اجتماعات عديدة لبحث القضايا العالمية، كما أن مصر تستعد لاستلام رئاسة قمة منظمة التعاون الإسلامي في عام 2012، كما شاركنا في مؤتمر مكافحة الإرهاب والدي صدر عنه "إعلان القاهرة" بعد مشاورات دولية رفيعة، وبدون استثناء، كان شعور غالبية دول العالم "إيجابيًا" فيما يتعلق بالثورة المصرية وتطوراتها وعبر رؤساء الحكومات عن سعادتهم بالتغيير في مصر وأبدوا تفاؤلهم بمستقبل مصر وهناك من الدول من عرض تصورات عن دعم الاقتصاد المصري وصناعة السياحة، والكل يري أن مصر القوية لن تكون فقط لمصلحة شعبها أو الإقليم ولكنها ستسهم في الاستقرار العالمي، من ناحية أخري، أظهرت المحادثات مع المسئولين الأفارقة أنهم يتطلعون لاستعادة مصر مكانتها في القارة الإفريقية. - برزت في مناقشات الاجتماعات العديدة علي هامش الجمعية العامة تخوفات من الأوضاع في المنطقة العربية بعد موجة "ربيع الديمقراطية" وروجت دوائر بعينها إلي أن موجة جديدة مما سموه ب "الإسلام المسلح" سوف تبرز في المرحلة المقبلة بما يهدد المصالح الغربية وإسرائيل. هل حدثت نقاشات مع الجانب المصري حول تلك الأمور؟ لم ألمس تلك التخوفات في اللقاءات التي أجريتها وقد أبدي الكثيرون تفهمهم لطبيعة المرحلة الانتقالية وتحدثوا عن مرور دول بعينها بفترات تحول ربما كانت أصعب بكثير مما نراه في مصر اليوم، ومسألة إثارة المخاوف مما يسمي "الإسلام المسلح" هو أمر مرفوض تماماً من جانبنا حيث تستخدم تلك التعبيرات بصور مختلفة مند زمن طويل لأنه لا يوجد دين مسلح ولكن هناك ممارسات من أفراد مسلحين والأفراد يمكن أن ينتموا إلي أي عقيدة وبالتالي الترويج لتلك المقولات غير مفيد في العلاقات الدولية. - تردد أن هناك انقسامًا داخل المجموعة العربية حول خطوة لجوء الفلسطينيين إلي مجلس الأمن. كيف ترون الموقف العربي وأيضا موقف الدول الإسلامية؟ لم يكن هناك انقسام حول القضية الفلسطينية في اجتماعات المجموعة العربية في نيويورك، فالجميع يقف وراء موقف واضح وهو وجود دولتين مستقلتين تعيشان في سلام إلي جوار بعضهما البعض علي أساس قرارات الشرعية الدولية وأن تكون دولة فلسطين داخل حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وقد كانت النقاشات بين الدول العربية حول كيفية الوصول إلي هدا الهدف ولا أستطيع أن أسمي ما دار بالانقسام ولكن نقاش وحوار حول شيء واحد يتفق الجميع عليه. والطلب الفلسطيني أخذ طريقه إلي مجلس الأمن حيث ستشكل لجنة اعتماد في إطار إجراءات معروفة داخل المنظمة الدولية وربما يأخذ النظر في الطلب وقتاً طويلاً، وأيضا، الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تقف وراء المسعي الفلسطيني بشكل كامل. - كيف تري مصر البيان الأخير للمجموعة الرباعية الدولية حول السلام في الشرق الأوسط ودعوت لاستئناف المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين؟ وهل أجرت الرباعية مشاورات مع المجموعة العربية في شأن البيان قبل صدوره؟ مصر عبرت بوضوح في كلمتها أمام الجمعية العامة، أن بيان الرباعية لم يعبر عن المأمول في تلك المرحلة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس له الحق في عدم التفاوض في ظل استمرار سياسة الاستيطان، ومسار الرباعية الدولية غير كافٍ بالمرة وهو يسلك نفس السيناريوهات القديمة إلي حد بعيد ولا يلبي الحد الأدني للمطالب المشروعة مثل وضع إطار زمني ووقف الاستيطان والالتزام بالتسوية علي أساس حدود ما قبل عام 1967، ولم تحدث مشاورات مع المجموعة العربية والرباعية الدولية قبل صدور البيان حيث تشاوروا فيما بينهم. - وكيف تصف خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أمام الجمعية العامة؟ الخطاب لا يسهم في إيجاد حل أو تسوية للوضع القائم بالمرة وهو إعادة تأكيد علي الموقف الإسرائيلي، وأنظر كيف استقبل العالم خطاب محمود عباس ومطالبته بالحصول علي حقوق مشروعة بينما الطرف الأخر مستمر في فرض سياسة الأمر الواقع ويمضي في خطط الاستيطان في الأراضي العربية. - ركزت مصر في كلمتها أمام الجمعية العامة علي أمن الخليج بعبارات قوية، كيف تري تطورات الملف والعلاقة مع إيران بعد المستجدات المتسارعة؟ مصر واضحة تمامًا في موقفها الداعم لأمن الخليج العربي وهو جزء من الأمن القومي المصري وأكدنا الأمر مرات عديدة مؤخرًا، وبالنسبة لإيران، هناك حوار معها في المحافل الدولية وهناك عنصران مهمان أيضا يحكمان العلاقات فيما بيننا، وهما عدم التدخل في الشئون الداخلية من الجانبين والحفاظ علي أمن الخليج العربي، والحوار مع طهران يجري اليوم، علي سبيل المثال، في إطار "الترويكا" الخاصة بدول عدم الانحياز التي ترأسها مصر، ويوجد مكتب تمثيل لهم في القاهرة ولنا مكتب تمثيل في طهران. - هل تري أن الموقف الدولي من قضية منع الانتشار النووي يتراجع في ظل التقاعس عن عقد المؤتمر الدولي المتفق عليه بشأن أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط؟ المشاورات حول عقد مؤتمر الشرق الأوسط مستمرة وجرت نقاشات مستفيضة بشأن عقد المؤتمر في عام 2012 وقد طالبنا في مؤتمر منع الانتشار النووي والحد من التسلح علي هامش الجمعية العامة الإسراع في تعيين "المُيسر" الخاص بالمؤتمر وتحديد الدولة المضيفة. - كل عام يتجدد الحديث عن إصلاح مجلس الأمن، هل يفرض الواقع الجديد في الشرق الأوسط إمكانية لظهور كتلة أكبر تضغط في اتجاه توسيع عضوية المجلس بما يوجد توازن دولي بات مطلوباً؟ مصر تبني موقفها حول إصلاح مجلس الأمن علي أساس التشاور في إطار مجموعة الدول الإفريقية والوضع الحالي للقارة في مجلس الأمن لا يعكس الواقع والعضوية في المجلس هي انعكاس لأوضاع ما بعد الحرب العالمية الثانية وقد جددنا في نيويورك موقفنا من ضرورة إنجاز عملية الإصلاح حيث نري أن إفريقيا يجب أن تحظي بمقعدين في مجلس الأمن في ظل عملية التوسيع المقترحة.