هل يمكن ان يكون الاقتصاد بمنأى ومعزل عن التطورات السياسية؟ .. هذا السؤال فرض نفسه بقوة ونحن نتصفح ملف مستقبل التطورات والانعكاسات التى خلفها ابرام الاتفاق الاوّلى بين الولايات المتّحدة وايران حول الملف النووى. فى ظل ما يتردد عن حسابات سياسية تخص جهات عالمية وإقليمية تسعى الى رسم اطار متكامل للمصالح الاقتصادية والاستراتجية خاصة ان هناك محاولات تسعى الى تقريب وجهات النظر، فاذا امكن حل الخلاف السياسى فى دقائق فان الخلافات الاقتصادية تتعمق وتطول فترة علاجها.. من هنا تمحورت آراء الخبراء فى ضرورة فصل العلاقات الاقتصادية عن السياسية. //////// تكتل اقتصادى وسط كل خلاف سياسى بين دولتين يوجد بريق أمل وخيط رفيع لامكانية التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين مصر وايران حتى ولو كان من خلال تكتل اقتصادى.. فخلال شهر فبراير الماضى اقترح إسماعيل جابر، رئيس هيئة التنمية الصناعية، التعاون فى صناعة السيارات مع إيران، خاصة أن مصر تتبنى مشروعا قوميا للوصول إلى إنتاج مليون سيارة ركوب سنوياً خلال خطة مقترحة للتنفيذ على مدار خمس سنوات، فى ظل تطور هذه الصناعة لديهم. وأشار «جابر»، إلى قيامه بتفقد خطوط الإنتاج بمجموعة «خو» الإيرانية لمكونات السيارات ومجموعة سايبا لصناعة السيارات وهى احد صروح صناعة السيارات فى ايران حيث تعتمد على التصنيع المحلى بنسبة تصل إلى اكثر من 90٪. وأوضح أن المؤتمر الرابع لوزراء الصناعة لمجموعة الدول الاسلامية وحضره رئيسا للوفد المصرى خطوة على طريق تعزيز التعاون وتقوية العلاقات الاقتصادية بين مصر والدول الثمانى الأعضاء فى القطاع الصناعى بوصفه الأكثر قدرة على النمو، مما يجعله قاطرة للتنمية الشاملة. وأكد الالتزام الدائم للحكومة المصرية بدعم النمو الصناعى من خلال توفير مناخ جاذب للاستثمار وداعم للمشروعات الصناعية الجديدة والالتزام الدائم بالإصلاحات الاقتصادية من خلال التركيز على التنمية الصناعية المستدامة، وتيسير الإجراءات بما يساهم فى جذب المزيد من الاستثمارات بالإضافة إلى دخول عدد من المشروعات التنموية العملاقة حيز التنفيذ مثل: مشروع قناة السويس الجديدة والمثلث الذهبى ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة ومشروع تنمية الساحل الشمالى الغربى. وأشار رئيس هيئة التنمية الصناعية إلى أن أهم توصيات المؤتمر كانت تبادل المعلومات والخبرات والمهارات بالتعاون المشترك فى الإنتاج الصناعى من خلال شبكة معلوماتية مشتركة بين الدول الاعضاء من خلال انشاء موقع الكترونى بين الدول الثمانى لعرض الفرص الاستثمارية وتبادل المعلومات وعرض التشريعات التى تخص الصناعة . ورفع مستوى الاستثمارات المشتركة بين الدول الأعضاء فى مجموعة D8 الى جانب تبنى المشاريع المختلفة للتعاون بينها حتى يتم توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين الدول الأعضاء من خلال البدء فى دراسة مشروعات مشتركة فى مختلف القطاعات وخاصة البتروكيماويات والسيارات وتقنية النانو والطاقات المتجددة والغزل والنسيج.. احمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية يؤكد ان الاتجاه العام للغرف فى المرحلة الماضية والحالية والمستقبلية هو الفصل التام بين السياسة والاقتصاد، لان الخلافات السياسية يمكن ان تحل فى جلسة تستمر دقائق أما إعادة المصالح الاقتصادية فتتطلب سنوات.. لذا يجب ألا يتأثر الاقتصاد بالخلاف السياسى، مشيرا الى ان العلاقات الاقتصادية المصرية القطرية لم تتأثر بالخلاف بجانب ان تركيا على خلاف سياسى بإيران ورغم ذلك تمثل ايران ثانى اكبر شريك تجارى لتركيا. يضيف ان ايران سوق مهم جدا ولا يمكن اغفاله سواء على المستوى الثنائى او على صعيد الشرق الاوسط، من هنا يجب ان نحافظ على مصالح مصر التجارية والاقتصادية على اساس ان الخلافات السياسية تنتهى فى وقت من الاوقات ورأس المال ليس له جنسية. موضحا ان حجم الاستثمارات الإيرانية فى مصر يبلغ 500 مليون دولار، من خلال 13 شركة مسجلة فى هيئة الاستثمار منذ عام 1974 حتى 2014 . وتتراوح الصادرات الايرانية لمصر ما بين 120 الى 200 مليون دولار مقابل واردات إيران من مصر خلال نفس الفترة بلغت قيمتها60 مليون دولار تشمل موالح ومواد صناعية وهناك نحو4 ملايين سائح ايرانى يأتون لزيارة الاماكن الاثرية والدينية المصرية. /////////// شركة وبنك ويقول محمد المرشدى نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين: ان الاستثمارات الايرانية موجودة فى مصر منذ السبعينيات لكنها تعانى من جمود وتوقف تأثرا بالوضع الاقليمى. وكان هناك عرض ايرانى بعد ثورة 25 يناير لشراء الحصة المصرية فى شركة مصر إيران للغزل والنسيح أو زيادة نسبة الجانب الايرانى إلى 52٪، لكن الجانب المصرى رفض العرض تماما.. ويأتى »بنك مصر - إيران« الذى تأسس فى منتصف مايو 1975 كشركة مساهمة مصرية، فى المرتبة الثانية ضمن الاستثمارات الحكومية الإيرانية فى مصر، باعتباره من أكبر الاستثمارات المشتركة بين البلدين برأسمال بلغ 20 مليون دولار، شهد بعد ذلك زيادات متتابعة حتى وصل حاليا إلى 300 مليون دولار، بينما بلغ رأس المال المدفوع 200 مليون دولار . وتبلغ حصة الجانب الإيرانى فى رأسمال البنك نحو 40٪ تقريبا، بينما يمتلك الجانب المصرى 60٪ تقريبا، ويعمل البنك فى مجال أسواق النقد والمال وتمويل المشروعات وأنشطة التمويل التجارى القصير الأجل، ويتكون مجلس إدارة البنك من 9 شخصيات: 5 من مصر و4 من إيران. يشير المرشدى الى انه يجب التفرقة بين الخلافات السياسية التى تنتج من اختلاف وجهات نظر بسيطة وتلك التى ترتبط بقضية كبيرة مثل التسلح النووى هنا يمكن ان تكون العلاقات التجارية والاقتصادية ورقة ضغط من اجل وقف أى تهديد خطير يهدد أمن واستقرار المنطقة. من جانبه قال الدكتور شريف دلاور استاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا: ان الرفع التدريجى للعقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران سيؤدى الى زيادة تدفق الشركات العالمية على المنطقة وايران سوق استهلاكى كبير يمكن زيادة الصادرات اليه وليس من المستحيل تنقية الاجواء بين مصر وايران وعدم تأثر الاقتصاد نتيجة الخلافات السياسية، فقد استمرت العمالة المصرية بقطر ولم تنسحب الاستثمارات القطرية من السوق المصرى. ويتوقع ان تنمو العلاقات المصرية الايرانية فى المرحلة القادمة رغم الاحداث الساخنة فى اليمن.