لم يتوقف الحديث عما جري في مونديال قطر لليد ،فالهمس واللمز لا يزال يدور داخل أوساط الرياضة العالمية حول الظاهرة المعجزة المسماة «التجنيس» ،والتي وضعت المنتخب القطري «العنابي» في المرتبة الثانية . فالكلام لا يتعلق فقط بالنواحي الفنية والخلطة «الجهنمية» التي توصل اليها أبناء الدوحة حتي يقارعوا الكبار في هذه المنافسات ،ولكن ايضا حول الفاتورة التي تكبدتها من اجل اشباع رغبات مكبوتة في الخروج من دائرة الدول المهمشة رياضيا الي مصاف اهل القمة. تضاربت الأقاويل حول القيمة المادية التي خصصتها قطر من اجل الوصول الي هذا الغرض في مونديال اليد ،ولكن صحف اسبانية رصدت الأرقام من خلال مصادرها الخاصة ،فقد اشارت الي ان كل لاعب في الفريق كلف الدوحة 40 الف يورو مقابل الموافقة علي التجنيس واللعب باسم البلد بالاضافة الي مكافأة قدرها تسعون ألف يورو في كل مباراة يفوزون بها و3 مليون الي4 مليون يورو في حال الفوز بالبطولة،وان الامير تميم بن حمد ال ثاني كان يتابع هذه العملية بنفسه بمساعدة رئيس الاتحاد الدولي للعبة د.حسن مصطفي الذي وضع بصماته علي اللاعبين المختارين وعددهم ثمانية بحكم معرفته بمعظم نجوم العالم . واضافت الصحف أن الأمير القطرى لديه شغف بأن تتقدم بلاده علي الساحة الرياضية العالمية بسرعة الصاروخ،لدرجة أنه لم يكتف فقط باستيراد لاعبين من الخارج بل امتد الأمر الي الاستعانة بمجموعة من المشجعين المعروفين بحماسهم واندفاعهم من إسبانيا لتشجيع منتخب البلاد ، واعطى توجيهاته باستقدام مجموعة من ستين مشجعاً من إسبانيا، تعرف باسم »رينتادوس«، وتشتهر بأنها من أكثر مجموعات المشجعين حماساً واشتعالاً، وذلك من اجل تشجيع العنابي ، مقابل ثلاثة آلاف يورو للمشجع الواحد إضافة إلى تكفلها بكامل مصاريف تنقلاتهم وإقامتهم. كما أنها وفرت لهم الآلات الموسيقية التي سيستخدمونها في التشجيع؛ مثل الطبول، والأبواق وغيرها،بالاضافة الي امتلاء المدرجات بعمال البناء الموجودين في بلاده، وذلك أيضاً لتشجيع فريقه . وكان للاعبين المصريين نصيب في هذه الخلطة الجهنمية ،فقد ضم المنتخب القطرى الأول 4 لاعبين هم حسن عواض ومحمود السعيد وأحمد عبدالحق وأحمد بلال مرجان، ونفس الشيء بالنسبة لبقية منتخبات الأعمار السنية المختلفة والتى تمثل مستقبل اللعبة فى مصر حيث يتكون الهيكل الأساسى للمنتخب القطرى مواليد 1996 من 7 لاعبين مصريين، إضافة إلى لاعبين بمنتخب الشباب مواليد 1992، و3 لاعبين ضمن صفوف الناشئين مواليد 1994، إلى جانب منتخب قطر لكرة اليد الشاطئية الذى يضم بعض العناصر المصرية أبرزهم الثنائى »محمد زكى ومحمود زكى« الذى كان أحد عناصر منتخب »الفراعنة«. وقد اعتمدت قطر خلال السنوات الأخيرة على تجنيس لاعبين دوليين من بلدان مختلفة، مستغلة قوانين الاتحاد الدولي لكرة اليد، التي تسمح لأي لاعب دولي أن يلعب لبلد آخر يحمل جنسيته، إذا أمضى 3 سنوات دون أي مشاركة دولية, وانه بنظرة على قائمة لاعبي المنتخب فإنها تضم 17 لاعبا، ليس من بينهم سوى 5 لاعبين ولدوا في قطر. كما أن الدولة الخليجية الصغيرة لم تنتظر طويلًا لإعداد منتخب قوي تنافس به على البطولات، واتجهت لاستغلال قوانين الاتحاد الدولي، في جذب أفضل لاعبي العالم للعب باسمها من أبرزهم: »زاركو ماركوفيتش«، الذي لعب 30 مباراة دولية مع منتخب مونتينجرو »الجبل الأسود«، وحارس المرمى »دانييل ساريتش«، الذي لعب 50 مباراة مع منتخب صربيا، وقبلها 7 مباريات لصالح البوسنة. واعترفت الصحافة التونسية أن المنتخب القطري بات حلما يراود كل لاعبي كرة اليد في بلادها وظل يطارد الكثيرين وهاجسا للبعض الآخر، لدرجة ان9 لاعبين تونسيين حصلوا على جنسية قطرية بسبب الإغراء المادي حيث ان الرواتب التي تقدم لهم في قطر تفوق حتى الرواتب التي تقدم في البطولات الأوروبية. ويبدو أن النجاح الذي تحقق في مونديال اليد ، بدأ يغري الحكومة القطرية لاداء نفس الدور في عالم الساحرة المستديرة وهي كرة القدم ،فرغبة منها في صنع اسم لها في ميدان كرة القدم، حاولت تجنيس 3 لاعبين برازيليين دفعة واحدة وأبرزهم هداف فيردربريمن الألماني إيلتون الذي حصل على مليون دولار،كما حاولت إغراء العديد من الشباب داخل مصر والوطن العربي، من أجل التنازل عن الجنسية التي يحملونها مقابل حمل الجنسية القطرية، فلم يكن عرضها للاعب كرة القدم أحمد فتحي بالتنازل عن جنسيته وتوقيع عقد للعب في نادي «أم صلال» القطري لموسمين، مقابل حصوله على الجنسية و20 مليون جنيه وفيلا في الدوحة، هو العرض الأول من نوعه الذي تدشنه قطر أمام اللاعبين, فقد طاف مسئولوها العديد من البلاد محاولة منها لتجنيس لاعبي كرة القدم على حساب دولتهم، خاصة في إفريقيا، مستغلة الأزمات المالية التي يمرون بها، والفقر المتفشي في دولهم، وذلك عن طريق عرض ملايين الدولارات للعب باسمها في المحافل الدولية وخاصة في الألعاب الأوليمبية؛ لتحقيق إنجازات رياضية بعد أن فشل لاعبوها في الفوز بالميداليات في السنوات الماضية. ولكن هذه السياسة اثبتت محدوديتها حيث لم يحالف غالبية من ارتدي قميص العنابي التوفيق، كما ان هذا الطموح تلقى صدمة مع إصرار الاتحاد الدولي على تنظيم عمليات التجنيس والتشديد من شروط اللعب لمنتخب وطني، قاصرة ذلك على من له والد أو والدة من جنسية مختلفة أو أنه اقام على الأقل ثلاث سنوات في دولة ما بعد سنّ البلوغ. وقد ادت هذه الخطوة الي اطلاق الدوحة برنامجا هو «أحلام كرة القدم» لاستكشاف المواهب من بين الأطفال الصغار عبر أنحاء العالم الأربعة ويشرف عليه كشّافون سابقون عملوا لكل من برشلونة وريال مدريد الإسبانيين ومانشستر يونايتد الإنجليزي ،وشمل البرنامج حتى الآن أكثر من 3.5 مليون مراهق حيث يفوز من يقع عليه الاختيار بفرصة التدرب في أكاديمية أسباير المتميزة في الدوحة وتتلقى أسرته 5 آلاف دولار. وبطبيعة الحال فإنّ من ضمن عشرات الآلاف من هؤلاء المنخرطين في هذا البرنامج الذي يتخذ «صبغة إنسانية» كما يصر على ذلك القائمون عليه، سيكون هناك بضع عشرات ممن سيرغبون من تمثيلها لسبب أو لآخر.