* إنفاق25 مليون دولار من أموال المعونات في بناء منتجع جاردن سيتي للشقق الفاخرة في نيروبي * جزء كبير من أموال المساعدات الخارجية لا يغادر البلد المانح ويتم استخدامه في الإنفاق مثلا علي اللاجئين والطلبة ------------ دائما ما تثير قضية المساعدات الخارجية الي الدول الفقيرة, جدلا واسع النطاق حول مدي جدواها في مكافحة الفقر, وبالرغم من جهود منظمات ووكالات التنمية لمساعدة الدول النامية في محاربة الفساد, الا ان تقرير صحيفة الجارديان عن إهدار أموال المساعدات البريطانية في افريقيا قد اعاد إلي الذاكرة عدم قيام المجتمع الدولي بالكثير من اجل وصول المنح الي مستحقيها. ومكافحة الفساد في المجال الذي يتمتع فيه بأكبر قدر من الهيمنة وهو المشروعات التي يمولها. يبدو ان لبرامج المساعدات الخارجية وجوه كثيرة, نعرض بعضا منها في التقرير التالي: اعتراف مستشارين يابانيين بدفع رشوة1.3 مليون دولار الي مسئولين فيتناميين للفوز بعقود تنفيذ مشروعات تمولها وكالة التنمية اليابانية ما هو الا نموذج بسيط لممارسات الفساد التي يمتلئ بها ملف المعونات الخارجية. أما قصة نجاح المشروع الخيري النرويجي في تنزانيا والمقدر بنحو60 مليون دولار التي تحدثت عنها تقارير مطولة علي مدي ثماني سنوات فقد تحولت الي فضيحة فساد بعد اعتراف المحاسب الدنماركي المسئول عن المشروع بأن ما يقرب من30 مليون دولار أهدرت بسبب الفساد. وقصص الفساد في شأن المساعدات الخارجية قديمة وكان تقرير عن الفساد في المشروعات الممولة من البنك الدولي عام2005 قد اشار الي وجود فساد في عشرات المشروعات في افريقيا, حيث اوضح ان صرف دفعات المشروع خلال تنفيذه تعتمد علي موافقة مسئولين في البلد المتلقي للمنحة مما يتيح اضافة10% الي15% علي السعر الحقيقي للعقد وهو نظام كان متبعا في22 مشروعا للبنك مثلما أكد أحد المشرفين علي تلك المشروعات. ويري محللون ان الخوف من الفضيحة السياسية يمنع المسئولين في الدول الغنية من الافصاح عن حجم الفساد الحقيقي في برامج المعونات الخارجية. وجه آخر لقضية المساعدات الخارجية للدول الفقيرة يتمثل في ان جزءا كبيرا من تلك الاموال لا يغادر البلد المانح فقواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تسمح للمانحين اعتبار بنود انفاق عديدة مساعدات خارجية بالرغم من كونها تنفق محليا وذلك اذا كان الهدف الرئيسي منها تنمية اقتصادية ورخاء دول نامية وهذا يسري علي انشطة عديدة لا تتضمن تحويل اموال أو أي شكل من أشكال المساعدات, مثل الانفاق علي اللاجئين والطلبة في الدول المانحة وكذلك كل ما يتعلق بحشد التأييد الشعبي في الدول الغنية للتنمية الخارجية, بل يتم احتساب مصروفات ادارة برامج المعونة ضمن تخفيف اعباء الديون. ويزعم البعض ان هذه الانشطة لها اهميتها, لكن الواقع انها ليست مجدية كتحويل مبالغ للانفاق المباشر علي احتياجات الفقراء في الدول النامية. واحتساب مثل هذه المصروفات في مبلغ المعونة الاجمالي يؤدي الي المبالغة في تقدير حجم الاموال المخصصة لمكافحة الفقر. ووفقا لدراسة نشرت نتائجها مؤخرا صحيفة الجارديان البريطانية عن حجم اموال المساعدات الخارجية التي لا تغادر الدول المانحة فإن تلك المبالغ وصلت الي61% من اجمالي المساعدات التي اعلنت النمسا عن تقديمها للدول الفقيرة في عام2012, هذا الرقم وصل الي90% بالنسبة لليونان,45% للمساعدات الايطالية,31% للمساعدات الاسبانية,35% للمساعدات السويسرية, أما بالنسبة للمساعدات البريطانية فإن8% منها لم يخرج من المملكة المتحدة وكذلك الحال للولايات المتحدة11% من اموال المعونة الامريكية لم تغادر البلاد في عام2012. ويقول مؤيدو خفض المساعدات الخارجية في بريطانيا, علي سبيل المثال, ان الفقراء لم يعد موطنهم هو الدول الفقيرة وان نسبة كبيرة من فقراء العالم يعيشون في دول متوسطة الدخل, وان اموال المنح الخارجية تصب في جيوب نظم فاشية, تشجع الفساد وتزيد الفجوة الاجتماعية في الدول النامية. وتتعرض الحكومة البريطانية بالفعل الي انتقادات حادة وهجوم شديد بسبب زيادة ميزانية وزارة التنمية الدولية في الوقت الذي تلتزم فيه بالتقشف في الانفاق المحلي. كان ديفيد كاميرون قد أعلن, بكل فخر في منتدي دافوس العام الماضي, انه كرئيس للوزراء, سيعمل علي تحقيق الهدف المحدد دوليا بتخصيص الدول الغنية لنسبة7.% من ناتجها المحلي الاجمالي للمساعدات الخارجية وقد أوفي المسئول البريطاني الكبير بوعده, لكن الامر لم يمر مرور الكرام, حيث تتعالي صيحات تنادي بخفض المساعدات الخارجية, حتي من داخل الحكومة. ويطالب كل وزير علي حدة بأحقية وزرائه في اموال المساعدات للوفاء ببنود انفاق محلي اكثر أهمية. وتتوالي التقارير الصحفية التي تبين عدم جدوي المساعدات الخارجية التي تقدمها المملكة المتحدة الي الدول النامية في مكافحة الفقر. من بين تلك التقارير كان تقرير للجارديان الاسبوع الماضي الذي كشف عن إهدار جزء كبير من تلك الاموال في بناء فنادق ومنتجات فاخرة في الدول النامية. وقال التقرير ان ملايين الجنيهات الاسترليني من اموال المساعدات الخارجية البريطانية تم انفاقها علي بناء منتجعات سكنية ومراكز تجارية فاخرة في دول فقيرة وذلك من خلال استثمارات مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC), الذراع الاستثمارية لبرنامج المعونة البريطاني التي انفقت اكثر من260 مليون دولار في44 شركة عقارية في امريكا اللاتينية, افريقيا,آسيا تبني او تدير مساكن فاخرة. وتزعم مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC) ان هذه الاموال سوف توفر آلافا من فرص العمل للفقراء في قطاعات البناء والخدمات, غير ان منظمات غير حكومية في بريطانيا قد تساءلت عن مدي قبول فكرة استخدام اموال المساعدات الخارجية في دعم قطاع العقارات الفاخرة في دول نامية. ومن نماذج استثمارات مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC) الفاخرة التي ذكرها تقرير الجارديان: * في السلفادور, الشركة التي تلقت3.3 مليون دولار من المؤسسة في عام2004, قامت ببناء عشرة منتجعات سكنية فاخرة وسط تزايد مخاوف محلية من الضغوط التي تفرضها المشروعات علي موارد المياه وخصخصة الرقعة الخضراء الصغيرة المتبقية في البلاد. * في كينيا تم إنفاق25 مليون دولار علي تطوير13 فدانا في نيروبي لبناء منتجع جاردن سيتي الذي يحتوي علي شقق فاخرة وفندق لرجال الاعمال وما سيكون اكبر مركز تجاري في شرق افريقيا. * في موريشوس, اكثر من24 مليون دولار ذهبت الي شركة تطوير عقاري, تتضمن محفظتها منتجعا سياحيا علي مساحة170 هكتارا, وفيلات فاخرة علي البحر, اسعارها تبدأ من500 ألف دولار. * في الهند, مشروع بدعم من مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC) للشقق الفاخرة هو اول مشروع من نوعه لخدمة مليونيرات رجال الاعمال ومديري الشركات الكبيرة. واضاف التقرير أن ميزانية التنمية البريطانية تتعرض لانتقادات شديدة مع تحقيق الحكومة هدفها بتخصيص7.% من ناتجها المحلي الاجمالي للمعونات الخارجية. ويطالب الوزراء بزيادة الاستثمار المحلي. من ناحية أخري اتهم مدير حركة التنمية العالمية, نيك ديردن, الحكومة بتصدير نموذج ايديولوجي باهظ التكلفة لا يراعي العدالة الاجتماعية ويخدم الاغنياء فقط. من ناحية أخري, المتحدث باسم مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC) دافع عن سياسة المؤسسة في انفاق اموال المساعدات قائلا انهم قد قاموا بدراسة, بالتعاون مع اكاديميين واقتصاديين, لتحديد القطاعات الاكثر توليدا للوظائف, فكان قطاع البناء هو الذي يوفر اكبر عدد ممكن من الوظائف لأصحاب المهارات المتوسطة والضعيفة وهم الذين يشكلون الطبقة الفقيرة في الدول النامية. استثمارات وزارة التنمية الدولية في الشركات الخاصة في الدول الفقيرة تعتبر منحا خارجية بغرض تخفيض الفقر, وقد تساءل سياسيون ومعارضون عن جدوي تلك الاستثمارات الفاخرة ان تكون افضل طريقة لدعم النمو ومكافحة الفقر؟ تزعم مؤسسة تنمية الكومنولث(CDC) انها تدعم شركات البناء لخلق الوظائف في افريقيا وجنوب آسيا وان استثماراتها قد وفرت وظائف لأكثر من مليون شخص ما بين فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وان ميزانيتها تعتمد علي تدوير الاموال من بيع استثمارات قديمة وانها لم تحصل علي اموال جديدة من الجمهور منذ عام1995.