- الغنوشى يطالب الإخوان بالتخلى عن فكرة تطبيق الشريعة والخلافة
- القيادى الإخوانى الليبى محمد على الصلابى تدخل للمصالحة بين فرقاء الجماعة
- قيادى إسلامى بالمغرب طالب الإخوان بالتركيز على الديمقراطية بوصفها مدخلا إسلاميا لتحقيق العدل والحرية باعتبارهم عند فقهاء المقاصد الهدف من تطبيق الشريعة
كشفت مصادر مقربة من جماعة الإخوان، أن المراجعات الفكرية التى تجريها الجماعة قد وصلت لمراحلها النهائية، وسيتم الإعلان عنها قريبا. وأشارت المصادر أن الأمور داخل الجماعة تتجه للتوافق على تنظيم جديد للانتخابات الداخلية. وكان رئيس مركز تكوين العلماء فى موريتانيا الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطى، قد كشف أن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر فى طريقها لاختيار قيادة جديدة. قال ولد الددو فى حلقة الأربعاء الماضى من برنامج "بلا حدود" على شاشة الجزيرة، إن مرشد الجماعة الدكتور محمود عزت قد فوض صلاحياته لإبراهيم منير. وأوضح أن إبراهيم منير، هو الآن مرشد الإخوان بكل صلاحيات المرشد برغم إقامته خارج مصر، مشيرا أن «أزمة القيادة فى الجماعة، سيتم تجاوزها قريبا». تخبط وخلافات تصريحات الددو سرعان ما نفتها جماعة الإخوان المسلمين فى بيان رسمى على لسان متحدثها الرسمى طلعت فهمى، وهو ما اعتبره المراقبون دليلا جديدا على حجم التخبط داخل الجماعة فى ظل تكرار بيانات النفى التى أصدرتها الجماعة خلال الأيام الماضية . كما عمق بيان الإخوان الخلافات داخل الجماعة، واتهم عددا من شباب الإخوان، الجماعة بالكذب نظرا للمكانة التى يتمتع بها ولد الددو فى نفوس شباب الإخوان لكونه أحد قيادات مجلس علماء المسلمين الذى يترأسه يوسف القرضاوى. وتشهد جماعة الإخوان المسلمين خلافات حادة منذ قرابة العامين بين القيادات التاريخية للجماعة وجيل الشباب على طريق التعامل مع ما يسمونه الانقلاب الحاكم فى مصر. ويتهم شباب الجماعة القيادات التاريخية بموالاة النظام والإعداد لمصالحة فوق دماء شهداء اعتصام رابعة، فيما تتهم القيادات الشباب بتوريط الجماعة فى أعمال عنف ترفضها الثوابت الإخوانية. هذا الصراع اعتبره المراقبون الأضخم فى مسيرة الجماعة منذ تأسيسها فى عشرينيات القرن الماضى، وسيكون له تأثيرات شديدة على مستقبل الجماعة . وكشفت مصادر خاصة ل"االأهرام العربى" أن المراجعات التى عكفت عليها قيادات التنظيم الدولى للجماعة خلال الفترة الماضية، قد صيغت بشكل نهائى بعد إدراج الملاحظات التى أوردها الإخوان داخل مصر. وأكدت المصادر أن التنظيم سينتقل لجمع صفه الداخلى عبر اتنخابات بقوائم ونظام جديد. وكانت جماعة الإخوان قد بدأت نهاية يوليو الماضى بنشر مسودات المراجعات الفكرية للإخوان المعروضة على بعض العلماء المعروفين فى العالم العربى، للتحكيم فى بعض القضايا التنظيمية والفقهية والفكرية للإخوان . وتتضمن المسودة الرئيسية «عدة محاور بشأن قضايا، تؤكد ضرورة الفصل بين السياسى والدعوي، وتطبيق الشريعة والمواطنة، والموقف من العدالة الانتقالية». كما تتضمن أيضا الموقف من الديمقراطية والمشاركة السياسية. وأكدت المصادر أن راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة التونسية قدمت له الورقة السياسية الخاصة بالجماعة وحزبها، وتشمل نظم التنظير والممارسة السياسية ونظرة الإخوان للمواطنة والأقباط والشريعة والسياسة والعلمانية والتحالفات السياسية وعديد من القضايا. وطالب الغنوشى الإخوان بالتمسك بأولوية الحرية والديمقراطية وطلب من التنظيم التخلى عن فكرة الخلافة وتطبيق الشريعة المتوارثة عند السلفيين والإخوان. كما عرضت المراجعات على القيادى الإخوانى الليبى محمد على الصلابى، الذى ركز فى ملاحظاته على الدعوة، كما كان له دور فى التوفيق بين المتخاصمين تنظيميا. وأشارت المصادر أن هناك شخصية مغربية "تحفظت على ذكر اسمها" لعبت دورا مهما فى المراجعات الإخوانية، وقدمت ملاحظات فى الورقة السياسية والمجال الفقهى. وانصبت ملاحظاتها على أولويات الحركات الإسلامية حاليا، وركزت على الديمقراطية بوصفها مدخلا إسلاميا لتحقيق العدل والحرية, باعتبارهما عند فقهاء المقاصد الهدف من تطبيق الشريعة. فيما يخص تبنى موضوع الخلافة الإسلامية فقد تم التشكيك فيها من طرف العالم المغربى بالرجوع للسنة والتاريخ، وطلب ألا ترد مطلقا بأى ورقة للتنظيم. أما فيما يخص المواطنة فكانت ملاحظاته متقاربة جدا مع ملاحظات الغنوشي،مشددا على ضرورة ألا يكون هناك فرق بين قبطى ومسلم ما لم ترد فى الدستور فوارق معينة، بمعنى أن يكون الدستور هو الحاكم وليس نصوصا أخرى. ويرى مراقبون أن هزائم التنظيم المتتالية، والمخاطر التى تعرض لها، بسبب رسوخ النظام المصرى فى موقعه، وإعادة إنتاج ظاهرة العودة إلى العمل السرى والعنف من خلال أفراد الجماعة للانتقام، وانجرار البعض منهم للتعاون مع داعش والعمل المسلح، ثم اندماج بعض أنصار الجماعة من المجتمع بالتيارات السلفية سلباً على جماهيرية التنظيم وقواعده . وبحسب خبراء فإن الجماعة أدركت أنها فى مأزق ولا بد لها من مخرج وتصحيح علاقتها بقواعدها. ويرى باحثون أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لخلق صورة جديدة وإعادة تشكيل نفسها فى ظل سياسة عامة للجماعة بالمنطقة . ويرى ماهر فرغلى الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن اتساع الفجوة الأيديولوجية ما بين الإخوان والتنظيمات الحليفة لها، وسقوط المشتركات الإستراتيجية بين الإسلاميين ومعارضيهم من العلمانيين والقوميين والليبراليين واليساريين والأقباط واتساع الفجوة بينهم، ربما كان دافعا للجماعة لإعادة تقديم نفسها . وأوضح فرغلى ل"الأهرام العربى" أن استمرار النظام المصرى الحالى، أصاب قناعات عدد كبير من عناصر التنظيم بسلامة المنهج، وهو الأمر الذى هز أركان الجماعة, التى هى فى الأساس جماعة عقائدية. وقال إن الجماعة تسعى خلال الفترة المقبلة للتغيير والمراجعة والتموضع بشكل جديد، وخلق صورة مغايرة جديدة للجماعة تستطيع من خلالها الاستمرار والعودة للمشهد. وحول مستقبل الجماعة فى ضوء هذه المستجدات، توقع الباحث فى الحركات الإسلامية أن تشهد الأيام المقبلة ولادة جماعة جديدة للإخوان مختلفة عن النظرة الراسخة فى نفوس المصريين عن الجماعة القديمة، مشيرا أن ملامح الجماعة الجديدة ما زالت فى طور التشكيل. بدوره أرجع محمد أبو سمرة، القيادى السابق لتحالف دعم الشرعية حديث الإخوان عن مراجعات فكرية وتغيير القيادة إلى المواقف الأخيرة, التى اتخذها بعض القيادات الجهادية والجماعة الإسلامية بتكوين تيار إسلامى ذى رؤية جديدة للخروج من المشهد, وهو ما أسهم كثيرا فى تحريك الماء الراكد فى مراجعات الجماعة. وقال ل «الأهرام العربى» إن نقل صلاحيات المرشد لإبراهيم منير، يشير أن الإصلاح للأسوأ، إلا أن المهم هو الرؤية التى سيبنى عليها التنظيم من جديد، فيجب أن تكون هناك رؤية جديدة يجتمع عليها الفرقاء لجمع شمل الجماعة، بعد أن انفض الكل من حولها. وحول نفى الجماعة لتصريحات العالم الموريتانى ولد الددو، قال أبو سمرة إن أسلوب الإخوان هو إلقاء الخبر بأى صورة لاستطلاع الرأى وجس نبض القواعد من ثم اتخاذ القرار النهائى، حتى لا يصطدموا بأى عوائق ويسهل عليهم التبرؤ منه.