⢴ أحمد إبراهيم عامر بدأت ملامح «الصفقة الحرام» واضحة فى تصريحات وزارة الداخلية الأحد الماضى، بأنه يتم فحص أسباب وجود شعبان مسعود خليفة، المعروف ب«أبو عبيدة الزاوى» الليبى الجنسية بالبلاد برغم انتهاء مشروعية إقامته، مشيرة إلى أن ذلك يثير الريبة فى أن وجوده مخالف لقانون الإقامة. لتؤكد شكوك أن صفقة تمت في الخفاء، بين مصر وغرفة ثوار ليبيا، للإفراج عن الدبلوماسيين المصريين المختطفين من السفارة المصرية فى طرابلس، حيث جاء إعلان وزارة الخارجية المصرية بالإفراج عن جميع المصريين المختطفين، وأنهم فى طريقهم إلى القاهرة، متزامنًا مع إعلان «غرفة ثوار ليبيا» أن أبوعبيدة الليبي رئيس الغرفة السابق تم الإفراج عنه من قبل السلطات المصرية، وهو الآن فى طريقه إلى طرابلس . كان واضحًا أن وزارة الداخلية تبحث عن مخرج للإفراج عن أبو عبيدة، الذى اعتقل فى الإسكندرية ، بعد إعلان ناصر العبد مدير مباحث الإسكندرية أن جهاز الأمن الوطنى هو من قام بإلقاء القبض عليه. وأرسلت الجهات الأمنية بيانًا وزع على الصحفيين المندوبين لديها، ونشر فى معظمها بصيغة موحدة تنص على: « تمكن ضباط إدارة البحث الجنائي بالاشتراك مع ضباط الإدارة العامة للأمن الوطني وضباط الإدارة العامة للأمن المركزي بالتنسيق مع فرع الأمن العام بالإسكندرية، من ضبط شعبان مسعود خليفة 42 "سنة ليبي الجنسية" طالب بمدينة البعوث الإسلامية التابعة لجامعة الأزهر وينتمي لتنظيم القاعدة، مقيم دائرة قسم ثان المنتزه، بحوزته عملات أجنبية "يورو – دولار"، ومجموعة من الأوراق والسيديهات والفلاشات وعدد من الهواتف المحمولة". ليأتى التضارب والتخبط واضحا بين البيان الأول لوزارة الداخلية المصرية وانتماء أبوعبيدة الليبى لتنظيم القاعدة وبيان الإفراج عنه الخاص بانتهاء التأشيرة. غرفة ثوار ليبيا التى أعلنت أنها وراء احتجاز الدبلوماسيين المصريين بالعاصمة طرابلس هى جهة أمنية تتبع رئاسة المؤتمر الوطنى الليبى ومسجلة كجهة أمنية رسمية، مما يعطى القضية بعدا آخر فهى ليست جماعة إرهابية كتنظيم بيت المقدس ولكنها تحصل على مستحقاتها المالية بشكل رسمى من الدولة الليبية! وتورطت غرفة ثوار ليبيا من قبل فى اختطاف الدكتور على زيدان رئيس الوزراء الليبى وأيضا رئيس المخابرات الليبية . ويأتى ابتزاز غرفة ثوار ليبيا للداخل الليبى بسبب حالة (جنين دولة) التى تمر بها ليبيا فالليبيون بعد نجاح ثورتهم ضد نظام القذافى لم يستطيعوا حتى الآن بناء مؤسسات الدولة، خصوصا المؤسسات الأمنية من جيش وشرطة، مما أتاح لمثل هذه الجماعات والتنظيمات والميليشيات من ابتزاز السلطات الليبية والحصول على أموال وشكل رسمى لوجودهم . وإذا كان هذا وضع الداخل الليبى، ففى الدولة المصرية الوضع مختلف تماما. مصر دولة مؤسسات لم ولن تتفكك، وممارسة مثل هذا الابتزاز أمر خطير ومرفوض نهائيا. لتختار الدولة المصرية أسوأ الحلول فى التعامل مع قضية خطف دبلوماسيين بالخارج، وهى عقد صفقة أقل ما يقال عنها إنها صفقة ضعف . لماذا لم يسلم أبوعبيدة الليبى للسلطات الليبية وهى من تتحمل الإفراج عنه .. لماذا لم تقرر إرسال وحدة من الكوماندوز المصرية لتحرير الدبلوماسيين المختطفين كما فعلت أمريكا عند ارسالها لوحدة كوماندوز للقبض على أبو أنس الليبى منذ عدة شهور! أبوعبيدة الليبى رئيس غرفة ثوار ليبيا السابق هو أحد أهم رجال القاعدة فى ليبيا وله ملف ضخم من العمل الإرهابى وبجانب تورطه فى خطف رئيس الوزراء الليبى ورئيس المخابرات الليبية من قبل فهو أيضا مطلوب دوليا على قوائم الإرهاب الدولى. ووجوده فى مصر خلال موجة التفجيرات التى تشهدها البلاد يشير بالضرورة إلى تورطه فيما يخص الإعداد والتمويل لهذه الأعمال الإرهابية . ولو تطرقنا لطريقة دخوله مصر سنجد أن الإعلان الأخير للسلطات المصرية يشير على أن تأشيرته انتهت، وأنه مقيد كطالب بمدينة البعوث التابعة لجامعة الأزهر بالقاهرة .. فى حين تم القبض عليه بكمين بالساحل الشمالى أو على أقل تقدير بشقة بالإسكندرية ...!!! فماذا كان يفعل أبوعبيدة الليبى بالإسكندرية فى مثل هذا الوقت من العام؟ وهل دخل مصر عن طريق منفذ السلوم على الحدود الغربية المنفلتة أمنيا ورأينا كيف استطاع عاصم عبدالماجد من قبل الهرب عبر الصحراء الغربية قبل أن يصل لقطر. فغرفة ثوار ليبيا تتمركز فى العاصمة الليبية طرابلس أقصى الغرب الليبى والطبيعى أن أبوعبيدة يدخل مصر عن طريق مطار القاهرة إذا كان دخل بشكل شرعى . كل هذه المعطيات السابقة تؤكد وجود صفقة مشبوهة تمت بين السلطات المصرية وغرفة ثوار ليبيا التى تنتمى رسميا للدولة الليبية، ولكنها فى نفس الوقت تمارس عليها الابتزاز بقوة السلاح. فالمعلومات والتقارير تؤكد تعريف غرفة ثوار ليبيا كتنظيم إسلامى متطرف ينتمى لتنظيم القاعدة ويرتبط بعدد من المصادر التمويلة بجانب ابتزازه المالى للحكومة الليبية الحالية من بينها الدولة القطرية متمثلة فى مخابراتها، مما يؤكد أيضا أن وجود أبوعبيدة الليبى داخل الأراضى المصرية يشوبه كثيرا من الغموض . وعلى الرغم أن ليبيا دولة جوار مباشر ومصر لديها عدد كبير من أفراد بعثتها الدبلوماسية، وتعلم علم اليقين المرحلة الحرجة التى تمر بها الدولة الليبية من انتشار للسلاح ولدى أجهزتها الأمنية بمختلفها تقارير مفصلة عن غرفة ثوار ليبيا وانتماءاتها الإيديولوجية إلا أنها لم تعر أى اهتمام لسلامة بعثتها الدبلوماسية فى ليبيا وهذه ليست أول حادثة لدبلوماسيين أجانب فمنذ مقتل السفير الأمريكى فى مدينة بنغازى مرورا بمحاولة اغتيال القنصل الإيطالى وتفجير سور السفارة الفرنسية حتى إطلاق قذيفة على منزل السفير الإماراتى كلها مؤشرات مؤكدة كانت تشير لغير المتخصص فى الشأن الأمنى والمخابراتى أن بعد القبض على أبوعبيدة الليبى سيكون الدبلوماسيون المصريون فى خطر . ونحن نهاجم ونفند ملامح الصفقة الحرام التى تمت بين الدولة المصرية وغرفة ثوار ليبيا وعدم قبول مبدأ "لى ذراع الدولة المصرية" لابد أن نؤكد أن هذه الحادثة لا تمثل الشعب الليبى الشقيق فكثير من الإعلاميين والصحفيين الليبين أدانوا خطف الدبلوماسيين المصريين وأيضا الاتصالات بين رئيس الوزراء المصرى ونظيره الليبى لم تنقطع فى محاولة للمساعدة للإفراج عن المختطفين، ولكن الواقع يؤكد أن الوضع الأمنى فى ليبيا لم يكتمل والسلطات الرسمية لم تستطع بسط كامل سيادتها على جميع الميليشيات والجماعات المسلحة، ليبقى الوضع الأمنى مجمدا تحت عنوان "التوازن المرعب" فكل الجهات والجماعات والميليشيات لديها سلاح . وهل ستكون هذه الصفقة بابا سيفتح ويستخدمه الإرهاب ضد الدولة المصرية فنجد دبلوماسيا مصريا يخطف فى قطر أو تركيا للإفراج عن محمد مرسى وقيادات الجماعة الإرهابية؟!