منذ فجر التاريخ كان قدر تلك البوابة الشرقية أن تكون ممرا للغزاة، كما كانت معبرا للأنبياء.. رمالها الطاهرة التى حظيت بخطوات يوسف وموسى وعيسى، ارتوت بدماء أبناء مصر الأبرار التى وهبت مصر كدموع إيزيس الحياة من جديد.. وستظل رمال أرض الفيروز معجونة بتلك الدماء الطاهرة التى تنبت مكان كل شهيد ألف شهيد. الشهيد رائد محمد شتا.. سيرة طيبة وأعمال بطولية
بطل مثل كثيرين ممن خدموا فى سيناء وعلى الحدود المصرية تسبق سيرته الطيبة وخلقه الحميد أعماله البطولية. وهو ابن محافظة الدقهلية قرية نوسا البحر، ولد فى 17 ديسمبر 1988.. لأسرة ريفية وتعلم فى مدرسة نوسا الغيط الثانوية ونجح بتفوق، ولكنه لم يفكر إلا فى دخول الكلية الحربية وتخرج فيها عام 2008 برتبة الملازم ثان، فور تخرجه التحق بالعمل تحت الاختبار بسلاح المشاة، ومنذ ارتدائه البدلة العسكرية وهو يتمنى أن يكون شهيدا فى الجيش الثالث الميداني، وشارك فى2011 ضمن تأمين ثورة يناير، وسافر أيضا ضمن قوات حفظ السلام بدارفور، وفور عودته عمل فى الجيش الثانى الميدانى بالإسماعيلية ثم انتدب للعمل إلى شمال سيناءبالعريش، وأسهم فى استعادة الجنود السبعة المختطفين وتم تكريمه من قيادة الجيش الثانى الميدانى أكثر من مرة، وشارك فى تأمين الاستفتاء على الدستور والانتخابات.
وآخر منصب تولاه كانت قيادته لكمين بئر لحفن وكان برتبة نقيب، أصيب من قبل فى العريش قبل زفافه بشهر واحد، وبعد شفائه طلب استمرار خدمته فى سيناء واستشهد يوم الخميس 25 ديسمبر 2014 إثر انفجار مدرعته بعبوة ناسفة بعد إتمام مهمته مع زملائه فى تمشيط المنطقة بقطاع شمال سيناء.
عرف عنه التزامه قولا وسلوكا، وعندما كان يخدم فى سيناء كان يشعر أنه سوف يستشهد، وفى آخر اتصال بين الشهيد وأسرته قبل استشهاده بنصف ساعة كان صوته حزينا لأنه علم بنقله من سيناء بعد انتهاء مدة خدمته بها، وكان يتحدث مع أهله عن رغبته فى الاستشهاد مثل زملائه وكانت آخر كلماته قبل وفاته»أنا الشهيد الجاى».
الشهيد مجند عبد الرحمن محمد متولى.. قاهر الإرهابيين
فى عزبة الشال بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية ولد ونشأ عبد الرحمن محمد متولى لأسرة بسيطة تكافح من أجل تربية أبنائها وتعليمهم أفضل تعليم، وعندما حان ميعاد تأدية خدمته العسكرية قرر ترك العمل ليؤدى واجبه نحو وطنه، إلا أنه كان منبهرا ليلتحق بزملائه فى الدفاع عن الوطن ضد الأعداء، وكعادة جنودنا وضباطنا البواسل، فرح عبد الرحمن عندما علم أن خدمته فى أرض الأديان سيناء، التى حلم بالخدمة فيها وتقبيل رملها، ولأنه شخصية مرحة واجتماعية ويمتاز بالصدق والأمانة والإخلاص، اندمج سريعا مع زملائه وقادته، ثم حان اليوم العصيب فى شهر رمضان الكريم، عندما قامت عناصر الإرهاب الأسود بشن هجوم متزامن على بعض الأكمنة بهدف بسط السيطرة على مدينتى العريش والشيخ زويد على أنهما وقعتا تحت سيطرتهم، وتصويرهما إعلاميا، لكن أبطالنا أبوا أن ينال أعداء الوطن غرضهم، وبفضل الله تصدوا لهم بجميع الأسلحة والوسائل النيرانية المتيسرة معهم، وخاضوا معركة الكرامة، وكان من هؤلاء أفراد كمين الزلزال 6 بقيادة القائد البطل ملازم أول أدهم الشوباشى وجنوده، وأثناء الهجوم على الكمين والاشتباك مع الإرهابيين أصيب عبد الرحمن بطلقة، فطلب منه قائده أن يتنحى جانبا ويصبر حتى يقضوا على العناصر الإرهابية، لكنه رفض الاستسلام وقال لقائده المصاب أيضا "ولا كأنى اتصبت يا فندم"، وواصل الاشتباك معهم، وقد قتل عبد الرحمن 13 إرهابيا بمفرده بعد إصابته الأولى واستمر فى القتال حتى أصيب بطلقة فى رأسه أودت بحياته وصعدت روحه إلى بارئها وهو صائم، مدافعاً عن وطنه بشرف وعزة وشموخ، وتعلو وجهه ابتسامة رضا وسعادة.
الشهيد مجند أبانوب جاب الله.. لبى نداء الوطن صائما
فى سرادق عزاء "أبانوب صابر" تسابق الجميع فى زحام لافت للنظر لتقديم واجب العزاء، ورفع أهله فى السرادق الآية القرآنية" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" صدق الله العظيم إنه أحد الأبطال الذين سيحكى عنهم التاريخ، فقد كان على وشك قتل الإرهابى السادس لولا نفاد طلقات سلاحه فى أجساد خمسة إرهابيين، وبعدها نال الشهادة، كان قد بلغ من العمر 23 عاما ولد فى مدينة القنطرة غرب بمحافظة الإسماعيلية، وهو أحد أبطال المعركة التى دارت فى يوم 1 يوليو 2015بأيدى جنودنا الأبطال ضد الإرهابيين الذين هاجموا بخسة كمائن الجيش فى الشيخ زويد ورفح بسيناء، لم يحصل أبانوب حينها على إجازته تلبية لطلب قائده، بالاستمرار فى الخدمة حتى عودة زملائه من إجازاتهم، وفى هذاالوقت قامت عناصر إرهابية بالهجوم على عدة كمائن فى الشيخ زويد بغرض بسط نفوذها على العريش والشيخ زويد وتصويرها إعلاميا على أنها وقعت تحت سيطرتهم، وإعلان سيناء إمارة لهم، فإن أبطال هذه الكمائن رفضوا أن يحقق أعداء الوطن هدفهم وقدموا ملاحم بطولية للدفاع عن أرض سيناء، وكان بينهم الشهيد، فلم يرهبهم العدو الجبان، وقاتلوا لساعات طويلة وهم صائمون، بمن فيهم بطلنا الذى صمم أن يشارك زملاءه صيام رمضان.
ابن مركز كفر سعد بمحافظة دمياط، حصل على شهادة متوسطة، وينتمى لأسرة بسيطة تعتبر أبناءها كل ثروتها فى الحياة، فربتهم على الرجولة والكرامة والوطنية، فقد اقتدى هذا البطل بالشهيد الشحات شتا الذى سبقه إلى الجنة، ودون تردد افتدى خمسة من زملائه، ولم يفكر فى شىء غير حماية وطنه، فقط لأنه مصرى، بدأت قصة بطولته بتلقى كتيبة الصاعقة التى يخدم بها أوامر لمهاجمة وكر لمجموعة من الإرهابيين فى منطقة بقرية زارع الخير جنوبالعريش بشمال سيناء، وعند استعداد الكتيبة للهجوم، لمح شويقة أحد الإرهابيين من بعيد وهو يرتدى حزاما ناسفاً مستعدا لتفجيره، فأراد إنقاذ زملائه الجنود والضباط، فنطق الشهادتين واخترق الصف كالرمح الموجه غير مبال بنداء أفراد الكتيبة عليه ليعود إليهم، فداهم العشة التى يختبئ بها الإرهابي، وفى أقل من ثوان احتضن الإرهابى لينفجرا معا وسط ذهول باقى الكتيبة التى كانت تعلو صياحا عليه ولا تعرف ما يفعله. وعقب استشهاده فى ديسمبر 2015 قامت إدارة الشئون المعنوية بتسجيل مسيرة الشهيد شويقة أيضا وعمله البطولى فى فيلم أعدته عنه باسم «مارد سيناء» لتخليد بطولته.
الشهيد مقدم شريف عمر.. طلب الشهادة فنالها
ولد الشهيد شريف محمد عمر فى محافظة الإسكندرية لأسرة كروية وطنية فى 27 فبراير 1982 ، فوالده هو لاعب الاتحاد السكندرى ومدير المنتخب العسكرى السابق الكابتن محمد عمر وخاله هو بطل كرة القدم الكابتن شوقى غريب، وله شقيق واحد تخرج فى كلية الشرطة، وبرغم خوفه من الحياة العسكرية، فإنه أحبها وتمنى الالتحاق بالكلية الحربية، وبالفعل التحق بها - بعد أن أتم دراسته الثانوية فى مدرسة مصطفى كامل الثانوية العسكرية، وتميز خلال دراسته بها علميا وعسكريا وخلقيا، لذلك حصل على نوط الواجب العسكرى من الدرجة الثانية، وبعد تخرجه التحق بسلاح المشاة ثم سلاح المظلات، وخدم فى العديد من الوحدات العسكرية، وتقلد عدة مناصب حتى أصبح قائد أمن أحد لواءات المشاة، كما خدم فى كلية الضباط الاحتياط بفايد لمدة خمس سنوات، حيث قام بالتدريس فيها، ثم أصبح قائدا لأمن الكلية، وشارك فى تأمينها خلال أحداث صعبة مرت بها مصر، كما شارك فى حماية أهل فايد، وبعد ذلك انتقل للخدمة بشمال سيناء لمدة عام، وحصل خلالها على نوط التفوق العسكرى، وتولى قيادة عدة كمائن فى رفح والشيخ زويد، وفى صباح يوم الأربعاء الموافق 16مارس 2016 تمام الساعة التاسعة والنصف وأثناء مداهمة الشهيد لأخطر مخازن الأسلحة الخاصة بالعناصر التكفيرية وقيامه بتفكيك 19عبوة ناسفة، امتدت يد الغدر بتفجير العبوة رقم 20 من على بعد ليستشهد متأثرا بجراحه، تاركا ابنتين، هما فريدة خمس سنوات وفرح ثلاث سنوات.