دعا ستيفن كينزر، زميل معهد واطسون للعلاقات الدولية بجامعة براون، إلى عدم التعاطف مع الحركات الانفصالية من أمثال كردستان وكتالونيا؛ قائلا إنها تُخرّب أكثر مما تُحرّر، فضلا عن أنها تزيد من زعزعة استقرار عالم هو مضطرب بالأساس دون أن تعود بكثير من النفع لأي طرف. ونوه الكاتب الصحفي الأمريكي، في مقال بصحيفة (بوسطن جلوب)، عما أثارته الحركة الكردية في العراق من توترات تتزايد حدتها يوما بعد يوم في محيطها، وما تمخضت عنه تلك الحركة من عقوبات اقتصادية على الإقليم من جانب دول الجوار؛ وما أثاره الخطاب الانفصالي المتحدّي في كتالونيا والذي دفع أحد القادة البارزين في الاتحاد الأوروبي إلى التحذير قائلا: إن "الوضع مقلق جدا جدا .. إن حربا أهلية في وسط أوروبا قد تم التخطيط لها". ولفت إلى أن استقلال إقليم مغلق (بلا سواحل) مثل كردستان في منطقة مضطربة بالأساس كفيلٌ بزيادة هذا الاضطراب أكثر من تهدئته؛ فضلا عن أن الدول المجاورة للإقليم والتي تضم بين مواطنيها أكرادًا وتقيّد من حركتهم داخل حدودها - هذه الدول عزمت على القيام بما تراه ضروريا للحيلولة دون انفصال كردستان العراقية؛ هذه الدول (إيران، سوريا، وتركيا) قد تدخل في تحالف مع العراق ضد الحركة الانفصالية الكردية في كردستان ولربما ضد شراكة أمريكية، وهو ما قد يؤهل مسرح الشرق الأوسط لصراع إضافي. ورأى كينزر أن الحيثيات التي يدفع بها الكتالونيون في قضيتهم للاستقلال، هي أقل إقناعا من تلك التي يدفع بها الأكراد الذين يمكنهم على الأقل الادعاء بأن الحكومة في بغداد تفتقر إلى بعض المقومات؛ أما في أسبانيا فثمة حكومة ديمقراطية، فضلا عن أن كتالونيا هي أغنى مناطق البلاد وتتمتع بحكم ذاتي. ومن ثم فإن العاطفة القبَلية والعرقية -وليس الاضطهاد الاقتصادي أو السياسي- هو الدافع للاستقلال في كتالونيا. ونوّه الكاتب عن أن الحروب الانفصالية يمكن تبريرها في حالات الظلم البيّن الذي لا يطاق، كما في بنجلاديش أو تيمور الشرقية أو في مناطق بنيجيريا أو البوسنة أو سريلانكا - حيث يستند الانفصاليون في تلك الحالات في الدفاع عن قضيتهم إلى معاناتهم الرهيبة. وحذر كينزر من أنه إذا ما حصلت الحركتان الانفصاليتان في كردستان وكتالونيا على ما تريدان، فإن حركات أخرى ستتبعها على نفس المنوال لما ستراه تلك الحركات من جدوى الصفقات القائمة على أساس عِرقيّ. واختتم ستيفن كينزر مقاله قائلا "إن الحكومات الوطنية ينبغي أن تقبل بالتنوّع وتداول السلطة لا أن تسمح بتمزيق بلادها ... إن موجة من الحركات الانفصالية لكفيلةٌ بإضعاف عالمٍ هو مضطربٌ بالأساس".