الأفلام التى ينتجها داعش وراءها منتجون أمريكيون وتكلفتها بالملايين مفاجأة: السينما الروائية الأمريكية فى حالة رعب من تناول فظائع الدواعش!
المخرج مارجولان: السلطات الفرنسية لا تريد أن يعرف المواطنون الحقيقة
طالما كسب التليفزيون والسينما أرباحا من تناول قضايا الإسلاميين المتطرفين منها المسطح، ومنها الذى يسعى لإيجاد العمق، وكثير من الأفلام فى الفترة الأخيرة تناولت تنظيم القاعدة، ومن أشهرها الفيلم الأمريكى «المملكة» الذى يتطرق لتفجيرات الرياض 2003، لكن لا تكاد توجد أفلام تعرض لنا تنظيم داعش إلا بعض الأفلام الوثائقية القليلة جدا، ومنها الإنتاج الأوروبى والهندى والعربى.
أمريكا تساعدنا على الاطلاع على خطتها المستقبلية من خلال هوليوود، فمن تابع فيلمى «الشبح» آخر جزء من سلسلة جيمس بوند، والجزء الثانى من سقوط البيت الأبيض «سقوط لندن»، يدرك أننا بصدد الإرهاب الفائق وليس الإرهاب المعتاد، ربما هى مرحلة الفوضى الممنهجة بعد الفوضى الخلاقة وتلجأ فيها الأفلام لتنظيمات خيالية، والجزء الثانى من «يوم الاستقلال» عن محاربة الكائنات الفضائية الذى يؤهلنا لمرحلة الإبادة.. وفى جميع الأحوال توجد أفلام مرحلة ما بعد الدمار، أى عندما تتعرض الأرض لتفجير نووى يقضى على غالبية البشر وينجو القليل، منهم ممن يحاولون التكيف مع الحياة التى عادت للبدائية.. إذن لا يوجد داعش فى أجندة هوليوود لكن ربما توجد أشياء أخرى!!
ويبدو أن فكرة التصدى لداعش من خلال السينما كانت شكلية، فقد أبدت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما اهتماما، لكنه لم يتطور على أرض الواقع، فلا توجد مشاريع سينمائية عن داعش، وذلك عندما عقد وزير الخارجية الأسبق جون كيرى فى العام الماضى اجتماعا لمدة 90 دقيقة فى ستديو يونيفرسال مع أكبر شركات الإنتاج فى هوليوود وفقا لمجلة «فاريتى»، وقال أحد الحضور إنه كان يتبادل الأفكار حول كيفية سرد القصص لمختلف الثقافات من خلال عمل هوليوود والحكومة. والهدف من ذلك هو التصدى للسرد الذى يقدمه داعش وبحث مدى إمكانية الفيلم أن يلعب دورا مهما». وقد أظهر داعش بالفعل اهتماما بالسينما من خلال استخدام مقطع للممثل الإنجليزى الراحل أوليفر ريد فى دور القائد الإيطالى القاسى فى فيلم «عمر المختار أسد الصحراء» من إنتاج 1980 وإخراج السورى العالمى الراحل مصطفى العقاد، واستغلاله كدعاية لها وأنها ستغزو أوروبا وبالتحديد إيطاليا، وبالفعل وقعت أعمال إرهابية لا سيما فى بلجيكا وفرنسا، مما جعل إيطاليا تحتاط. كما أنتج التنظيم عددا من الأفلام ذات جودة عالية، تهدف إلى تجنيد جمهور أصغر سنا، وبعض الخبراء الأمريكيين قدر إنتاج الفيلم القصير الذى تبلغ مدته 16 دقيقة ب 200 ألف دولار!!
إنتاج محدود
يوجد الفيلم الفرنسى الوثائقى الذى أثار ضجة «سلفيون Salafistes» من إنتاج 2015 الذى يركز على أحداث «تمبكتو» ويظهر فى أحد مشاهده عمر ولد حماه أحد القادة الجهاديين المشهورين فى مالى ويتطرق لموريتانيا وتونس، ويلقب باسم «صاحب اللحية الحمراء»، وهو ناشط من قبائل عرب أزواد فى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى، كما يتطرق الفيلم لتنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق (داعش)، ويعتمد على لقطات دامية من تصوير التنظيم ذاته. وتعرض الفيلم للمنع فى التليفزيون الفرنسى بسبب بعض مشاهد العنف، ودافع مخرج العمل فرانسوا مارجولان عن مشاهده، قائلا إنها لا تستغرق ثوانى، وأوضح أن فيلمه لا يعبر عن الإسلام ولا عن السلفيين، لذا جعل اسم الفيلم نكرة وليس معرفة لأنه يتناول مجموعة معينة تعبر عن مفاهيمها، وكما قال فى مناسبة سابقة «عندما نظهر أعمالهم وأقوالهم، فنحن نرد عليهم من جنس أعمالهم ولا نتبناها أو نروّج لها.. ونحن نعلم أن جمهورنا ذكى.. ولا تريد السلطات أن يعرف المواطن الفرنسى الحقيقة»! كما يوجد فيلمان من النوعية الوثائقية من إنتاج فرنسى عن تنظيم الدولة، الأول بعنوان «فى قلب داعش»، والثانى «ليبيا: داعش على أبواب أوروبا».وهناك فيلم وثائقى إنجليزى حصل على تقدير عال من الجمهور بعنوان «البحيرة المريرة Bitter Lake»، يتطرق لفكرة أن دولا لعبت دورا فى أفغانستان وكانت تعتبرها معملا للتجارب مما سيسبب مشاكل فيما بعد، ومنها ظهور داعش، وكذلك الفيلم الأمريكى الوثائقى من جزءين «داعش والشام: صعود الإرهاب ISIS:Rise of Terror « إنتاج 2016، ويروى تطور داعش من ميليشيا إلى أكثر التنظيمات الإرهابية خطورة فى العالم، واعتمادها على شعارات براقة تجذب الشباب من أنحاء العالم لإقامة دولة الخلافة التى تتبنى كل المبادىء السامية.
وبالكاد نجد فيلما أمريكيا من النوعية الروائية الطويلة بميزانية ضئيلة وغير معروف، وبتقدير فنى ضعيف يتناول داعش وهو بعنوان «جارهيد 3: الحصار Jarhead 3 : The Siege» إنتاج 2016 كتكملة لفيلم «جارهيد 2 : ميدان النار» فى 2014 وتدور الأحداث فى أفغانستان، أما الجزء الجديد فيروى قصة العريف أولبرايت فى البحرية الأمريكية الذى يتم إرساله إلى السفارة الأمريكية فى الأردن، ويجد صعوبة فى الاندماج مع الجنود وتحدث بعض المشاكل مع بعض القادة، ويكتشف أولبرايت أن هناك محاولة لهجوم إرهابى على السفارة وأن الهجوم من قبل شخص يدعى خالد العسيرى، لكن السفير لم يستمع إلى تحذيراته بسبب معلومة أن العسيرى قد تم قتله فى عملية سابقة، وتثبت صحة تحذيرات أولبرايت، ويتم الهجوم على السفارة واقتحامها ومحاصرة السفير ومجموعة من الموظفين والجنود، ويحاولون الاختباء فى الغرفة الآمنة، لكن هذا الأمر لا يدوم طويلا، بسبب تمكن الإرهابيين (داعش) من الوصول إليهم، إلا أن العريف أولبرايت يستطيع إنقاذ السفير وبعض الجنود والموظفين فى السفارة ونقلهم إلى خارج السفارة حتى وصول قوات الدعم، وفى هذا الهجوم يقتل الكثير من الجنود.
الذى لا يذكر اسمه
يقول الرئيس الأمريكى الراحل جون إف. كيندى «دعنا لا نتناقش أبدا بدافع الخوف، لكن دعنا أيضا لا نخشى النقاش قط»، فكأن هناك مخاوف تقف حاجزا بين السينما وداعش، ولا يقوى السينمائيون على مناقشة ما يجرى من أحداث مليئة بالدراما! فهل اسم داعش مخيف لهذه الدرجة؟
فى الفيلم الأمريكى «القرية » من نوعية التشويق وإنتاج 2004، نجد قرية منعزلة كأنها تعيش فى القرن التاسع عشر وتبدو حياة سكانها مثالية وآمنة، ثم نكتشف أنهم يعيشون فى رعب ولا يستطيعون تجاوز حدود الغابة التى تحيط القرية، خوفا من أشباح يخافون من ذكر اسمها حتى لا تحضر، ويتضح فيما بعد أنها أكذوبة اخترعها الجيل الأكبر سنا حتى يبتعد عن المدنية الحديثة، بعدما تعرض لأحداث مؤلمة، واختار هؤلاء أن يربوا أبناءهم بهذه الطريقة المتخلفة، خوفا عليهم من شرور العالم الخارجى! لكن بالفعل تحدث جريمة قتل وتكون النهاية أن تنكشف هذه الحياة المزيفة!
والبعض يتعامل مع داعش بالفعل كفيلم هوليوودى، ويرون أننا لسنا بحاجة لإنتاج فيلم هوليوودى عنه؟ وظهر من خلال مواقع التواصل الاجتماعى هاشتاجان هما #داعيشوود و#داعشوود لتحليل الأفلام التى يبثها داعش أو السخرية منها، وأنها استهانة بعقول المشاهد، منها تحطيم التماثيل الأثرية فى متحف الموصل ومنها قتل المصريين فى ليبيا على الشاطىء! وهناك أفلام تتجاوز فكرة تسجيل العمليات، فنجد نشيد «صليل الصوارم» والفيلم الوثائقى عن صعود داعش « ولو كره الكافرون»، واستخدام للغة الإنجليزية فى بعض هذه الأعمال المصورة، وغالبا ما يدور حديث المنتقدين حول تقنيات التصوير والإخراج العالية التى يملكها التنظيم الإرهابى بالإضافة للتشكيك أحيانا فى صحة ما نشاهده. فالبعض يرى أنه ربما يكون داعش فيلما هائلا فى حد ذاته له بداية ونهاية مرتبطة بتنفيذ غرض معين، حتى إن البعض ذهب لأبعد من ذلك قائلا: إن ما يقدمه داعش هو بالفعل إنتاج هوليوودى!! فنشرت مواقع إلكترونية تقارير تحاول إثبات أن هناك خديعة فى الأمر، ومنها موقع «ويكيسترايك» الفرنسى الذى يتخذ شعاره «لا أحد فوق الحقيقة»، ويحاول التقرير التأكيد أن أفلام داعش وراءها منتجون كبار وبالتحديد فى أمريكا، فيقول الموقع «كان عام 2014 نقطة تحول حقيقية فى العمل الإعلامى للجماعة الإرهابية داعش ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتابع الجميع باستغراب العديد من أشرطة الفيديو والتسجيلات المتعلقة بتنفيذ أحكام الإعدام، التى استفزت ذوى الخبرة فالجودة العالية لا تتماشى مع إمكانات مجموعة قتالية على الأرض»، وأكمل التقرير مؤكدا أن هذه الأفلام التى تنتجها وتوزعها داعش عبر مختلف وسائل الاتصال التى تظهر عمليات الإعدام وقطع الرؤوس وراءها إنتاج بملايين الدولارات. فهناك ميزانية لملابس الميليشيات وتقنيات التصوير عالية الجودة HD، وتحرير المادة، والتصوير فى أماكن مختلفة، والمؤثرات السمعية والبصرية لا تختلف عن تلك التى تنتجها شركات الأفلام الأمريكية العالمية فى هوليوود، وأن هذا العمل يتطلب فريقا من الخبراء.
فيديوهات قطع الرءوس وبقى السؤال هل بالفعل ستديوهات هوليوود تنتج أفلاما لداعش؟! ووفقا للموقع الإلكترونى «ناشيونال ريبورت»، اعتقلت السلطات الفيدرالية الأمريكية ثمانية أشخاص متهمين بالتحريض ودعم الإرهاب من خلال أشرطة الفيديو من قطع رؤوس الرهائن إنتاج داعش!!فداهمت السلطات الأمريكية مقر شركة إنتاج «فاينال سولوشن» وألقت القبض على ستة أشخاص، واثنين آخرين فى المنزل، ولم يتم الكشف عن أسمائهم. فهل يمكن لأحد أن يتصور أن شركة أمريكية تشارك فى هذا الواقع؟!وقال الموقع نفسه إن الشركة الأمريكية ربما تعاونت مع عدد من الاستديوهات، لتنتج أفلاما محددة لداعش فى هوليوود تحت غطاء إنتاج لأشرطة إعلانات. ويرى الموقع أن كل ذلك من أجل الإيرادات المالية، وأنه ليس جديدا على شركات هوليوود أن تفعل هذا فى مقابل المال». وفى نفس السياق، نشرت الصحيفة البريطانية «صنداى تايمز» أن خمسة شباب برتغاليين يشرفون على إنتاج أفلام قطع الرءوس عالية الجودة!! وأن هذه المجموعة سافرت إلى بريطانيا لقضاء وقت طويل، وكانت تحت أعين الاستخبارات البريطانية قبل أن تغادر للقتال إلى جانب داعش فى سوريا!! وفى تقرير نشرته الأممالمتحدة عن داعش، فإنه يشير إلى أن التنظيم الإرهابى له هدفان من خلال نشر أشرطة الفيديو: ترويع السكان المدنيين فى المناطق الخاضعة لسيطرتها، وجذب مقاتلين أجانب جدد وجلب مساعدات مالية إضافية.
والبعض الآخر يستبعد وجهة النظر هذه المبالغ فيها أو الخيالية، ويعتبر أن التنظيم حقيقى مثل تنظيمات إرهابية أخرى لكنه حديث العهد، بعكس تنظيم القاعدة الذى تبلورت صورته أكثر، فكل ما يحيط بداعش مبهم، ومن الصعب الإمساك بالمعلومات أو معرفة كل الجوانب والمادة ما زالت فقيرة، حتى إن الأفلام الوثائقية تعتمد بشكل كبير على الأفلام التى يبثها داعش من خلال الذراع الإعلامية، وهو الموقع المعروف باسم وكالة «أعماق»، فبالتالى يصعب تناولها حتى الآن فنيا، وهناك أيضا من يعتقد أنها ظاهرة لا تستحق التوقف فهى بلا شك تثير الانتباه، لكن سرعان ما ستتلاشى كأنها لم تكن، وأن التنظيمات المسلحة الأخرى ربما تكون أعلى فكرا!