انتفاضة الأسرى فى الجامعة العربية.. اجتماع طارئ ووقفة تضامنية للرد على انتهاكات الاحتلال !

أبو الغيط: نقف كتفاً بكتف مع هؤلاء الأبطال الصامدين من أجل تحصيل الحد الأدنى من حقوقهم الإنسانية

جمال الشوبكى: مليون فلسطينى عانوا من تجربة الاعتقال فى سجون الكيان الصهيونى

فرضت انتفاضة الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الصهيونى، حضورها على الجامعة العربية على نحو يشكل دعما معنويا لها، وهو فى حد ذاته مطلوب فى ظل استمرارها، وفى الوقت نفسه إصرار سلطات الاحتلال على مواصلة انتهاكاتها لحقوقهم، ولم تكتف الأمانة العامة للجامعة بعقد الاجتماع الطارئ لمجلسها على مستوى المندوبين بناء على طلب دولة فلسطين، وإنما نظمت وقفة تضامنية لإعلان مساندتها للأسرى فى انتفاضتهم، والتى يقابلها الكيان بكل برود وتحد
بيد أن تحديهم لغطرسته وتجاوزاته وعناده أكبر وأكثر صلابة على الرغم مما كل يتخذه من إجراءات عنيفة وصلت إلى حد منع المياه والملح، وهما السلاح الذى يعتمد عليه الأسرى فى تنفيذ إضرابهم، وفى الآن ذاته المحافظة على حياتهم، ومع ذلك فإن هذا لا يكفى، فالأمر بات يستوجب مقاربة عربية مغايرة لما هو سائد فى التعاطى مع الاحتلال الصهيونى الذى لا يعير أى اهتمام لردود الفعل العربية التى تتسم بالملاطفة والمبادرات الحسنة النية على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.

اجتماع طارئ لماذا؟
ولكن لماذا دعت فلسطين لعقد الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية ؟ جمال الشوبكى سفير فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة يجيب قائلا: لقد طلبنا عقد هذا الاجتماع لبلورة موقف عربى جماعى لدعم ومساندة نضال ومطالب وحقوق ما يزيد على (6500 ) أسيرة وأسير، يقبعون فى ظلام سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبالأخص لمواكبة ودعم إضراب الحرية والكرامة، وهو إضراب مفتوح عن الطعام، يخوضه أكثر من 1800 أسير فلسطينى منذ 17 إبريل الماضى الذى يوافق يوم الأسير الفلسطينى من كل عام، وهو يرى أن الإضراب عن الطعام وسيلة نضالية يمارسها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون للضغط على السجّان الظالم، من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية والقانونية العادلة، وفقاً للقوانين الدولية، خصوصا القانون الدولى الإنساني، ولإنهاء ظروف اعتقالهم وأوضاعهم المأساوية فى سجون الاحتلال الإسرائيلي، بما فيها الانتقاص من حقوقهم فى زيارات الأهل، والتواصل مع ذويهم، بل تعمد الإساءة إلى أسرهم أثناء الزيارات، وعدم توفير الرعاية الصحية المناسبة لهم، وممارسة التمييز العنصرى الممنهج ضدهم.
ويدعو الشوبكى، وهو عاش تجربة الأسر فى سجون الاحتلال ثم تحرر منه، لاتخاذ موقف عربى يرقى إلى مستوى عذابات الأسرى الفلسطينيين والعرب فى سجون الاحتلال الإسرائيلي، والتصدى لجرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني، خصوصا فى هذه الآونة، الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية "هذه المعركة التى كنا نطلق عليها فى الأسر، خيار الصفر، حين لا يترك لنا الاحتلال وسيلة أخرى للمطالبة بحقوقنا العادلة".

مليون فلسطينى فى سجون الاحتلال
وطبقا للشوبكى فإنه مرّ على سجون الاحتلال الإسرائيلى قرابة مليون فلسطيني، وهذا يعنى أن ما نسبته 8.5 فى المائة من أبناء الشعب الفلسطينى قد عانوا من تجربة الاعتقال فى سجون الاحتلال، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تعتقل حالياً 6500 من خيرة أبناء وبنات الشعب الفلسطينى المناضل، بينهم 300 طفل، و57 أسيرة، و1800 مريض يعانى مشاكل صحية جدية بعضها يهدد الحياة، كما تعتقل سلطات الاحتلال 13 من نواب المجلس التشريعى الفلسطينى المنتخبين، منهم القائد مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، بالإضافة إلى عدد كبير من قيادات فصائل العمل الوطنى الفلسطيني، بينهم أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية إلى جانب ذلك فإن عدد الأسرى الأبطال الذين قضوا فى سجون الاحتلال بلغ فترات تزيد على 20 عاماً،يبلغ 44 أسيراً، منهم 13 اعتقلوا قبل توقيع اتفاق أسلو عام 1993، أقدمهم الأسيران كريم يونس، وماهر يونس من فلسطينيى الداخل (1948)، المعتقلان منذ أكثر من 34 عاماً، وتحديداً منذ يناير عام 1983، والأسير نائل البرغوثي، الذى قضى أطول فترة اعتقال فى سجون الاحتلال، وهى أكثر من (36) عاماً، وقد بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 210 شهداء ، منهم 13 أسيراً استشهدوا فى الأعوام الستة الأخيرة بسبب الإهمال الطبى المتعمد.

رسالة إسناد وإكبار
وفى رأى أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية فإن الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين بعث برسالةُ تضامن وإسناد وإكبار لإضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، ويؤكد أن الجامعة تقف، كتفاً بكتف، مع هؤلاء الأبطال الصامدين فى نضالهم من أجل تحصيل الحد الأدنى من حقوقهم الإنسانية التى قررتها المواثيق الدولية، مؤكدا أن الإضراب يحمل رسالة للعالم أجمع، ليس بشأن أوضاع الفلسطينيين خلف قضبان السجون الإسرائيلية فحسب، وإنما هى رسالةٌ من كل فلسطينى يعيش مأساة الاحتلال بكل ما ينطوى عليه من قهر ومُعاناة وحرمان من الحقوق وانتهاك للآدمية والكرامة..
كما أنه - أى الإضراب - يُذكر العالم كله بقضيتهم، لا سيما بعد رصد مظاهر لعودة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة العالمية وهو ما تسعى الجامعة العربية معه إلى إلى اغتنام فُرصة الزخم الدولى المؤيد للحق الفلسطيني، كما تجسد فى قرار مجلس الأمن 2334 الذى طالب إسرائيل بوقف الاستيطان باعتباره غير شرعي، وانتهاء بقرار اليونيسكو الأخير قبل أيام الذى أعاد التأكيد على أن القُدس مدينة فلسطينية مُحتلة، وأنه لا اعتراف بالسيادة الإسرائيلية عليها..
ويضيف أبو الغيط : علينا اغتنام المناخ الدولى القائم لتصعيد الضغوط السياسية على إسرائيل لتُقر بحق الفلسطينيين الثابت فى إقامة دولتهم المُستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القُدس الشرقية.

سياسات القمع والترهيب
وفى كلمته أمام الوقفة التضامنية لإضراب الأسرى الفلسطينيين الذى نظمته الأمانة العامة للجامعة العربية قال أبو الغيط: إن وقفتنا من هنا، بيت العرب، هى رسالةُ وفاء وتضامن ودعم ومساندة لإخواننا من الأسرى الفلسطينيين، وتحية إجلال منّا لكل أسير صامد فى سجون الاحتلال.. وتحية لكل أسرانا القابعين فى السجون الإسرائيلية والذين يتجاوز عددهم 6500 أسير...فيهم المريض والمُسن والحدث.. تحية وفاء وإكبار لأسيراتنا اللاتى يقبعن خلف القضبان فى صمود نادر، مع أنه ليس غريباً على المرأة الفلسطينية...
ويلفت النظر إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بسياسات القمع والقهر ولا بممارسات ترهيب السُكان الذين يُكابدون ويلات الاحتلال فى صمود بطولى أو بسياسات الاعتقال الإدارى التى لا وجود لها فى أى مبدأ قانونى، بل صارت تتعمد أن تجعل حياة الأسرى جحيماً، وأن تحيل أيامهم وراء القُضبان عذاباً، عبر الإهمال الطبى المُتعمد والحرمان من أدنى الحقوق الإنسانية التى تُقررها اتفاقية جنيف الرابعة.
ويؤكد أن إضراب ما يزيد على 1500 أسير بسجون الاحتلال الإسرائيلى هو رسالةٌ إلى العالم كله.. رسالة قرر الأسرى، وفيهم المريض والشيخ الهرم، أن يبعثوا بها من خلال معاناتهم، مُخاطرين بأرواحهم من أجل الحصول على أبسط الحقوق الإنسانية التى أقرتها جميع المواثيق والقوانين والأعراف الأخلاقية، داعيا العالم لأن يستمع إلى هذه الأصوات الحُرة القادمة من وراء قُضبان سجون الاحتلال، مشددا على قيام الأمم المتحدة بأن تضع حداً لصلف إسرائيل واستهانتها بالإجماع الدولى المُتنامى تأييداً للحق الفلسطيني، والذى كان آخر مظاهرة قرار اليونسكو الأخير باعتبار البلدة القديمة فى القدس فلسطينية خالصة من دون أية سيادة إسرائيلية عليها.

توفير حماية دولية
وبعد مناقشات ومداخلات تحدث فيها عدد من المندوبين الدائمين، دعا مجلس الجامعة العربية ، الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة المعنية إلى إرسال لجنة تحقيق دولية إلى السجون الإسرائيلية للاطلاع على الانتهاكات التى ترتكب بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب، مؤكدا ضرورة قيام الأطراف السامية المتعاقبة فى اتفاقيات جنيف الأربع بإلزام إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) بتطبيق الاتفاقيات على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فى ذلك الأسرى والمعتقلون فى السجون الإسرائيلية.
وجدد المجلس دعمه وتضامنه الكامل مع الأسرى الفلسطينيين والعرب فى سجون الإحتلال الإسرائيلى الذين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام ابتداء من 17 إبريل الماضى، الذى يصادف "يوم الأسير الفلسطينى من كل عام" ، وذلك كوسيلة نضالية من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية والسياسية العادلة وعلى رأسها حقهم فى المعاملة كأسرى حرب وفقا للقوانين الدولية وانهاء ظروف اعتقالهم وأوضاعهم المأساوية وغير الإنسانية فى سجون الإحتلال الإسرائيلى بما فيها حرمانهم من حقهم بالزيارة والتواصل مع ذويهم والإساءة إلى أسرهم ووقف التمييز العنصرى الممنهج ضدهم .
وقرر المجلس دعوة الدول العربية والمؤسسات والأفراد إلى دعم الصندوق العربى لدعم الأسرى الذى تشرف عليه جامعة الدول العربية الذى أقرته قمة الدوحة الرابعة والعشرون بالقرار رقم 574 فقرة 19 بتاريخ 26 مارس 2013، كما قرر دعوة المجموعات العربية فى المنظمات الدولية ومجلس السفراء العرب وبعثات الجامعة لمتابعة تنفيذ هذا القرار.
ودعا المجلس، الأمين العام للجامعة العربية إلى متابعة تنفيذ هذا القرار ورفع تقرير بشأنه إلى الدورة 148 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري .
كما قرر المجلس البقاء فى حالة انعقاد لمتابعة تطورات قضية حقوق الأسرى الفلسطينيين والعرب فى سجون الاحتلال الإسرائيلي.