لو سألت أي طبيب شاب أو حتي أي مريض ممن تضطرهم طبيعة مرضهم الي التردد علي أقسام الطوارئ في المستشفيات عن أهم ما يشغلهم ستكون الإجابة الأمن منع ما يسمي البلطجة, والمنظور الحالي لعلاج هذه المشكلة هو منظور أمني بحت اي توفير حراسة داخل اقسام الاستقبال في مداخل المستشفيات وتوفير دوريات من شرطة النجدة للانتقال علي الفور عند اي ابلاغ بحدوث عنف, وهذه النظرة هي استمرار لسياسة ماقبل25 يناير من اعتبار الحل الأمني هو الحل الأمثل بل وفي كثير من الاحيان الحل الوحيد لأي مشكلة بدون التعمق في اسبابها والتعرف علي وسائل حلها. والحقيقة ان كثيرا من حالات مايسمي بالبلطجة هي نتاج الفجوة الهائلة بين مايستحقه المريض ومايتوقعه اهله من جهة وبين ماتقدمه المنظومة الصحية الحكومية في اي مكان من جهة اخري, والكثير من حوادث العنف بدأت عندما قيل للمريض او اسرته لاتوجد أسرة خاليه او ان المريض في حاجة لاشعة مقطعية غير متوافرة في المستشفي ومن البديهي ان هذا الرد لايبرر العنف الذي قد تقوم به اسرة المريض ولكنه يفسره ويمكننا من ان نمسك الخيط المؤدي للحل. والوجود الأمني الفعال وليس الشكلي مطلوب بشدة. ولكنه يجب الا يكون الوحيد... المطلوب فورا هو تحسين الخدمات الصحية العاجلة ونظام التعامل مع الطوارئ. وحتي تنتهي جملة لاتوجد أسرة خالية يجب ان نربط عربات الاسعاف لاسلكيا بشبكة الاتصالات تمكنها من التوجه نحو المستشفي الذي يمكنه علاج المريض بالكامل او علي الاقل يجب ان يشمل النظام ان يعرف كل استقبال اين توجد الاسرة الخالية في المستشفيات القريبة وان يتولي بنفسه نقل المريض اليه ونفس مايقال عن الاسرة يمكن ان يذكر عن كل الابحاث اللازمة اذا لايكفي ان يقال للمريض ان الاشعة المقطعية ضرورية لتشخيص الحالة لكنها غير موجودة او لاتعمل بل يجب ان يتولي المستشفي مسئولية نقله الي اقرب مركز تتوافر فيه هذه الخدمة. وظني ان هذا بالاضافة الي توفير الوجود الأمني الفاعل سيكفل حل مشكلة الأمن في أقسام الطواريء في المستشفيات. د. خيري عبدالدايم أستاذ بطب عين شمس