فرق كبير بين الراحة والارتياح.. بقرص اسبيرين يذهب الصداع, ولكن الدماغ لا يعرف الراحة.. بحبة منومة يجئ النوم ويستريح الجسد.. ولكن العقل لا يعرف الارتياح.. بكلمة حلوة تجف دمعة ويلتئم جرح, ولكن راحة القلب لا تجئ.., وكان آلهة الإغريق يحولون أنفسهم من آلهة إلي حيوانات, أو من حيوانات إلي بشر علي سبيل التغيير!. ومن يقرأ قصص آلهة الإغريق يجد أنهم أكثر عذابا من البشر, لأنهم في غاية القلق وعدم الرضا عن حالهم.. تري الواحد منهم طائرا في الهواء فيجد أحد رعاة الغنم تحت شجرة فيحسده علي ما هو عليه. وكما يكون التعب تكون الراحة, فالذي يتعب قدميه من المشي, فراحته أن يمدد ساقيه, والذي يتعب من الأرق راحته أن ينام, والذي يتعب من الكلام فراحته أن يسكت أو يستمع إلي من يقول له.. أو أن يقرأ كلاما أجمل وأمتع من الذي يقوله أو يسمعه إلا الارتياح.. فأنت تجده عندما تقول كلاما من أعماقك, أو تسمع كلاما من وجدان أحد. أو عندما لا تقول ولا يقال لك شئ.. أو عندما لا تسمع أو يسمعك أحد.. أي عندما تكون حالك.. علي راحتك.. علي حريتك.. لا يهزك الناس ولا تهزهم.. أي عندما يسكت كل شئ حولك أو في داخلك.. أي أن تكون في حالة من الغني بالنفس والغني عن الناس!. ولذلك فأروع أوصاف أهل الجنة والنعيم هي التي جاءت في القرآن الكريم يقول الله تعالي: لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما.. فإذا جاءت نسمة ارتياح واحدة, فهي رائحة الجنة قد هربت من ثقب الباب الذي يقف عليه سيدنا رضوان, ومن النادر أن يحدث ذلك!. amansour.ahram.org.eg المزيد من أعمدة أنيس منصور