عندما يتم شطب03 سنة من التاريخ حكمنا فيها حسني مبارك باعتبار أنها كانت سنوات ذل وفساد ورشوة وتزوير وظلم وسلسلة من الأعمال التي نخجل منها, فهذا ليس إدانة لمبارك. وإنما لملايين المصريين الذين ارتضوا, وقبلوا أن يعيشوا كل هذه السنوات الطويلة من الخداع والتمثيل والنفاق والكذب, إدانة لكل الذين تولوا أي مسئولية في هذه السنين مهما يكن منصبه, للوزراء والقادة والمدرسين والأساتذة ولكبار الدعاة والشيوخ الأجلاء الذين ذهبوا في موكب كبير لتهنئته بالنجاة من محاولة الاغتيال التي تعرض لها في أديس أبابا في يونيو.59 يومها ذهب إليه شيخ الأزهر وبابا الكرازة المرقسية والشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد الغزالي, وقد تحدث كل منهم معبرا عن مشاعره التي لابد أنها كانت كاذبة ومخادعة ومنافقة!. ومن السهل شطب تاريخ شخص, ولكن من المستحيل شطب تاريخ شعب, وقد جرت من قبل محاولة شطب تاريخ هذا الشعب أيام فاروق بعد نجاح انقلاب يوليو25 الذي أيده الشعب, فقد أقامت الثورة شرعيتها علي أساس أن تاريخ مصر بدأ منذ قيامها, وما قبلها كان الفساد الذي توجه حكم الملك فاروق, ثم جاء الوقت الذي اكتشف فيه ملايين المصريين أنه كان لهم تاريخ قبل ثورة يوليو, وأن العصر البائد قبل25 لم يكن كله ظلاما, وأن فاروق بدأ ملكا محبوبا له سجل من الأعمال الإيجابية ثم فسد.. واليوم تتكرر إسطوانة شطب تاريخ مصر مع مبارك الذي لم يكن عصره كله فسادا وسجونا وسرقات, بل كان لأكثر من ثلاث فترات حاكما جيدا له سجله لكنه فسد, وهو ما يجب أن يكون درسا نتعلم منه ألا تطول فترة الحاكم, وألا يكون مطلق السلطات ولا رقيب عليه, وألا نتنازل عن اعتبار الحاكم مواطنا بدرجة أعلي اخترناه ليحكمنا لا ليسودنا, وألا نجري وراء عواطفنا ونتسابق لإطلاق اسمه علي كل شيء وأي شيء, وألا نحوله إلي زعيم نهتف له وبنفس الحماس نلعنه! [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر